لم تتحرك أو تطور أو تنمو المجتمعات الإنسانية منذ بزوغ التاريخ البشري القديم الي التاريخ الإنساني الحديث.. إلا عبر مراحل قفز احدثت تغيرات جذرية مفلترة للثقافات الموروثة في حالة من الانتقاء لبلوغ مناخ يضمن صلاح وسلامة المجتمع الحديث المنشود... فهنا الهدف الأم والرئيس الذي يتحدث عن ذاته هو التطوير الذي لا يمكن أن يحدث إلا بقدر من التخلي وكسر التابوهات والمسلمات المفروضة والتي قد لا تكون لها اصل صحيح وقاعدة سليمة تسند عليها.. بل ما تستند عليه في الأغلب هو العادة والتمسك وربما التعصب من اجل بقاءها... فتلك التابوهات وصلت أحيانا إلي القديس حتى لو كانت غير منبثقة من الدين.. فالعادات والتقاليد التي تحمي الإنسانية هي من يحرص الإنسان على تعزيزها.. ولكن العادات التي يظن مجموعة ما في عصر ما وزمن ما وحقبة ما أنها ملهمة وتحل مشكلة قد تكون هي في الأصل مشكلة واوجدت تجني.. ونعطي مثالا هنا بالختان... فقطعا من كان يقوم بقطع أجساد فلزات أكباده كان يظن أن في ذلك خير..وحين تحدثنا لوقف تلك العادة تمت مهاجمتنا وربما نعتنا بابشع الصفات.. لنرى اليوم النظرة البشعة لهذه الممارسة... إذا أن التابوهات لا يكسرها إلا القفازات والإصرار على الكسر وأن التطوير وتغير الثقافات تحتاج منا لجرأة التعدي على عقامة المشهد الثقافي الرزيل فليس كل ثقافة محموده وليس كل ممارسة مهما طال وقت مارستها صحيحة وليست كل فكره مهما كثر عدد مروجيها ومتبنيها مؤكد انها آمنه مفيده... لن يحدث تطوير في مجتمعنا إلا بالقفز والكسر لتابوهات كثر عليها العفن.. فترك مساحات حرية التدبر والتطوير الإنساني متحرر العمل أمر مهم بل ملح حتى يلوح لنا الأفق بغدا أفضل... فعلماء الانثروبولوجيا أي علم دراسة الإنسان يأكدون أن العناصر البيئية والثقافية تؤثر بشكل مباشر على حياة الإنسان ومدى تطوره الفكري وحتى الشكلي والموضوعي.

والحقيقة الأعم والأشمل والمعبر عن واقعنا المصري اننا ناقلين ليس مطورين بالقدر الذي يضمن لنا قفزات قد تغير في البناء المجتمعي نحو الأفضل .. فمن منا يصعد للتطوير سيلقي حدفه.. ولن يترك له المجتمع حتى الحديث والبحث والنقيب وعرض ما توصل له من أفكار علمية كانت أو استنباطية مبنية على الملاحظة ... يبدو أننا يروق لنا الثبات فهو آمن لكل خائف ناقل غير مفكر.. التفكير والاختلاف أصبح شبح يهدد مالكي ساحات العبث الارتزاقي فهو مهدد لحياتهم بل رزقهم وربما لسلامة غرائزهم النهمة المتوحشة.