استشارى تعديل سلوك: لا نخلط بين الشقاوة وفرط الحركة والمدح والرياضة أهم علاج


أجاب الدكتور نور أسامة، استشاري تعديل السلوك، على سؤال إحدى الأمهات من البحيرة تشكو من عناد وفرط حركة لدى طفلها البالغ من العمر سبع سنوات، قائلاً: "هناك خلط كبير بين العناد الطبيعي أو النشاط الزائد، وبين اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ADHD، لذلك يجب التأكد أولًا قبل إطلاق التشخيص".
وأوضح خلال حوار مع الإعلامية مروة شتلة، ببرنامج "البيت"، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء، أن الأطفال في هذا العمر غالبًا يملكون طاقة طبيعية عالية، وهو ما يظهر في شكل "شقاوة"، لكن ADHD له علامات محددة، أهمها: استمرار الشكاوى لمدة تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر في البيت، المدرسة، والنادي، مع ملاحظة قلة التركيز وتشتيت الانتباه المستمر.
وأشار إلى أن العناد قد يكون نتيجة طبيعية لفرط الحركة، لأن مطالب الأم بالهدوء لا تتوافق مع واقع الطفل، قائلاً: "قوله (اقعد هادي) وهو في حالة نشاط مفرط يجعل الاستجابة صعبة، وبالتالي يظهر الطفل في صورة عنيد".
ونصح الأمهات بضرورة التقليل من المسببات التي تزيد فرط الحركة مثل الكافيين، الشوكولاتة، المواد الحافظة، الألوان الصناعية، والإفراط في مشاهدة الشاشات، موضحًا أن ذلك لا يُعالج المشكلة جذريًا لكنه يخفف الأعراض بشكل ملحوظ.
كما أكد أن الكلمة الطيبة والمدح المستمر من أكثر الأساليب التي تحقق نتائج إيجابية مع الأطفال، سواء كانوا مصابين بفرط الحركة أو لا، مشددًا على أن النقد المتكرر يزيد الأمر سوءًا.
وبخصوص الأنشطة المناسبة، أوصى الدكتور نور أسامة برياضة السباحة للأطفال في هذا العمر، لأنها تستهلك الطاقة بشكل كبير وتُحرك جميع عضلات الجسم، بالإضافة إلى ألعاب "تنشيط الدماغ" مثل العدّ الزوجي والفردي، إعادة سرد القصص، أو الأنشطة البسيطة التي تعزز التركيز والذاكرة.
وأكد على أن التدخل المبكر بتقليل المسببات، ممارسة الرياضة، وتعزيز السلوكيات الإيجابية يساعد في تجنب تفاقم المشكلات، بينما الحالات التي تستمر بنفس الحدة رغم هذه الخطوات يجب عرضها على الطبيب المتخصص.
وحذر الدكتور نور أسامة، استشاري تعديل السلوك، من خطورة تعرض الأطفال والمراهقين لفترات طويلة أمام الشاشات الإلكترونية قبل النوم، مؤكدًا أن الضوء الأزرق المنبعث من الهواتف وأجهزة التليفزيون يؤثر على إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم، مما يؤدي إلى متلازمة تأخر النوم، التي بدورها تسبب أرقًا، خللًا عصبيًا، تقلبات مزاجية، وحتى أعراض تشبه مشاكل الجهاز التنفسي.
وأضاف: "المشكلة لا تقف عند الحرمان من النوم فقط، بل تمتد إلى الإرهاق العام، العصبية، وصعوبة التحكم في الانفعالات، لذلك يجب إبعاد الطفل عن الشاشات لمدة لا تقل عن ساعتين قبل النوم، مع وضع نظام واضح ومعلن، بدلاً من القرارات المفاجئة التي تخلق صدامًا مستمرًا مع الأبناء".
وأوضح أن التعامل الخاطئ مع الأبناء في فترة ما قبل المراهقة قد يؤدي إلى تحول العناد المؤقت إلى عناد دائم، وإذا استمر بشكل مبالغ فيه قد يتطور إلى اضطراب التحدي المعارض، وهو حالة يظهر فيها رفض الأوامر بشكل عام، وليس فقط في موضوع النوم.
وأكد أن مواجهة هذا الاضطراب تتطلب من الأهل الصبر والثبات الانفعالي، مع الاتفاق المشترك بين الأب والأم على موقف موحّد، وعدم التراجع أمام محاولات الطفل للابتزاز العاطفي أو المقاومة المستمرة، موضحًا: "الأبناء أحيانًا يستخدمون الانسحاب أو العزلة وسيلة للضغط على الأهل، لكن استمرار الأبوين على موقفهما يقلل من حدة هذه السلوكيات تدريجيًا".
وقال الدكتور نور أسامة، إن الحزم الممزوج بالتفهم، ووضع جدول واضح للأنشطة، مع مكافآت وعقوبات منطقية، هي الوسيلة الفعالة لحماية الأبناء من آثار السهر والشاشات الزائدة، وللوقاية من اضطرابات سلوكية قد تصاحب مرحلة المراهقة.