خط أحمر
الخميس، 25 أبريل 2024 05:55 مـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

مروة صعب تكتب.. يودايمونيا القرن الحادي والعشرين

خط أحمر

إسعَ إلى السعادة وربما تموت وأنت تحاول...ليس من السهل الغوص في فلسفة السعادة ،هي لغز سعى  الفلاسفة على مر العصور لاكتشاف ماهيته، فكيف نجدها نحن؟

اليوم إن سألت البعض عن مفهوم السعادة بالنسبة إليهم سيجيبونك بأجوبة غير سارية المفعول، بعضهم يجد سعادته في رحلة سياحية إلى المالديف وبعض في الإرتباط ومشاركة حياتهم مع شخصهم المفضل  والبعض الآخر في مشاهدة مباراة لفريقهم المفضل والأغرب من كل ذلك من يجدوا السعادة في قطعة لحمة! أيعقل؟  غالباً يختار البعض المتعة اللحظاوية تلك التي تنتهي بإنتهاء الأشياء، كإنتهاء طبق اللحم مثلاً أوالعودة إلى البيت بعد عطلة سياحية، أو نهاية مباراة كرة القدم، أوربما نهاية العلاقات.

منذ وجود الإنسان اختلف في تحديد مصدر سعادته، وطريقة طلبها، ويعود ذلك للاختلاف في فهم معنى السعادة في الأساس، فكان تارةً  يسعى لتحقيق اللذة البهيمية في الإنجرار خلف الشهوات  والغرائز  تارةً أراد الوصول إلى السلطة والمجد و الحصول على الثروة و ثم في وقت آخر أراد أن يكون حكيماً مفكراً، يجد سعادته في تحقيق الذات والتفكر والغوص في العلم والفلسفة.

ربما تكون المشكلة في جعل السعادة هدف اللحظة، على سبيل التاريخ، استبدل الإغريق على رأسهم أرسطو السعي خلف السعادة باليودايمونيا أو  Eudaimonia  وتعني الكلمة اليونانية تحقيق أفضل الظروف الممكنة للإنسان ، بكل معنى الكلمة، ليس فقط السعادة ، ولكن أيضًا الفضيلة والأخلاق وحياة ذات معنى، وكان الهدف أن نصبح أشخاصًا أفضل لتحقيق ذاتنا كبشر.

فالسعادة هي شعور قد يخلقه الإنسان  أو يخسره في أي لحظة، على غرار اليودايمونيا  التي تستغرق جهداً طويلاً  وربما حياةً كاملةً لبناءها وتحقيقها. السعادة التي تختلف من شخص إلى آخر قد تفقده مبادءه للحصول عليها، وربما يخسر ذاته وهو يحاول، مثلاً قد يسرق المرء ليشتري سيارته المفضلة، أو ربما يتحول إلى حيوان وهو يغذي غريزته الحيوانية فينتهي بنفسه مغتصباً مجرداً من الإنسانية مع انتهاء لحظات اللذة البهيمية.

إذاً للسعادة وجهان، قد تتحقق بتناول قطعة حلوى وتنتهي مع انتهاء القطعة أو تكلفنا إنسانيتنا وقيمنا ولا يعني هذا أن طريق السعادة  لا يمكن أن يكون إيجابي، ولكن الفوز في معركة واحدة لا يعني فوز الحرب كاملةً و «طائر سنونو واحد لا يجعل من الفصل صيفًا».. أما اليودايمونيا  فهي أسلوب حياة يتحقق عبر تطوير النفس وتقويمها و السيطرة على الغرائز والشهوات و تطوير المثل، والتي ربطها أرسطو في سيطرة الإنسان على جسده وعقله، والتزامه بالأخلاق وبحياة الفكر والتأمل، والذي اعتقد أن لا يمكن للسعادة أن تكون بهجة قصيرة الأمد.

والمقارنة بين السعادة و اليودايمونيا لا تعني أنهما نقيضين، ربما هما يتكاملان بإكتمال أحدهما الآخر ، ويمكننا استنتاج ذلك عبر ربط  أرسطو السعادة بالأخلاق و الفضيلة  اليوم يعيش الغالبية  حياة مادية غير مكترثين لما قد يخلفه اللهو والعبث بالفضائل، ربما إذا أردنا قياس معدل يودايمونيا  العصر، سنجد أننا لم نفقد المقياس فحسب بل فقدنا إنسانيتنا في سبيل المادة.

مروة صعب يودايمونيا القرن الحادي والعشرين خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك مصر