الدكتور مجدي حمزة يكتب: قضية ياسين.. صرخة في وجه العنف والتحرش المدرسي


تحولت واقعة الاعتداء على التلميذ ياسين في محافظة البحيرة إلى قضية رأي عام تثير موجة من الغضب والقلق في الشارع المصري، ففي الوقت الذي يفترض أن تكون فيه المدرسة بيئة آمنة وداعمة لنمو الطلاب وتطورهم، تطل علينا مثل هذه الحوادث لتكشف عن جوانب مظلمة من العنف والتنمر الذي قد يتعرض له أبناؤنا داخل أسوارها.
على الرغم من أن التفاصيل الدقيقة للقضية لا تزال قيد التحقيق، فإن مجرد انتشار أخبار عن تعرض تلميذ لاعتداء جسدي أو لفظي داخل المدرسة يفتح الباب واسعاً أمام مناقشة مستفيضة حول مسؤولية المؤسسات التعليمية والأسر والمجتمع ككل في حماية الأطفال من هذه الآفات الخطيرة.
التنمر والعنف المدرسي: جرح غائر في جسد التعليم:
لا تعتبر قضية ياسين الواقعة الأولى من نوعها، بل هي حلقة في سلسلة من الحوادث التي تطفو على السطح بين الحين والآخر، لتذكرنا بمدى انتشار ظاهرة التنمر والعنف في مدارسنا. هذه الظواهر لا تقتصر آثارها المدمرة على الضحايا فحسب، بل تمتد لتشمل الجناة والمجتمع المدرسي بأكمله.
فالضحايا يعانون من آثار نفسية عميقة قد تستمر معهم لسنوات طويلة، تشمل الخوف والقلق والاكتئاب وتدني الثقة بالنفس. أما الجناة، فقد يكونون هم أنفسهم ضحايا لعنف أو إهمال في محيطهم، ويحتاجون إلى تدخل علاجي وتقويمي لتغيير سلوكياتهم العدوانية.
مسؤولية مشتركة لمواجهة الظاهرة:
إن مواجهة ظاهرة التنمر والعنف المدرسي تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية. فوزارة التربية والتعليم تتحمل مسؤولية تطوير وتنفيذ برامج توعية وتدريب للمعلمين والإداريين حول كيفية التعامل مع حالات التنمر واكتشافها والتدخل المبكر لحلها. كما يجب تفعيل آليات واضحة للإبلاغ عن هذه الحوادث وضمان محاسبة المتورطين وحماية الضحايا.
تلعب الأسرة دوراً حيوياً في غرس القيم الأخلاقية والسلوكيات الإيجابية لدى الأبناء، وتعليمهم كيفية التعامل باحترام مع الآخرين ورفض العنف بجميع أشكاله. كما يجب على الأهل أن يكونوا على دراية بعلامات تعرض أبنائهم للتنمر أو ممارستهم له، والتواصل الفعال مع المدرسة لتقديم الدعم اللازم.
أما المجتمع ككل، فعليه أن يتبنى ثقافة مناهضة للعنف والتنمر، وأن يساهم في خلق بيئة آمنة وداعمة للأطفال والشباب. يمكن لوسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني أن تلعب دوراً هاماً في التوعية بمخاطر هذه الظواهر وتقديم الدعم للضحايا وأسرهم.
قضية ياسين: دعوة للتحرك:
يجب أن تكون قضية ياسين بمثابة جرس إنذار يدق في أذهاننا جميعاً، ليحثنا على التحرك الفوري والجدي لمواجهة آفة التنمر والعنف في مدارسنا. إن حماية أطفالنا وضمان حقهم في بيئة تعليمية آمنة وداعمة هو مسؤولية وطنية وأخلاقية لا يمكن التهاون فيها.
إن تحقيق العدالة لياسين وضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث يتطلب تحقيقاً شفافاً وشاملاً، وتطبيق القانون بحزم على المتورطين، ووضع آليات فعالة لحماية الطلاب من جميع أشكال العنف والتنمر.
في الختام، نأمل أن تكون قضية ياسين نقطة تحول حقيقية في جهودنا لمكافحة العنف والتنمر المدرسي، وأن تساهم في خلق بيئة تعليمية أكثر أماناً وداعمة لأجيال المستقبل. إن صمتنا وتقاعسنا لن يؤدي إلا إلى استمرار هذه الآفة وتفاقم آثارها المدمرة على أبنائنا ومجتمعنا.