خط أحمر
الجمعة، 26 أبريل 2024 11:58 مـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

تحقيقات

تركيا وإسرائيل إيد واحدة.. القضية الفلسطينية بين ”شو أردوغان” والتوظيف السياسى

خط أحمر

لا يتوقف الرئيس التركى رجب طيب أردوغان عن الحديث أمام الكاميرات عن الفلسطينيين وحقوقهم، وعن إسرائيل التى تقتلهم وتعتدى على حقوقهم، ولا يزال العالم يتذكر مشهده وهو ينسحب من إحدى جلسات منتدى دافوس بعد أن وجه عبارات قاسية لرئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق شيمون بيريز، ولكن كان هذا المشهد متوازياً مع مشهد آخر يتابعه العالم كله وهو تنامى العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع دولة الاحتلال، وهى علاقات كانت وما زالت أكثر من ممتازة حتى أن سماء تركيا مفتوحة دائماً للطيارين الإسرائيليين للتدريب.

كما أن الدعم التركى للقضية الفلسطينية لم يتجاوز هذه التصريحات «العنترية» التى يطلقها أردوغان بين الحين والآخر، بينما على الأرض لم يكن الدعم التركى للفلسطينيين شيئاً مذكوراً، وعندما قدمت تركيا دعماً قدمت حصراً لحركة حماس ولأهداف سياسية محددة، وكان الأغرب أنها قدمته من الخزانة القطرية ولم يكلف خزانة تركيا دولاراً واحداً!.

ويقول الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس إن الذاكرة الفلسطينية لا تعى أى دعم تركى ملحوظ للقضية الفلسطينية، بل تعى أن تركيا كانت من أوائل الدول التى اعترفت بإسرائيل، وهى أول دولة إسلامية أقامت علاقات دبلوماسية مع دولة الاحتلال، مضيفاً أن العلاقات التركية الإسرائيلية لم تتراجع خلال حكم أردوغان بل زاد حجم التعاون الاقتصادى والعسكرى بين الطرفين وهو ما حدث أيضاً خلال فترة حكم رئيس الوزراء التركى الأسبق نجم الدين أربكان خلال تسعينيات القرن الماضى.

وأضاف الرقب أنه عند وصول القوى الإسلامية إلى الحكم فى تركيا، شعرت ببعض الحرج من علاقات تركيا الوطيدة مع دولة الاحتلال، فما كان من هذه الأحزاب إلا أن أعلنت أنها ستراجع علاقاتها مع إسرائيل، وهو ما كان، ولكن كانت النتيجة عكس المتوقع فقد زادت هذه العلاقات ارتباطاً وزار الرئيس التركى إسرائيل فى عهد رئيس الوزراء الأسبق آرييل شارون، وهو المجرم الملوثة يديه بدماء أطفال فلسطين.

وأوضح الرقب أن تركيا تقدم للفلسطينيين بعض المساعدات العينية مثلها مثل كل دول العالم.. بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، فكثير من دول العالم تقدم مساعدات غذائية للمخيمات فى الداخل، ولكن المساعدات التركية لا تتجاوز ذلك، مشيراً إلى أن هناك مساعدات تركية تأتى لحركة حماس تحديداً وليس للشعب الفلسطينى، وهذه المساعدات تقدم لفصيل سياسى ولا يستفيد منها سوى أبنائه، لذلك يوجد عدد كبير من أبناء حماس يدرسون فى الجامعات التركية وتسمح لهم تركيا بالسفر إليها والإقامة فيها وهو ما لا يحدث مع بقية أبناء الشعب الفلسطينى.

 

وأوضح الرقب أنه من الغريب أن العلاقات التركية ممتازة مع الأطراف الثلاثة، إسرائيل والسلطة فى رام الله وحماس فى غزة، بينما سياسات تركيا وأفعالها تغذى الانقسام وتحاول تقوية نفوذ حماس فى غزة، بل تمهد الطريق أمام الحركة لاستمرار السيطرة على قطاع غزة ومنحه مقومات الدولة فى المستقبل، مشيراً إلى أن تركيا هى صاحبة الاقتراح الشهير بعمل ميناء كبير لقطاع غزة فى قبرص التركية على أن يكون منفذ القطاع إلى العالم الخارجى على أن تتولى قوات تركية وإسرائيلية مراقبة هذا الميناء والتحكم فى البضائع التى تدخل منه إلى قطاع غزة، وهذا الاقتراح بمثابة قبلة حياة لحركة حماس التى تعانى كثيراً بسبب حصار قطاع غزة.

وأكد الرقب أن كل الدعم التركى للقضية الفلسطينية لم يتجاوز «الدعم الإعلامى» وكل دعم شهد عليه العالم من خلال تصريحات أردوغان لم نر منه شيئاً، وحتى عندما توترت العلاقات بين إسرائيل وتركيا بسبب استيلاء جيش الاحتلال على السفينة وقتل ثلاثة من ركابها الأتراك كان هذا التوتر دبلوماسياً فحسب، وظلت العلاقات الاقتصادية والعسكرية على حالها، وعندما دفعت إسرائيل تعويضات لذوى القتلى عادت العلاقات الدبلوماسية إلى سابق عهدها.

ويقول محمد جمعة الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن الدعم التركى للقضية الفلسطينية وللفلسطينيين بصفة عامة هو دعم مقدم لأفراد أو لتنظيمات تخدم أفكار النظام التركى الحالى، وتحديداً تقدم المساعدات التركية المالية أو العينية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وذلك بوصفها فرعاً من جماعة الإخوان المسلمين، وليس لكونها حركة فلسطينية.

وأضاف جمعة أن الدعم التركى لحركة حماس يأتى ضمن مساعى تركيا لتحقيق هدفين رئيسيين أولهما هو ضمان استمرار الانقسام الفلسطينى واستمرار حكم حماس لقطاع غزة، والثانى هو محاولة جذب حماس إلى مربع المفاوضات مع إسرائيل بديلاً عن السلطة الفلسطينية فى رام الله، مؤكداً أن هذه الرؤية التركية تتطابق مع الرؤية الإسرائيلية تماماً.

وأوضح جمعة أن تركيا لا تريد أن تستمر حماس جزءاً من التهدئات المتكررة فى قطاع غزة بين فصائل الفلسطينية وإسرائيل، بل تريد أن تأخذ حماس إلى ما تراه تركيا المربع الأول وهو مربع المفاوضات المباشرة مع إسرائيل على أن تتم هذه المفاوضات برعاية تركية- قطرية.

وأشار جمعة إلى أن «تركيا أردوغان» تسعى لاستعادة ما تراه المجد العثمانى القديم بالسيطرة على كل الأقطار العربية والهيمنة عليها سياسياً واقتصادياً، لافتاً إلى أن «العثمانيين الجدد» بقيادة أردوغان يستخدمون جماعة الإخوان المسلمين وفروعها فى الدول العربية كمطية من أجل الوصول إلى أحلامهم، ومن بين هذه الفروع تأتى حركة حماس التى تستخدمها تركيا كورقة تناور بها وتستخدمها كلما احتاجت إليها.

ولفت جمعة إلى أن الدعم التركى لحركة حماس لا يكلفها شيئاً مادياً لأن تركيا تتولى التخطيط بينما تتولى قطر تمويل المخطط التركى، وذلك ليس فى فلسطين فحسب بل فى كل دول المنطقة تقريباً، فدويلة قطر تعرف أنها لا تملك مقومات الدولة الحقيقية وهى تستعيض عن نقصها بالبديل التركى وهو ما يستغله العثمانيون الجدد جيداً ويستنزفون الخزينة التركية لتحقيق أهدافهم التوسعية.

ويقول الخبير فى الشئون التركية أسامة الهتيمى إن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان كغيره من الرؤساء البراجماتيين، أخضع القضية الفلسطينية للتوظيف السياسى إذ سعى من خلال إدعاء تقديم الدعم وإعلان التضامن والنصرة لهذه القضية إلى تحقيق مصالح سياسية فى الداخل التركى وفى الخارج أيضا من دون أن يكون لهذه المواقف آثار حقيقية أو قوية على مسار الدعم الحقيقى للقضية.

وأضاف الهتيمى أنه بتسليط الضوء على التباين الواضح بين القول والفعل التركى فى عهد أردوغان يمكننا أن نكشف حجم وحقيقة هذا الدعم النظرى دون العملى للقضية الفلسطينية وأسبابه ونتائجه، فعلى مستوى الخطاب السياسى لا يمكن التشكيك فى أن الكثير من الشعارات والعبارات التى أطلقها أردوغان بل وبعض المواقف الاستعراضية أيضا بشأن القضية، كتلك الحادثة مع رئيس الوزراء الصهيونى الأسبق شمعون بيريز فى مؤتمر دافوس عام 2013، تشى بأن ثمة انحيازاً تركياً لنصرة القضية دون الاكتراث بجانب الاحتلال وهو ما انطلى على الكثيرين من المتعاطفين مع القضية وظنوا أن سلوك أردوغان يمكن أن يكون نقطة تحول إيجابية فى مسار القضية ليحقق أردوغان بذلك هدفا مهما يتعلق بطرح نفسه كزعيم إسلامى كجزء من مساعيه لاستعادة أمجاد الأجداد.

 

وأكد الهتيمى أنه فى المقابل وعلى المستوى العملى والفعلى لم نجد أثراً حقيقياً لهذا الخطاب الإعلامى الداعم للقضية الفلسطينية، فى علاقة تركيا بالاحتلال الصهيونى فلم يكن مثلاً انتخاب أردوغان وحزبه لتولى السلطة فى تركيا مانعاً من قيام المسئولين الأتراك بمن فيهم أردوغان نفسه من بزيارة الكيان الصهيونى والاجتماع بقادة الاحتلال وصمته عندما استقبله آرييل شارون رئيس وزراء الكيان الصهيونى آنذاك ورحب به قائلا «أهلا بك فى القدس عاصمة الشعب الإسرائيلى» بل وقيامه بصحبة شارون بوضع أكاليل الزهور على قبر مؤسس الصهيونية العالمية تيودور هرتزل فيما بقيت تركيا واحدة من أهم الدول فى العالم التى تربطها علاقات اقتصادية وعسكرية مع الكيان الصهيونى.

وأوضح الهتيمى أنه لا يخفى على المتابعين للعلاقات التركية الإسرائيلية حجم التنسيق الأمنى والمخابراتى والعسكرى بين البلدين وهو ما تجسد فى المناورات والتدريبات العسكرية المشتركة بين البلدين، والحديث عن اعتبار دولة الاحتلال المورد الأول للسلاح إلى تركيا وشراء أنقرة لعشرات الطائرات الإسرائيلية الصنع.

وأشار الهتيمى إلى أن التصريحات الداعمة للقضية الفلسطينية على لسان أردوغان تتوازى مع بقاء العلاقات الدبلوماسية بين تركيا ودولة الاحتلال كتلك التى بين أى بلدين فى شكلها الطبيعى المعتاد حيث يسعى كل طرف فيها إلى تقويتها أو إبداء التحفظ واتخاذ الإجراءات القانونية فى حال تضاربت المصالح الاقتصادية أو السياسية جراء سلوك إحدى الدولتين تجاه الأخرى، وهو ما شهدناه فى أزمة اعتداء الاحتلال على سفينة «مرمرة» التركية التى كانت متجهة إلى غزة 2010 الأمر الذى اعتبرته تركيا نيلا منها فقررت مقاطعة دولة الاحتلال دبلوماسياً، وهو سلوك كان يمكن أن تقرره أية دولة بحق أخرى، ثم عادت هذه العلاقات بعد تلبية مطلب تقديم تعويضات مالية لأسر الضحايا فيما لم يكن لتركيا أية شروط تتعلق بالقضية الفلسطينية، مشيراً إلى أنه على العكس فربما كان توقيع هذا الاتفاق فى حد ذاته انتقاصاً من الحقوق الفلسطينية إذ ذيل الاتفاق بأنه وقع فى أنقرة والقدس مما اعتبره كثيرون اعترافاً تركياً ضمنيا بحق الاحتلال فى القدس.

ولفت الهتيمى إلى أنه يدعم ما سبق كثير من الشواهد الأخرى والتى يظهر فيها وزراء فى حكومة أردوغان وهم يشاركون على مرأى ومسمع من العالم كله فى احتفال سفارة الاحتلال فى اسطنبول عام 2018 بمناسبة مرور 70 عاماً على تأسيس دولة الاحتلال وهو ما يتسق مع تصريحات كان أدلى بها أردوغان منذ فترة عن الحاجة الضرورية لكل من البلدين لوجود الأخرى فى المنطقة.

فى هذا الإطار فإنه من المشروع التساؤل حول الاستفادة التى تحققت من جراء مواقف أردوغان أو تصريحاته بشأن القضية الفلسطينية والتى يبدو أنها بالنسبة لأردوغان ولآخرين ليست سوى أداة وظيفية.

تركيا إسرائيل القضية الفلسطينية أردوغان التوظيف السياسى فلسطين خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك مصر