الدكتور فتحي الشرقاوي يكتب: رسالة لمعالي وزير التربية والتعليم


نعلم يقينًا أن نظام البكالوريا المطروح يسعى إلى تقديم نموذج تعليمي بديل، حديث، وأكثر شمولًا وتكاملًا للطلاب في مرحلة التعليم قبل الجامعي، لكن من حقّنا -كرأي عام- أن نطمئن على بعض الروافد الإجرائية التي تضمن نجاح الفكرة المطروحة، خاصةً أن كل المقترحات الفاشلة التي سبق طرحها من الوزراء السابقين، تم الترويج لها وتسويقها للرأي العام بنفس الحماس في الطرح، ثم نكتشف أننا كنا نعيش في وهم، سرعان ما ينتهي بإقالة وزير واستقدام آخر بديلًا منه (تغيير وجوه)، ولا يسأل أحدنا عن مصير تلك الأطروحات الوهمية السابقة.
ولا عن كمّ الخسائر والسلبيات المترتبة عليها، رغم النوايا التطويرية التي كان يُطلقها كل وزير، ومن خلفه أبواق الإعلام بكل روافده: المقروء، والمسموع، والمرئي.
فيما يلي أبرز تساؤلات الرأي العام، ونتمنى ممن يُطلق عليهم "مستشاري إعلامك" أن يخطروك بهذه الأسئلة، ومن ثم الرد عليها:
الإشكالية الأولى
ما هو تخطيط الوزارة لمواجهة البنية التحتية الضعيفة والمهترئة، والجاهزية الأقل من الضعيفة في كثير من المدارس الحكومية غير المؤهَّلة لتطبيق هذا النوع من التعليم (من حيث المعامل، الوسائل التكنولوجية، البيئة الصفية)؟
الإشكالية الثانية
ما تخطيطكم لمواجهة نقص المعلمين المؤهلين لتدريس مناهج تعتمد على التفكير النقدي، والمشروعات، والاستقصاء الذاتي؟
كم عددهم؟ وما تصوّرات الوزارة بشأن إعدادهم (كماً وكيفاً)؟
الإشكالية الثالثة
ما هي معايير تقييم الأداء الطلابي المستمر طوال العام؟
وكيف سيتم عرض الأمر على الطلاب وأولياء الأمور؟
خاصة أن الاعتماد الكبير على المشروعات والتقييم الذاتي قد لا يكون منصفًا لجميع الطلاب، وتوجد مخاوف من تحوّل التقييمات إلى مجال للمحاباة أو التقديرات غير الموضوعية.
الإشكالية الرابعة
هل تأكدتم من مناسبة النظام لجميع الفئات؟
يتطلب هذا النظام مهارات عالية في اللغة، والبحث، والعرض، والعمل الجماعي، وهي مهارات قد لا تتوفر لدى جميع الطلاب في المناطق الريفية أو المحرومة.
مما قد يمثل عبئًا إضافيًا على الطلاب الضعفاء أكاديميًا، خاصةً في غياب الدعم الكافي.
الإشكالية الخامسة
تطبيق هذا النظام يتطلب تكلفة اقتصادية مرتفعة، حيث يحتاج إلى مواد تعليمية متخصصة، وتدريب مكثف للمعلمين، وأدوات رقمية حديثة.
وهذه تمثل أعباء مالية على الدولة أو أولياء الأمور، لا سيما في المدارس الخاصة التي ستتبناه.
فهل آن الأوان لعرض الجدوى الاقتصادية علينا؟
الإشكالية السادسة
غياب التكافؤ مع النظام التقليدي من حيث صعوبة معادلة درجات أو مسارات هذا النظام مع النظام الثانوي العام الحالي، والقلق من عدم وضوح مستقبل القبول بالجامعات المصرية (وخاصة الحكومية).
فهل ستعترف به الجامعات بشكل منصف؟ وما هي التطورات المطروحة لمواجهة أبعاد هذا الموقف التحويلي؟
الإشكالية السابعة
يتطلب هذا النظام أدوارًا جديدة من المعلم (موجِّه، مرشد، مقيِّم، مشرف على مشروعات)، مما يزيد الأعباء دون مقابل مادي أو وقت كافٍ على الجهاز الإداري.
فما هو تصوركم لمواجهة هذا الوضع؟
الإشكالية الثامنة
ما هي خطواتكم الإجرائية نحو زيادة الوعي المجتمعي، خاصة لدى أولياء الأمور غير المعتادين على نظام لا يُقيَّم عبر امتحان قومي تقليدي، بل من خلال تفعيل الأنشطة طوال العام؟
إن غياب الحملات التوعوية الكافية قد يؤدي إلى مقاومة شعبية أو ارتباك في التنفيذ.
سأكتفي بهذه الإشكاليات الثمانية... ولنا عودة أخرى بإذن الله.