خط أحمر
الجمعة، 26 أبريل 2024 03:35 مـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

نيفين منصور تكتب: السَبّاب المستتر خلف شعار الأديان

خط أحمر

انتهي شهر رمضان الكريم ولكن كالعادة أتي ورحل مسرعاً ولَم يتعلم منه الكثيرون ، فالبعض يختبيء خلف شعار التدين الزائف وهو في الحقيقة بعيد كل البعد عن تعاليم الدين الحنيف، وسنة نبينا صلي الله عليه وسلم ، لم يتعلم هؤلاء معني الجدال علي النهج الإسلامي المذكور في كتاب الله تعالي والذي أمر نبينا الكريم باتباعه عندما قال في كتابه الكريم ( ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).

 

حاولنا طوال الشهر الكريم كالعادة عرض كل ما يفيد من أخبار تخص الوباء العالمي الذي أصاب العالم أجمع وتابعنا موقف العالقين وعودتهم وأماكن العزل المخصصة لهم وعرضنا تقارير عن سيرة أشهر القراء والمنشدين الذين رحلوا عن عالمنا كالراحل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد والنقشبندي ومحمد عمران والطبلاوي ، ولم نكتفي بهؤلاء بل قدمنا بعض المواهب الشابة في الإنشاد واستضفنا بعض القراء والمنشدين حتي جاءت آخر حلقة في رمضان من برنامج من أول وجديد الذي أقدمه ،استعرضنا فيها ما يحدث من إجراءات احترازية لحماية المواطنين طوال أيام العيد ، وناقشنا مع ضيفنا الكريم ما تم تقديمه من دراما خلال شهر رمضان علي القنوات المختلفة حرصاً منا علي سلامة وأمن المجتمع ، فالدراما المصرية تتوغل داخل العديد من البيوت والعقول علي حد سواء منها البناء وكثير منها يحمل في محتواه كم هائل من إفساد العقول والدعوة إلي العنف والتفكك .وبالتأكيد نجني جميعا ثمار ما يتم بثه في عقول الغافلين وصغار السن وضعفاء النفوس ، ولاحظنا جميعاً ارتفاع معدل الجريمة والقتل والتشبه بقصص بعض الأفلام والمسلسلات .

 

وما أن تم عرض الحلقة علي صفحات السوشيال ميديا حتي انهال علينا البعض بالسب والقذف والدعاء بالهلاك وأصبحنا إعلام العار واتهمونا بأسوأ ما يمكن أن يتهم به عباد الله، حتي وصل الحال إلي قذف المحصنات ، لم أتخيل أن العقول قد ضاقت لهذا الحد، وأن البصيرة قد انعدمت عند البعض، وأن شهر رمضان قد مر عليهم مرور الكرام دون أن يدركوا معناه، وأن من يدعون التفرغ للعبادة يقرأون القرآن بألسنتهم ولا يصل مفهومه إلي عقولهم.

 

وصل الحال إلي الدعاء علينا وعلي من شارك في تلك الأعمال الدرامية بالوباء وتمني البعض لنا ولهم البلاء ، وتناسوا أن رسولنا الكريم قد قال (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)، وورد أيضاً (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدْنِي مِنْ النَّارِ، قَالَ: "لَقَدْ سَأَلْت عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أَدُلُّك عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ تَلَا: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ [السجدة: 16] حَتَّى بَلَغَ ﴿ يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17]، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُك بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ؟ قُلْت: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُك بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ فقُلْت: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْك هَذَا. قُلْت: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْك أُمُّك وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟!".)

 

هل الصوم الحقيقي هو الامتناع عن الطعام؟ هل تعلمتم شيئاً مما تقرأون من الذكر الحكيم؟ ألم يعلم هؤلاء أن الدين المعاملة؟ هكذا عرف نبينا الكريم المسلم أيها المدعون للإيمان عن أنس بن مالك عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال (المؤمنُ من أمِنه النَّاسُ والمسلمُ من سلِم المسلمون من لسانِه ويدِه والمهاجرُ من هجَر السُّوءَ والَّذي نفسي بيدِه لا يدخلُ الجنَّةَ عبدٌ لا يأمنُ جارُه بوائقَه)

مع الأسف الشديد لم نسلم من ألسنتكم ولَم نأمن شرور أقوالكم وأثقلتمونا بسوء فعلكم ، تتحدثون دون أن تفقهون ، سباقون للإساءة بدلا من تتسابقوا للحسنات الصالحات.

 

لم يكتفي البعض بهذا الأمر بل تطرق آخرون إلي ما لا يعنيهم ، وتدخلوا في شئون الآخرين وتناسوا أن البر لا ينال إلا بالإنفاق حيث قال المولي عز وجل (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) والإنفاق بمعناه الواسع يشمل كل الأمور بداية من المال وصولا إلي الكلمة الطيبة والدعاء بالصالح، فإذا أردت أن يدعو لك الناس بظهر الغيب فلتنفق مما تحب وتدعو لغيرك بما تتمني، ولا تنهال علي من يخالفك الرأي بالسب والقذف والدعاء عليه بالهلاك.

 

تعلموا من سيرة النبي الكريم كيف كان يعامل من يخالفه الرأي، تعلموا كيف كان يجيد الجدال بالحسني ، يقول المولي عز وجل (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) أين أنتم من مفهوم تلك الآية الكريمة؟ قلوبكم غليظة وألسنتكم فظة ولا تدرك عقولكم معني السماحة في الإسلام.

 

ألم يصل إليكم ما ورد عن حديث عائشة -رضى الله عنها- أنها قالت للنبي ﷺ: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، وإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني، فقال: إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال، فسلم علي، ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت، إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين. فقال النبي ﷺ: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا[1].

 

رغم شدة معاناة الرسول لم يتمني لقومه الهلاك ، بالرغم من علمه بأنه مستجاب الدعوة ، إلا أن رحمته غلبت غضبه وتمني لهم الهداية ودعا المولي عز وجل أن يخرج من أصلابهم مؤمنون موحدون بالله.لم تقتصر رحمته علي هذا الأمر بل عفي عنهم بعد فتح مكة رغم كل ما مر به من ظلم ومعاناة

إلا أن النبي وقف على باب الكعبة وقريش صفوف في المسجد ينتظرونه، ثم قال: "يا معشر قريش ما تظنون إني فاعل بكم " قالوا: خيراً. أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: صلى الله عليه وسلم "اذهبوا فأنتم الطلقاء"

 

من أنتم أيها الغرباء ؟ وماذا تعلمتم من هذا النبي العظيم ؟ هل سمعتم عن مكارم الأخلاق ؟ رُوي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أنه قال: (لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَاحِشًا ولَا مُتَفَحِّشًا، وكانَ يقولُ: إنَّ مِن خِيَارِكُمْ أحْسَنَكُمْ أخْلَاقًا).و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا).و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ المؤمنَ ليُدْرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه درجةَ الصَّائمِ القائمِ)وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما مِن شيءٍ أثقلُ في الميزانِ من حُسنِ الخُلُقِ).وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحَبُّ عبادِ اللهِ إلى اللهِ أحسَنُهُمْ خُلُقًا)

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمنُ بالطَّعانِ ولا اللَّعانِ ولا البذيءِ ولا الفاحشِ).

 

أثبتم بألسنتكم وبذاءة ألفاظكم أنكم لا تنتمون إلي هذا النبي الكريم ولا تفقهون ما تقرأون من كتاب الله عز وجل ، أما سمعتم حديث المفلس؟ (حَدَّثَنَا ‏عَبْدُ الرَّحْمَنِ ،‏ ‏عَنْ ‏‏زُهَيْرٍ ‏، ‏عَنِ ‏‏الْعَلَاءِ ،‏ ‏عَنْ ‏‏أَبِيهِ ،‏ ‏عَنْ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏، عَنْ النَّبِيِّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَنْ ‏الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا ‏: الْمُفْلِسُ فِينَا ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ . قَالَ ‏: ‏إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصِيَامٍ وَصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، فَيُقْعَدُ ‏، ‏فَيَقْتَصُّ ‏‏هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ . رواه مسلم، والترمذي .

 

هجوم غير مبرر لمجرد اختلاف الرأي ولمجرد الحديث عن الدراما التي تؤثر علي عقول عدد كبير من البشر وأصبحت واقع في حياتنا يجب مراقبته ومتابعته بكل دقة حتي لا يتسرب من محتواها فكر هدام يغسل العقول وينشر العنف ويدعو للفجور. ليس منا من يملك مفاتيح الجنة والغفران، ولا نملك تكفير العباد، فعلاقة العبد بربه لا يعلمها إلا الله عز وجل، ولا نملك سوي الدعاء بالهداية للجميع، وأمرنا المولي عز وجل بحسن الظن وعدم السخرية حيث قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ).

 

اتقوا الله أيها الغافلون فكلنا يأتيه يوم القيامة فردا وكل منا يتحمل عاقبة ما يفعل، وتعلموا الرحمة فمن لا يرحم لا يرحم، تعلموا السماحة ولين القلوب حتي يستجيب لكم الرحمن الرحيم، واتقوا يوماً ترجعون فيه إلي الله، من منا يعلم مصيره؟ وليتذكر الجميع حديث رسولنا الكريم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لن يُدخل أحدًا عملُه الجنة» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «لا، ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة»؟ فهل ضمنتم أنتم مفاتيح الجنة؟

نيفين منصور السَبّاب المستتر خلف شعار الأديان خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك مصر