لا بد لك من حزن يؤرقك، وهم يفجعك، ومرض يبغتك، وديون تطاردك ليلا ونهارا.

لا بد لك من دمعة تذرفها، وشمعة تحرقها، وليل طويل تسامر فيه القمر.

لا بد لك من فراق أليم، وجرح قديم، وهواجس تحيط بك من كل مكان.

لا بد لك من فشلٍ مخزٍ، وسقوطٍ مدوٍّ، وإجحافٍ متكرر، وإحباطٍ ينتابك بين الحين والآخر.

لا بد لك من خذلانٍ تلقاه، وصديقٍ يخيِّبُ ظنَّك، وقريبٍ يجرحك، وبعيدٍ يسرقُ فرحتك.

لا بد لك من وحشةٍ تشعر بها، وظُلمةٍ تهاب منها.

ستجد أن وقتك يتفلَّتُ من بين يديك، وعمرك يتصرم بسرعة الضوء، وشبابك يذوب، وصحتك تتضاءل.

إنها الحياة بكل تفاصيلها.

فراق وبُعد، وقرب ولقاء، وفقر وغنىً، وجوع وشبع، وعُري ولبس، وأمراض وعافية، وبكاء وضحك، وشوق عارم، وحب مؤرق، وصديق يأتي وغيره يذهب.

لو لم تكن هكذا هي الدنيا، فلا معنى لها ولا قيمة، ولا حسنات ترفع، أو سيئات تخفض.

وراء هذه المسرحية فصل عادل، وإنصاف متقن، ومحكمة إلهية كبرى.

لذا: لا بد لك من كل ذلك.

فلعل وراء الدمعة فرحة طويلة، والحُزن يعقبه عطاء متدفق، والألم يتبعه سرور دائم.
ومظلمتك خلفها حق قادم.

فثق أن كل شيء يتبدل، وكل ليل يعقبه نهار، وأن المستحيل هو أن تكون كما أنت بعد الآن.