رحيل المخرج الفرنسي جودار.. نهاية 60 عاما من التمرد السينمائي


برحيل المخرج الفرنسي الكبير جان لوك جودار، فقدت السينما الفرنسية والعالمية أحد أبرزصناعها التجريبيين الذين أسسوا لـ"الموجة السينمائية الجديدة" التي أحدثت انقلابا في الفكر السينمائي ومسار أساليب الفن السابع بصورته التاريخية، والجمالية، والسردية، والفلسفية والتي قد لا ترتبط معها بصريا بشكل مباشر، وهى التى صنفها النقاد بـ"سينما ما بعد الحداثة" وأضيف بل والتمرد عليها وهو يلقي بنظرته النقدية للواقع الاجتماهى والسياسي.
ولد جودار في باريس عام (1930)، درس في جامعة السوربون، واحترف النقد أثناء دراسته حين أسس أندريه بازان مجلته السينمائية الطليعية "دفاتر السينما"، إذ كان جودار من كتّابها الأوائل قبل أن ينتقل إلى الإخراج وقد اثر تكوينه النقدي في أسلوبه على مدى مشواره السينمائي فيما بعد مشتغلًا على التجريب في السرد السينمائي، وبناء الفيلم، متحديًا التقاليد السينمائية المعتادة.
انضم جودار فى بداية المشوار إلى مجموعة من المتمردين على واقع السينما الفرنسية منهم فرانسوا تروفو وجاك ريڤيت وإريك رومير وكلود شابرول الذين أصبحوا من أهم المخرجين فيما بعد.
قدم جودار مجموعة من الأفلام التي تبقى في تاريخ السينما كمصدر إلهام وإبداع وتجدد وتمرد كبير.
وقد بلغت قمة حداثة جودار فى فيلم "اشتراكية" 2010، نرى شاعرية سياسية خاصة كرؤية على هوية الأمة الفرنسية في سياقها الأوروبي، والتفرقة الاجتماعية والثقافية في القارة، وكيف تؤثر على البلدان المختلفة بداخلها من ثلاث مراحل الأولى تقع في سفينة سياحية، تعرض محادثات بعدة لغات بين شخصيات آتية من بلدان عدة بأوروبا، وكأننا أمام "برج بابل" معاصر الثانية تدور حول حوار بين طفلين ووالديهما، تظهر من خلال هذا الحوار أسئلة حول الحرية، المساواة، الإخاء، وقيم الأمة الفرنسية، والثالثة تظهر زيارات لأماكن تاريخية في مصر وفلسطين، أوديسا، نابولي، اليونان وبرشلونة. وقد حمّل دول الغرب الاستعمارية ذنب ما يعرف بـ"الهولوكوست" اليهودي، ثم يقارن بينة وبين الهولوكوست الفلسطيني.
ويأتي فيلمه "وداعًا للغة" 2014، علاقة عاطفية بين اثنين تظهر محادثاتهما أفكاراً حول الفن والأدب والقضايا الاجتماعية والسياسية ونستكشف نوعًا مختلفًا من الاشتباك مع فكرة استخدام اللغة، إذ كان جودار مؤمنا بعجز اللغة وعمقها مع تعقد العالم الحديث بحسب رؤية الناقد الكبير أمير العمري.
ونعود لفيلم "لاهث "- Breathless - 1960 ، أول أعماله بطولة جان-بول بيلموندو، والذي أصبح بعد ذلك أحد أشهر الممثلين في حركة "الموجة الجديدة" الفرنسية، وجان سبيرج، التي راجت قصّة شعرها المميزة في الفيلم.