الدكتور فتحي الشرقاوي يكتب: لما تتشاف وحِش في رواية أحدهم


عندما تُرى "وحِشًا" من أكثر من كنت معه "حلوًا"، ينتابك حينها إحساس مرير بالغُصّة، وتجد نفسك تائهًا وسط أمواج الحيرة المتلاطمة، تتطلع بكل حواسك وقدراتك إلى إجابة شافية معقولة تُبرر سرّ انقلابه عليك، مع أنك كنت – بسلوكك ومشاعرك – أكثر الناس اقترابًا منه وحبًا فيه.
تجده دومًا يراك عكس ما تقدمه له؛ يكثر من انتقادك، ويعدّد نقائصك، وفي الوقت الذي تقترب فيه منه، يبتعد هو عنك!
فكيف تكون أنت "الغلط" كما يريد هو أن يراك ويراك من داخله؟!
دائمًا ما تواسيه في انكساراته، ومع ذلك لا تدخل أنت ضمن دائرة إدراكه أو مشاعره أو حتى اهتماماته في لحظات تأزّمك واحتياجك إليه.
فكيف تكون أنت "الغلط" كما يصوّر له خياله؟!
ولأجل كل ما سبق، لا تندهشوا أو تعتريكم الغرابة إذا ما وجدتموه شخصًا آخر، مختلفًا تمامًا معكم، عندما تنقلب مشاعره ويصبح فجأة "وحِشًا" بحق.
لا تستغربوا موقفه، ولا تقولوا إنها مفاجأة!
لأ... فالموضوع لا علاقة له بالمفاجآت إطلاقًا.
ما أريده منكم هو محاولة فكّ شيفرة المعادلة النفسية التالية، التي تدور وتعتمل في ذهنه:
"أنا عملتله الحلو... وشافه وحِش!"
وطالما أنه يرى "الحلو" الخارج مني وكأنه "وحِش"، فليكن...
سأجعله يَرى ويحسّ "الوحِش" الحقيقي، لا بل سأُمارس "الوحاشة" على أصولها، انتقامًا من خذلانٍ طويلٍ عانيتُه عندما كنت أقدّم له كل جميل، ولا أتلقى سوى النقد والإنكار.
يا رب نكون فهمنا... وعرفنا... ووعينا سرّ "القَلْبة" عندما تحدث علينا من أحب الناس إلينا.