خط أحمر
السبت، 20 أبريل 2024 12:28 صـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

تحقيقات

الليبرالية المفهوم الوحيد القادر على توحيد الأطراف المتصارعة

أستاذ فلسفة الزقازيق: يجب على الدولة أن تعاقب كل من يرفع راية العصيان ضدها

خط أحمر

يجب أن نتشرب السياسات الاجتماعية لليبرالية ونفصل بين الدين والدولة

يُعد مصطلح التعددية أحد المصطلحات الأساسية لنظام عالمي جديد، يُلهم تنوع الثقافات وأنظمة المعتقدات والقيم كلاً من البهجة للتعبير البشري والرهبة من الصراع الذي لا يمكن تسويته، ولقد أصبح الاحتجاج بالتعددية دعوة، وحثًا عاجلاً لمواطني العالم على التصالح مع تنوعهم. وتشير العديد من النزاعات حول العالم إلى أنه يمكن أن تصبح الصدامات بين الثقافات المتنوعة مصدرًا رئيسيًا لتجريد الآخر من إنسانيته.

ولذلك فقد أصبح التفكير في مسألة التعددية الدينية ذات أهمية حاليا، ويأتي هذا من موقع النظر في الحل للجماعات الدينية والعرقية التي تعاني من الكراهية والصراعات وتفجُّر العنف وبطبيعة الحال، ينطبق هذا على الجماعات والطوائف التي لم تصل بعد الى الاعتراف الكامل بعضها بعضا، كما هو الحال في الطوائف في العالم الإسلامي عموما، ومنطقة الشرق الأوسط خصوصاً.

ومن هذا المنطلق، ولاستيضاح الأمور دار هذا الحوار بين المفكر العراقي الدّكتور عليّ رّسول الرّبيعيّ، والمفكر المصري الأستاذ الدكتور ظريف حسين، أستاذ ورئيس قسم الفلسفة وعميد كلية الآداب جامعة الزقازيق سابقًا، حول مشكلة التعددية الدينية والعرقية في الدولة العربية.

وإلى نص الحوار:

س1: إن مسألة كيفية الحفاظ على المجتمع في مواجهة الانقسامات المحتملة تستحق الاهتمام الشديد. فكيف يمكن أن تقوم التعددية الاجتماعية داخل الدولة الحديثة من وجهة نظركم ؟

ج1: ليس هناك من حل سوي صياغة دساتير توافقية ترسخ لقيم المساواة بين المواطنين علي أساس المواطنة فقط، وليس علي أي أساس آخر، مهما كان.

س2: إنً إحدى السّمات الأكثر بروزا للسّياسة في عصرنا هي تنامي طلب الجماعات الثّقافيّة المختلفة الاعتراف بهويّة خاصّة مميّزة لها. فمطلبها الأساس أن ينفتح النّظام السّياسيّ الدّيمقراطيّ تجاهها ويتخلّى عن السّياسات والإجراءات التي تضرّ بها أو تتجاهلها، وأن يتمّ الاعتراف بها على قدم المساواة مع الهوّيّة الثّقافيّة للأغلبيّة أو الهوّيّة السّائدة. وترد هنا عند الوهلة الأولى جملة من الأسئلة من مثل:

ـ ما هو حجم الاعتراف المطلوب؟

ـ كيف ينشأ؟

ـ وهل هو مُبرّر طبقاً لشروطه الخاصّة؟

ـ وهل سيكون الإجماع عليه متوافقًا مع الشّروط السّياسيّة للدّيمقراطيّة النّاجحة؟

ج2: لا شيء في الأمور الإنسانية يحصل علي إجماع تام، وكلمة "إجماع"، هنا، تعني توافق الأغلبية علي بنود معينة في الدساتير تعالج المشكلات الطبيعية الناجمة عن التباينات الثقافية، وخاصة الدينية والعرقية، وهي أهم المشكلات التي تواجه بلادا عربيَةّ کْثًيَرةّ. ويكفي أن يتشكل رأي عام في هذه الدول للتحول إلي دول حديثة تعترف بالأقليات، بشرط ألا يتحول هذا الاعتراف إلي سيف مسلط علي رقبة الدولة، وجمهور المواطنين.

س3: كيف يمكن تفسير تحوّل بعض الجماعات أو، علي الأقل، تحوّل أكثر المتحدّثين باسمها صخبًا من سياسة الإدماج إلى سياسة الاعتراف؟

ج3: الإدماج فعل إيجابي لن ينجح إلا بقبول من المطلوب إدماجهم؛ فبعض الأقليات، بغض النظر عن معيار تصنيف المواطنين، تزعم لنفسها الأفضلية، وتدعي لنفسها القيادة السياسية؛ لأنها تظن حيازتها للقيادة الروحية، أو حتي للعصبية، أو لأي أصل تاريخي أيا كان؛ وفي هذه الحالة فإن محاولة الإدماج ستفشل، ويجب ألا يكون هذا الفشل حجة للفاشلين كي يطالبوا بالاعتراف، خصوصا مع الجماعات والفئات التي تعتنق أفكارا ضد الإنسانية، ناهيك عن وقوفها ضد سيادة الدول علي أراضيها، ووحدة شعبها... وحتي الفئات الشاذة أخلاقيا والتي تريد من المجتمع السوي الاعتراف بها باسم الليبرالية كالشواذ جنسيا... وهذا شيء غير مقبول.

س4: لماذا أصبحت المشاركة السّياسية مهمّة بالنّسبة للنّاس ليس كمواطنين متساوين لكن بوصفهم حَمَلة لهوّيّة فئويّة؟

ج4: إن الهوية الوطنية يجب أن تجُبَّ كل مفهوم آخر خاص، مهما كان عزيزا علي النفس أو الجماعات والطوائف، وبناء عليه، يجب علي الأفراد المشاركة في كل الشئون السياسية بوصفهم مواطنين وكفي، وأن يتركوا هوياتهم الخاصة علي باب مقار الاقتراع العام.

س5: ما الذي يدفع جماعة طالبت بالتّسامح أو بالاندماج والمساواة إلى المطالبة بالاعتراف؟

ج5: لا يمكن التسامح ولا الاندماج لمن نرفضه وجوديا من حيث المبدأ؛ فالاعتراف يسبق كل شيء، بشرط اتفاقه مع النظام العام للدول ومصالحها القومية.

س6: قد لا تنشأ سياسة الاعتراف في الأعمّ الأغلب من فشل سياسة الاندماج أو من أوضاع تصبح فيها الهويات الجماعية متحولة وخاضعة للخيار الفردي على نحو متزايد، وإن ظلت هذه الهويات مهمة لحامليها. إن سؤالي التالي هو ما إذا كانت السياسة من هذا النوع قابلة للحياة: ما إذا يمكن أن توفر دولة ديمقراطية من أوضاع يتم فيها الاعتراف بالجماعات على قدم المساواة وتتشرعن هوياتهم في إطار سياسي؟ ولعلّ هذا التّحليل يقود مباشرة إلى السّؤال عن المعايير التي يمكن اعتمادها لتحديد الجماعات المؤهّلة للاعتراف السّياسيّ؟ أيّ سياسة مناسبة يمكن أن تكون ضروريّة لتمييز هوّيّات جماعيّة معيّنة على حساب أخرى؟

ج6: كل الجماعات والطوائف... يجب أن تفي بشرط وجودها في داخل النظام العام، وتعمل علي قدم المساواة، معا، في اتجاه تعزيز قوة الدولة ونهضتها. وهذا لن يحدث إلا في دولة كاملة الديمقراطية، وليبرالية إلي أبعد حد؛ لتستطيع احتواء كل التباينات داخل نسيجها الوطني.

س7: نطرح عليكم سؤال راولز الشهير: " كيف يمكن لأولئك الذين يعتنقون عقيدة دينية تستند إلى سلطة دينية ... أن يكون لديهم مفهوم سياسي معقول يدعم نظام ديمقراطي عادل؟".

ج7: إنك مهما كانت طبيعة اعتقادك الديني فإنك يجب أن تؤمن بالنظام الديمقراطي القائم علي المساواة والعدالة، وتكافؤ الفرص، والحرية الكاملة في التعبير والتصويت والملكية... ولك بعد ذلك احترام معتقدك ما دام لا يضاد الروح العامة للشعب، وهي جُمَّاع القيم التي يشترك المواطنون في احترامها.

س8: إذا أخذنا بعين الاعتبار بعض التّفاصيل المتعلّقة بالعرق، الجنس، الملّة، المذهب، الطّبقة والحزب، فقد يأخذ تأسيس جماعة مع كلّ بُعْدٍ شكلا منفصلا، إذ أنّ هؤلاء الأفراد الذين ينتمون لعرق أو جنس أو ملّة أو مذهب أو طبقة منهم من ينتمي مثلا لأحزاب علمانيّة ويشكّلون هوّيّة جماعيّة، كيف يمكن أن يكونوا مؤهلين للحصول على الاعتراف السّياسيّ؟

ج8: يجب ألا ننسي أن الدساتير تصاغ بالتوافق وليس بالتصويت الذي قد يَعمَي عن قيم معينة، أويتجاهل الأقليات التي ستكون بلا أصوات، أو تكاد؛ فينعدم تأثيرها لو علقنا الأمر برمته في رقبة التصويت. وبعد التوافق الذي يأخذ في الحساب القيم العليا للدول الحقيقية، وللدول المعنية، فإننا سنسن القوانين التي تحفظ للجميع الحقوق بناء علي وطنيتهم ليس إلا. فالاعتراف السياسي يأتي بالممارسات الشرعية للجماعات وليس بالوعود النظرية.

س9: هل تقدم الليبرالية حلًا لمسألة التعددية في هذا العصر، واذا كان ذلك كذلك فكيف يمكن أن يتعامل المفهوم اللّيبراليّ للمواطنة بنجاح مع مفهوم التّعدّديّة؟

ج9: الليبرالية هي المفهوم الوحيد القادر علي توحيد الأطراف المتصارعة، رغم أنني لا أفضلها مطلقة، ولكن ضمن حدود القيم التي يتفق عليها الناس.

س 10:ما هي طبيعة وأشكال وحدود الاعتراف بالخصوصيات الثقافية في الديمقراطية الدستورية؟

ج10: لابد من الاعتراف بكل الخصوصيات ما دامت تعمل ضمن النظام العام.

س11: هناك في الواقع أشخاص تمثّل هوّياتهم الشّخصيّة عائقاً أمام هوّيّة المواطنة التي يعتبرون تبنّيَها تنازلاً عن أمور خاصّة بهم ومفيدة لهم، والتي يرون التّسليم بها يعني وضع مطالبهم السّياسيّة جانباً لأنّه لا يمكنهم التّعبير عنها وفق ما تقترح من معنى للهوّيّة بوصفهم مرتبطين بجماعة عرقيّة أو بطائفة دينيّة. ـ أّيّ جواب عمليّ عن هذه المشكلة؟

- هل يكفي تكرار الموقف اللّيبراليّ في الرّدّ؟

ـ لماذا يتعيّن على الأشخاص الذين يرفضون أو يتحفّظون على المعنى اللّيبراليّ للهوّيّة أن يعطوه الأولويّة؟

ـ لماذا عليهم أن يقبلوا ما يقترح هذا المعنى من هوّيّة للمواطنة بشكل عفويّ؟

ـ ما الذي يمنع مبادئ العدالة نفسها من أن تستجيب لمطالب الهّويّات الخاصّة؟

ج11: يجب علي الدولة أن تعاقب كل من يرفض أن يكون مواطنا فيها، وكل من يرفع راية العصيان ضد مبادئها التي يقرها الدستور، ولا يحق لأية خصوصية، مهما ارتفع شأنها، أن تطاول الغايات العليا للشعب.

س12: ربما لا يكون التحدي الرئيس الذي يواجه الديمقراطيات هو تهديد الشمولية بقدر ما هو عواقب التعددية والوجود داخل هذه المجتمعات لتعددية الولاءات الثقافية غير المتوافقة. كيف يمكنهم النجاة من انقسامهم إلى جماعات لا يشترك الكثير منهم في المتطلبات الأخلاقية الأساسية لنظام ديمقراطي مثل: الاعتراف بحرية الضمير والمساواة في الحقوق فهمهم للتنوع وما شابه؟ وهل سيكون لدى كل منهم شيء يتعلمه من الآخر؟

ج12: دكتاتورية الأغلبية شر يجب تحمله في مقابل دكتاتورية الأقليات، وما ينجم عنها من تمزق للشعوب، وفشل للدول.

س13: كيف يمكن للمجتمع توفير الأدوات اللازمة للاندماج والشرعية دون حرمان الجماعات الدينية من حصتها المستحقة في الهوية الدينية ؟ هل يمكنها بناء نموذجها المثالي، كنظام عام عادل، دون خلق لاهوت جامع للتعامل مع مجموعة واسعة من المشاكل الناشئة عن اللقاءات بين الأديان، المسلمون والأخرين من الديانات الأخرى نموذجا؟

ج13: يجب أن نتشرب السياسات الاجتماعية لليبرالية، وأن نفصل بين الدين والدولة، أي لابد من تبني نظام علماني في السياسة فقط، وبذلك يتساوي أهل العقائد المختلفة أمام القانون؛ فلا تعود العقائد، ولا غيرها، مناطا للسيادة؛ فالسيادة للشعوب، وبما سيتوافقون عليه، طبقا لرؤية وخطة ممنهجة.

أستاذ فلسفة الزقازيق ظريف حسين اخبار مصر خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك مصر