خطة اقتصادية لاصطياد 271 مليار دولار.. رئيس الأرجنتين يستعد لتخفيف قواعد التهرب الضريبى


يستعد الرئيس الأرجنتينى خافيير ميلى لتخفيف القواعد الصارمة الخاصة بالتهرب الضريبى فى البلاد فى محاولة لجذب مليارات الدولارات من المدخرات "الخفية" وإدماجها داخل الاقتصاد الرسمى.
وقالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية إنه من المقرر أن يكشف الرئيس الليبرالي النقاب خلال الأيام المقبلة عن إصلاحات تستهدف إقناع ما أطلق عليهم "الأبطال" الذين يكتنزون الدولارات الأمريكية بشكل غير معلن من أجل الفرار من تقلبات العملة المحلية "البيزو"، وفقدان ثقتهم في البنوك والحكومة.
ولفتت تقديرات رسمية إلى أن تعثر الاقتصاد الأرجنتيني، والرقابة الرأسمالية الصارمة، والرصيد التاريخي من التغييرات في المنظومة الضريبية، جميعها عوامل دفعت المدخرين إلى اكتناز حوالي 271 مليار دولار "تحت المراتب"، وفي صناديق إيداع آمنة، وخارج حدود البلاد.
في المقابل، قال معارضون إن جهود الرئيس الليبرالي ميلي لاجتذاب المدخرين وإغرائهم قد تصبح هدية من السماء لمحترفي التهرب الضريبي، ولممارسي أنشطة غسيل الأموال.
لكن حكومة بوينس آيرس تدعي أنها بينما تقوم بإعادة تنظيم الأموال المكتسبة عن طرق مشروعة والتي لفظتها تحديات الأوضاع في الأرجنتين إلى خارج المنظومة، فإنها لا تزال قادرة على مراقبة تدفقات "الأموال القذرة".
كان الرئيس الأرجنتيني قد صرح أمام مؤتمر إدارة أعمال عقد الأسبوع الماضي قائلاً "إن أولئك الذين يخفون الأموال ليسوا مجرمين، إنهم أبطال تمكنوا من الهروب من السياسيين الفاسدين الذين أرادوا خداعكم بالتضخم."، وتابع قائلاً "إننا نخفف اللوائح حتى لا يُظلم أحد بسبب أنه يستخدم الدولارات التي يكتنزها تحت المرتبة."
ويرى خبراء أن هناك قدراً كبيراً من الاقتصاد الأرجنتيني يعد اقتصاداً غير رسمي، إذ أن ما يقرب من نصف العاملين في الدولة غير مسجلين ولا تشملهم الحسابات، كما أنه من الشائع، حتى بالنسبة للموظفين الرسميين، أن يحصلوا على جزء من رواتبهم بصورة غير مشروعة من تحت الطاولة.
وأشاروا إلى أن كثيراً من المشتريات مثل السيارات وحتى المنازل يتم سدادها، في الغالب، بالدولار الأمريكي، حيث يقوم المشترون بتمرير حقائب العملات الصعبة عبر الطاولة إلى البائعين، فيما تُسجل الأسعار بأقل من القيم التي تم سدادها.
وتنقل "فاينانشيال تايمز"عن بروفيسور القانون الضريبي في جامعة أوسترال الأرجنتينية، دييجو فارجان، قوله "إن مواطني الأرجنتين لديهم شهادات دكتوراه في كيفية الاحتفاظ بأموالهم بعيداً عن السلطات. لذا فإن الحكومة لابد لها من اختراع بعض ’الجزرات’ لجذب تلك الدولارات لأن ’العصي’ لم تعد تفلح معها."
ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن نزعة إخفاء الدولارات في الأرجنتين ليست وليدة اليوم بل لها جذور ممتدة وعديدة، من بينها سلسلة الأحداث التي طرأت في تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة حيث قامت الحكومة الأرجنتينية باتخاذ إجراءات مفاجئة لتقييد الوصول إلى المدخرات وطبقت سياسات ضريبية تأرجحت على نطاق واسع بين إدارة أخرى.
وقد تقزمت قيمة العملة المحلية "البيزو" تحت وطأة معدلات التضخم المزمنة، ما شجع المواطنين على الادخار بالعملة الأمريكية الدولار.
وعندما فرضت الحكومة في عام 2011 تدابير مراقبة العملة، الرامية إلى تحجيم مشتريات الدولار من أجل تصحيح وضع العملة المحلية "البيزو"، أخرج العديد من الأرجنتينيين مكاسبهم خارج إطار المنظومة الرسمية والقانونية، وانتقلوا بها إلى السوق السوداء الرحبة للدولار الأمريكي، التي يطلق عليها في الأرجنتين بـ"الزرقاء".
ويتوقع محللون أن تركز إصلاحات ميلي لمثل هذه القواعد على تشجيع شراء السلع والبضائع الباهظة الأسعار، كالسيارات والأجهزة المنزلية.
كما أن العديد من السياسات المرتبطة بالضرائب تتطلب موافقة أعضاء الكونجرس لإجراء أي تغييرات عليها، مشيرين إلى أنه ليس من الواضح ما إذا كان الرئيس الأرجنتيني سيسعى إلى إجراء تلك التغييرات قبل انتخابات التجديد النصفي في أكتوبر المقبل.
ويراهن الرئيس الليبرالي على الدولارات "المخبأة تحت المراتب"، على حد توصيف الصحيفة البريطانية، من أجل تعزيز الإنفاق الاستهلاكي الذي مني بالركود خلال الأشهر الأخيرة، في الوقت الذي يتعرض أصحاب الدخول المؤقتة لضغوط كبيرة من أجل مواجهة معدلات التضخم المتصاعدة بقوة الصاروخ، والتي بلغت ذروتها في العام الماضي حين بلغت 289 في المائة.
وفي ضوء ضعف حظوظ إمكانية تمرير إصلاحات اقتصادية هيكلية قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في أكتوبر المقبل، فإن الإنفاق الاستهلاكي يبقى هو طوق النجاة والخيار الأسهل الذي يلوذ إليه الرئيس ميلي لتعزيز الأداء الاقتصادي لهذا العام.