نتنياهو وافق على خطة ”الشاباك” لتسليح مجموعات محلية في الفطاع
اعتراف رسمي| إسرائيل تسلح جماعات فلسطينية في غزة لمحاربة ”حماس”


جاءت خطوة تسليح وتمويل جماعات مسلحة في قطاع غزة باقتراح من جهاز "الشاباك" الإسرائيلي وبموافقة من نتنياهو، وفق مسؤول أمني إسرائيلي أشار إلى أن هذه الجماعات "تتلقى تعليمات من أعلى المستويات من ضباط ’الشاباك‘ الذين يرافقون القوات في الميدان"، وأقر المسؤول الأمني الإسرائيلي بتزويدها بـ"أسلحة خفيفة، وكثير من المعدات، وأعتقد أنه كانت هناك أموال أيضاً".
مع أن زعيم تنظيم ما يسمى "القوات الشعبية" ياسر أبو شباب حاول تقديم تنظيمه وكأنه ذراع للسلطة الفلسطينية للقضاء على حكم حركة "حماس" في قطاع غزة، إلا أن حركة "فتح" سارعت إلى التبرؤ منه، والتحذير من أن الانضمام إلى تنظيمه "يقع في باب العمالة مع الاحتلال الإسرائيلي".
ويسيطر التنظيم، بغطاء من الجيش الإسرائيلي، على مناطق في جنوب شرقي رفح، في خطوة تأتي "بدافع الضرورة وليس الاختيار لمنع خطة التهجير"، وفق بيان للتنظيم الذي يتزعمه أبو شباب الذي ينحدر من عشيرة "الترابين" التي أعلنت براءتها منه.
و"لحماية الفلسطينيين من إرهاب حكومة الأمر الواقع"، في إشارة إلى حركة "حماس"، أعلن أبو شباب إنشاء قوة من مئات المسلحين، وأشار إلى أن تنظيمه "يسيطر على منطقة حررت من ’حماس‘ في قطاع غزة"، وقال إنه يعمل "تحت غطاء الشرعية الفلسطينية الكاملة"، وإنه "يتصرف بناءً على تعليماتها وبالتنسيق الكامل معها"، لكن الناطق باسم حركة "فتح" في قطاع غزة منذر الحايك هاجم، بشدة، أبو شباب وغيره من قادة العصابات المسلحة التي تنشط تحت "غطاء المسيرات الإسرائيلية"، وحذر الفلسطينيين من الانتظام في "أعمال خارجة عن تقاليد الشعب الفلسطيني"، وطالب الحايك العائلات بمنع أبنائها "من الانجرار والانضمام إلى تلك المجموعات التي تتحرك ضمن مربع الجواسيس".
واعتبر أن دعم إسرائيل هذه المجموعات يأتي في "ظل خططها لليوم التالي للحرب، وبهدف نشر الفوضى والانفلات الأمني، ومنع عودة السلطة الوطنية إلى قطاع غزة". وبحسب الحايك، أيضاً، فإن حركة "فتح" "لن تقبل ذلك، وتتمسك بضرورة عودة الحكومة الفلسطينية وطواقمها الإدارية والأمنية لتولي مسؤولياتها في قطاع غزة"، وأوضح أن الحكومة الفلسطينية "هي الجهة الوحيدة التي يجب أن تحكم قطاع غزة"، مشيراً إلى وجود دعم عربي وإسلامي لذلك، وأشار إلى أن حركة "حماس" "أصبحت ضعيفة في قطاع غزة، وبأن عليها الموافقة على تسليم القطاع إلى السلطة الوطنية".
"الأسلحة الخفيفة والبنادق الهجومية"
ومع أن تحركات تنظيم أبو شباب تعود إلى أسابيع ماضية عدة، إلا أن اعتراف تل أبيب بتسليحها مجموعات مسلحة في قطاع غزة بهدف محاربة "حماس"، وحماية الجنود الإسرائيليين، أعاد تسليط الأضواء على التنظيم. وجاء الاعتراف بعد اتهام وزير الدفاع الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتسليح "عائلات إجرامية" في قطاع غزة بـ"الأسلحة الخفيفة والبنادق الهجومية".
وجاءت خطوة تسليح وتمويل جماعات مسلحة في القطاع باقتراح من جهاز "الشاباك" الإسرائيلي وبموافقة من نتنياهو، وفق مسؤول أمني إسرائيلي أشار إلى أن هذه الجماعات "تتلقى تعليمات من أعلى المستويات من ضباط ’الشاباك‘ الذين يرافقون القوات في الميدان"، وأقر المسؤول الأمني الإسرائيلي بتزويدها بـ"أسلحة خفيفة، وكثير من المعدات، وأعتقد أنه كانت هناك أموال أيضاً".
واعتبرت مصادر أمنية إسرائيلية أن هذه الخطوة تمثل "سياسة جهد إسرائيلي منظم لمواجهة حماس"، وبحسب المصادر نفسها، فإن أفراد المجموعات المسلحة "لا ينتمون إلى ’حماس‘ ولا إلى ’فتح‘، وبأنهم يقاتلون ضد ’حماس‘، ويساعدون في تأمين مراكز توزيع المساعدات".
وانتشرت، خلال الأيام الماضية، على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لتنظيم أبو شباب، ويظهر فيها مسلحون يرتدون خوذاً وسترات واقية.
ورأى الباحث في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور أن تسليح إسرائيل مجموعات مسلحة محلية جاء "في ظل رفضها عودة السلطة الفلسطينية أو بقاء سيطرة حركة ’حماس‘ على قطاع غزة، أو فرض الحكم العسكري في القطاع"، وبحسب منصور "فإن إسرائيل وجدت في مجموعات مسلحة بديلة لذلك، بخاصة بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي على مساحات شاسعة من أراضي قطاع غزة، واعتبارها مناطق عازلة"، لكن منصور شكك في إمكان نجاح هذه المجموعات المسلحة من دون حماية إسرائيلية، "فمصيرها مرتبط ببقاء الجيش الإسرائيلي، وحينما ينسحب من قطاع غزة ستنتهي".
ووصف الباحث السياسي أكرم عطا الله تسليح إسرائيل مجموعات مسلحة بأنه "مستوى جديد من الانحطاط عبر تجنيد فلسطينيين لقتل فلسطينيين"، وتابع أن هذا الأمر يمثل "اختراقاً للداخل الفلسطيني، وأصعب على ’حماس‘ من القوات الإسرائيلية، لأن مسلحي هذه المجموعات من غزة، ويعرفون كل شيء عن تفاصيل الحياة فيها"،
وأشار إلى أن رد نتنياهو على ليبرمان يشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية "تريد استعمال هذه المجموعات للقتال ضد حركة ’حماس‘ بدلاً من الجيش الإسرائيلي، وليس إبعاد ملف المساعدات عن حركة ’حماس‘ فقط"، واستعبد عطا الله انتظام السلطة الفلسطينية في هذه "المحاولة القذرة لإسرائيل، على رغم رغبة السلطة في العودة إلى حكم القطاع، لكن ليس بهذه الطريقة"، ولفت إلى أن هذه "ظاهرة غريبة عن الشعب الفلسطيني لكنها جاءت نتيجة الفقر وانعدام الغذاء".
ورأى المحلل السياسي الإسرائيلي يؤاف شتيرن أن خطوة تسليح إسرائيل جماعات مسلحة من قطاع غزة جاءت "مفاجئة، لأننا نسمع دائماً من حكومة نتنياهو أن الفلسطينيين جميعهم في قطاع غزة أعداء لإسرائيل، فكيف نسلح العدو؟"، وأشار إلى أن "حكومة اليمين في إسرائيل تتهم دائماً حزب العمل بالسماح بتسليح الأجهزة الأمنية الفلسطينية وفق اتفاق أوسلو، وها هي حكومة اليمين تسلح أفراداً في ظل الحرب".
واعتبر أن فكرة تقوية مجموعات مستعدة للتعامل مع إسرائيل ضد "حماس"، ولحماية مصالح إسرائيل "ليست جديدة، فالكل يعرف روابط القرى في الضفة الغربية، وجيش لبنان الجنوبي"، إلا أن شتيرن شدد على أن تلك التجارب السابقة انتهت بالفشل مرجحاً فشل التجربة في غزة.
ورأى الباحث الأمني والناطق السابق باسم "المؤسسة الأمنية الفلسطينية" عدنان الضميري أن أبو شباب "يحاول إيجاد شرعية لتنظيمه المسلح عبر الترويج لعلاقة اخترعها مع السلطة الوطنية"، وأوضح أن السلطة الوطنية "لا علاقة لها بأبو شباب، على رغم معارضتها حركة ’حماس‘"، مضيفاً أن إسرائيل "تعمل على نشر مزيد من الفوضى في قطاع غزة"، وبحسب الضميري فإن "’حماس‘ فقدت سيطرتها المركزية على قطاع غزة، وما نشاهده اليوم ليس سوى مجموعات مسلحة صغيرة من دون قرار مركزي"، كذلك أوضح أن الحركة فقدت أيضاً سيطرتها الأمنية على القطاع "ومن يتحرك على الأرض هم أفراد تابعون لـ’حماس‘ يحاولون كسب الأموال".