إبراهيم نصر يكتب: إلى المتطاولين على ورثة الأنبياء (2/1)


هل مر عليك عزيزى القارئ خلال تصفحك لمواقع التواصل الاجتماعى، أو قابلت فى الواقع شخصا نكرة أو له نصيب من الشهرة، يهاجم علماء الأزهر الشريف بالجملة أو يسمى أحدهم باسمه، وهو لا يدرى ماذا يقول، وتجد كلامه منفرا وأسلوبه فظا، واستدلالاته غبية فى غير موضعها، وإذا تكلم بضع دقائق تجد أن أول كلامة يناقض آخرة، أو أنه يورد الحديث فتجد فيه ما يؤيد كلام العالم الذى يهاجمه؟. فإذا بك تتساءل: من هذا المخلوق؟ ولماذا يتهجم على علماء الأمة، ومن أين أتى بهذه الجرأة الفاجرة؟ وقلت فى نفسك: إن هؤلاء العلماء أسياده، ونعالهم أشرف وأنظف من وسخ أفكاره، ولا يرقى هو أن يجلس تحت أقدامهم تلميذا.
وتجد أن بين هؤلاء النابتة من المتسلفة وأشياعهم ـ إلا من رحم ربى ـ قاسم مشترك، ويشتركون مع الإخوان المجرمين فى بغضهم لعلماء الأزهر الشريف، لأنهم يفضحون جهلهم، إلا أن الإخوان يفترقون عنهم بالكذب والتدليس واستحلال دم المخالفين، وما محاولة قتل الدكتور على جمعة منا ببعيد.
إنهم عيال فى العلم، وأخروا الأمة وكبلوها، بسبب جهلهم بحقيقة الدين وجوهره، وتمسكهم بآراء فقهاء تخطاهم الزمن، ولو كانوا بيننا فى هذا العصر، لكان لهم فقه آخر يناسب الزمان والمكان، والبيئة التى يعيشها الإنسان.
إن من أشرف المهنِ وأجلها في تاريخِ الأمة الإسلامية هي مهنة العلم والتعليم، وورثة هذه المهنة هم علماء الأمة الذين حملوا مشعل الهداية، وبينوا للناسِ مراد الله ومراد رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهم صمام أمان الأمة وحصنها المنيع ضد الشبهات والضلالات، ولكن، في خضم الفتنِ المتلاطمة، ووسط غياب البوصلة المعرفية لدى البعض، ظهرت فئة ضالة مضلة تتطاول على هؤلاء العلماء الأجلاءِ، ترميهم بالجهل، وتشكك في نياتهم، بل تتجاوز كل حد فتطلق عليهم أحكاما خطيرة مثل "الشرك" و"الكفر" و"الابتداع فى الدين"
إن مقام العلماء في الشريعة مقام عظيم، لأن الله تعالى رفع درجتهم، فقال سبحانه فى الآية الحادية عشرة من سورة المجادلة: ".. يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ"
والتطاول على العلماء ليس مجرد نقد لشخص، بل هو طعن في مصداقية حملة الشريعة، وتوهين لمرجعية الأمة، وفتح لباب الفوضى الفكرية.
إن وصم العلماء، الذين أفنوا أعمارهم في دراسة النصوصِ والقواعد الفقهية، بالبدعة والشرك والكفر، هو في حقيقته مصادرة للحق الشرعي في الاجتهاد ومحاولة لفرض رأى واحد على الأمة، في حين أن الشريعة الإسلامية وسعت الاختلاف في الفروع، وهذه الاتهامات الخطيرة تؤدى بالضرورة إلى شق صف الأمة وإثارة العداوة والبغضاء بين أفرادها، حيث يصبح كل فريق يتهم الآخر في أصل دينه، وهذا خلاف أمر الله تعالى بالاعتصامِ بحبله وعدم التفرق.
إن منهج أهل السنة والجماعة قائم على احترام العلماء وتقديرهم، حتى وإن وقع الخلاف في بعض المسائل الفرعية. فآداب النقد تتطلب العلم والإنصاف وحسن الظن، لا التجريح والتكفير والتفسيق بجهل أو هوى.
إن شاء الله نستكمل الحديث فى هذه القضية إن كان فى العمر بقية.
Ibrahim.nssr@gmail .com

.jpg)

































