خط أحمر
الأربعاء، 30 يوليو 2025 07:34 صـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

الدكتور محمد سيد أحمد يكتب: موسم الهجوم على جمال عبد الناصر !!

خط أحمر



ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن الهجوم على جمال عبد الناصر فعلى الرغم من مرور خمسة عقود ونيف على رحيله، إلا أن أعداء الرجل لا زالوا يهاجمونه وثورته، وغالباً ما يحدث ذلك بشكل موسمي في أربعة مناسبات سنوية الأولي في يوم مولده ١٥ يناير من كل عام، والثانية في يوم هزيمته ٥ يونيو من كل عام، والثالثة في يوم ثورته ٢٣ يوليو من كل عام، والرابعة في يوم رحيله ٢٨ سبتمبر من كل عام، وفي ثلاثة من هذه المناسبات الأربعة يقوم مؤيدوه بالاحتفال بالذكرى ويمجدون زعيمهم الذى انتصر للفقراء والكادحين والمهمشين وحقق لهم انسانيتهم وأعاد إليهم كرامتهم المهدرة داخل وطنهم، وحقق انتصارات وضعته في قلوب الملايين سواء في وطنه الأصغر أو وطنه العربي الأكبر بل ومن قبل كل الأحرار في العالم، ورغم الهزيمة والانكسار في ٥ يونيو ١٩٦٧ ظلت الجماهير متمسكة به باعتباره القائد والرمز والأمل القادر على تجاوز الصعوبات والمحن، وعند وفاته كان قد أزال آثار العدوان وأعاد بناء الجيش فخرجت الجماهير في أماكن عديدة على سطح الكرة الأرضية كالطوفان لتودعه وتخلد ذكراه.

أما معارضوه فلا زالوا يستغلون المناسبات الأربعة ليجددوا الهجوم عليه ويصفونه بكل نقيصة، ويحاولون تشويه كل إنجازاته بل وصل الأمر للخلاف حول ثورته ومسماها وهل هي ثورة أم لا ؟ ولا شك أن هؤلاء المعارضون المهاجمون لجمال عبد الناصر قد أصابهم بعضاً من ضرر نتيجة قيامه بالثورة وانحيازه لجموع الشعب وبالتالي سحبت من تحت أقدامهم جزءً من ثروة وسلطة ومكانة اجتماعية كانوا يحصلون عليها قبل قيام الثورة في ظل حكم ملك غير مصري ( ألباني ) حصل على كرسي الحكم بالوراثة، ومندوب سامي للمحتل البريطاني كان هو الحاكم الفعلي للبلاد، وكان آباء وأجداد المهاجمين لجمال عبد الناصر اليوم يحصلون على الثروة والسلطة والمكانة الاجتماعية من خلال قربهم وتقديم فروض الولاء والطاعة للملك والمندوب السامي.

وفي هذه المناسبات الموسمية دائماً ما يكون هناك سجال بين هؤلاء المؤيدون وأولئك المعارضون لكن الغريب في الأمر حقاً هو اتساع دائرة المعارضة اليوم لتضم إليها أبناء وأحفاد بعض من انتصر لهم جمال عبد الناصر من أبناء الفلاحين المعدمين الذين كانوا يعملون بالسخرة وفي ظل ظروف غير انسانية لدى الباشوات الذين منحتهم أسرة محمد علي ( الألباني ) مئات وآلاف الأفدنة دون وجه حق فقط لأنهم كانوا يعملون في خدمة البلاط الملكي، وجزء من حاشية الملك المغتصب لثروات الوطن، ويأتي تطاول هؤلاء على جمال عبد الناصر في محاولة لإخفاء أصولهم الاجتماعية الحقيقية بعد أن تمكنوا من الصعود لأعلى السلم الاجتماعي بفضل ثورته وانجازاتها على كافة المستويات.

وعند سؤال هؤلاء المهاجمون الجدد هل كان أبوك أو جدك باشا منحه الملك قطعة أرض من الخاصة الملكية، فتكون الإجابة لا، وبالبحث في أصوله الاجتماعية تتأكد أن أبوه أو جده كان فلاح معدم حافي القدمين، حصل على خمسة أفدنة من جمال عبد الناصر بعد الثورة وإقرار قانون الإصلاح الزراعي، وليس هذا فقط بل لديهم داخل البيت صورة قديمة لجمال عبد الناصر وهو يسلم الأب أو الجد صك الملكية، وبفضل هذه الأفدنة الخمس استطاع الأب أو الجد من تعليمهم وإدخالهم للجامعة بعد أن أصبح التعليم مجاني في كل مراحله بفضل جمال عبد الناصر، وبعد التخرج حصلوا على وظيفة بفضل القوى العاملة التي أنشأها جمال عبد الناصر، وأرسلوا لبعثات بالخارج وعادوا لوظائفهم المحفوظة وتدرجوا بها إلى أن أصبحوا في مكانة مرموقة توازي مكانة الباشوات في العصر الملكي، إذن لماذا يهاجمون جمال عبد الناصر ؟! وهنا تجد إما عجزاً عن الإجابة أو إجابات خارج نطاق العقل والمنطق.

ومن القضايا الغريبة التي يهاجمون بها جمال عبد الناصر حتى اليوم هي مسمى الثورة، فالمعارضون له لا زالوا يصفونها بالانقلاب في محاولة للتقليل من شأنها والنيل منها، ولهؤلاء نقول أن الثورات لا يحكم عليها إلا بنتائجها، فالتعريف العلمي للثورة يقول: " أنها إحداث تغيير جذري إيجابي في بنية المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية " ومن هذا المنطلق يمكننا التأكيد وبما لا يدع مجالاً للشك أن ما حدث في 23 يوليو 1952 هو ثورة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فقد أحدثت ثورة جمال عبد الناصر تغييراً جذرياً إيجابياً في بنية المجتمع المصري على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، ومكنت الغالبية العظمى من المصريين من الحصول على حقهم في ثروات وخيرات بلادهم، وأحدثت تغييراً جذرياً في البنية الطبقية فخلال أيام معدودة تحول الفلاحين الأجراء والمعدمين إلى ملاك وانتقلت ألاف الأسر من الطبقة الدنيا إلى الطبقة الوسطى مباشرة، وخلال سنوات معدودة أيضا انتقل ألاف آخرون من أسفل السلم الاجتماعي إلى أعلاه بفضل التعليم المجاني وفرص العمل، وكان جمال عبد الناصر يعي المعنى الحقيقي للثورة جيداً كمثقف ومفكر وليس ضابطاً فقط، حيث قال عندما سئل ما معنى الثورة ؟ فكانت إجابته القاطعة هي علم تغيير المجتمع.

وبعد كل ذلك يأتي من يحاول تشويه صورة الرجل وثورته وانجازاته فتجد من يهاجم تأميم قناة السويس بحجة أن حق الامتياز كان سيعود خلال سنوات، ومن يهاجم السد العالي بحجة حجب الطمي والأسماك خلفه، ومن يهاجم القطاع العام ويطالب ببيعه بحجة سوء إدارته، ومن يهاجم التعليم والصحة المجانية بحجة عدم جودتهما، وإذا كان ذلك المهاجم من أبناء أو أحفاد باشوات ما قبل الثورة كان يمكننا أن نجد له العذر لهذا الحقد وهذه الكراهية لجمال عبد الناصر، لكن غالبية المهاجمين له اليوم هم من أبناء الفقراء والمعدمين الذين لولا الرجل وثورته ما حصلوا على مكانتهم الحالية وكان وضعهم الحقيقي عمال زراعيين حفاة عراة يعملون بالسخرة لدى باشوات ما قبل الثورة كما كان وضع آبائهم وأجدادهم، وفي موسم الهجوم على جمال عبد الناصر نقول لهؤلاء لن تفلح أكاذيبكم في تزييف وعي العقل الجمعي المصري والعربي والعالمي، فمكانة جمال عبد الناصر محفورة في القلوب، ومخلدة بأعمال ومواقف لا يمكن طمسها، اللهم بلغت اللهم فاشهد.

الدكتور محمد سيد أحمد موسم الهجوم على جمال عبد الناصر خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة