الدكتور عادل عامر يكتب .. المنافسة وتخفيض الاسعار


المنافسة المثالية هي نظام السوق الذي يتميز بوجود العديد من المشترين والبائعين، وبحسب التعريف النظري القديم للمنافسة المثالية يوجد عدد لا نهائي من المشترين والبائعين، ومع كثرة المشاركين في السوق يستحيل على مشارك واحد التحكم في السعر السائد أو تعديله، وإذا حاول تعديل السعر فسوف يبحث المشترين والبائعين على بدائل لا حصر لها.
الاحتكار هو المعنى المضاد للمنافسة المثالية فهو يعني وجود منتج واحد لسلعة أو خدمة معينة ولا يوجد بديل مناسب له، في هذا النظام السوقي يكون المحتكر قادراً على فرض السعر حسبما يريد بسبب غياب المنافسة ومع ذلك تكون عائداته محدودة بقدرة العملاء أو استعدادهم لدفع هذا السعر.
إذا كانت الشركة تستطيع تخفيض تكاليفها بشكل كبير من خلال زيادة حجمها في السوق، فمن الممكن أن تخوض حرب الأسعار.
ويمكننا القول إنك لست مضطرًا إلى الفوز في حرب أسعار، بل عليك المضي قدمًا في عرض منتجاتك وخدماتك وكسب ثقة العميل. إن تحديد سعر لمنتج ما ليس بالشيء السهل على أي صاحب منتج ،
فوضع الأسعار اشبه بخوض المعركة فيشمل التخطيط والدراسة و الدراية و وضع استراتيجيات قصيرة و طويلة الأمد و جمع المعلومات للقدرة على خوض تلك المعركة الشرسة التي لا رحمه بها ولا تهاون مع باقي المنافسين .
المنافسة الاحتكارية هي أحد أنواع الأنظمة الاحتكارية المكونة من عنصرين هما الاحتكار والمنافسة المثالية، فكما يوجد نظام سوقي تنافسي مثالي يوجد العديد من المنافسين في السوق لكن مع وجود اختلاف وهو أن كل منافس يختلف اختلافاً كبيراً عن الأخر حيث يمكن لأحد المنافسين فرض أسعار أعلى من الشركات التي تنافس منافسة مثالية، ومن أمثلة المنافسة الاحتكارية سوق الموسيقى حيث يوجد العديد من الفنانين لكن كل منهم يختلف عن الأخر ولا يمكن استبداله بفنان أخر.
في الأغلب الشركات الكبرى هي القادرة على المنافسة السوقية لما تتمتع به من تمويل كبير و استقطابها لكفاءات متميزة وسيرها على نهج و استراتيجيات مدروسة بشكل دقيق جداً و امتلاكها الادوات و المهارات اللازمة للتعامل مع حرب الاسعار تلك ، بينما الشركات الصغيرة و المتوسطة تفتقر لتلك الأمور مع ان مبادئ التوجيه نفسها لجميع الشركات
الا أن بعض الحلول غير مناسبة للشركات الصغيرة و حجم الإنفاق و التضحية أقل لديها ، ولمقدرة تلك الشركات الصغيرة أو المتوسطة على تحقيق غايتها و كسب جزء من السوق و تحقيق بعض المرابح المالية يجب عليها أن تضع استراتيجيات مدروسة بشكل دقيقة و أن تتجنب خوض معركة و حرب الأسعار مع الشركات الكبرى .
وقبل أن تخوض حرب أسعار فكر مليًا من عدة نواحٍ مثل الشركات المنافسة في هذه الحرب، الاستراتيجيات التي ستسير عليها للفوز، والتكاليف التي ستتحملها في تقسيم السوق، وتسعير المحفظة المالية، وتنويع منتجاتك.
في الكثير من الأسواق الجديدة يمكن تخفيض الأسعار ومنع السوق من تحقيق نمو سريع؛ إذ تحفز الأسعار المنخفضة العملاء على الإقبال على شراء المنتج وزيادة حجم السوق بشكل عام. حرب الأسعار مشتعلة ليلاً نهاراً وغايتها نحن ، لذا توجب علينا معرفة تلك الأساليب و معرفة كيفية التعامل معها و عدم الوقوع كضحاياه في بعضها وتفقد المنتج المعروض قبل شرائه من تاريخ و جوده و سلامه .
لا تختلف أنظمة السوق وفقاً لعدد المنتجين وحسب بل قد تختلف أيضاً وفقاً لعدد المشترين، فحيث أن نظام المنافسة المثالية يتضمن نظرياً عدد لا حصر له من المشترين والبائعين فأن نظام احتكار الشراء يتضمن مشتري واحد لسلعة أو خدمة معينة مما يمنح هذا المشتري سلطة تقرير سعر المنتجات. وهو ما قد ينطبق على بعض الخدمات والمشاريع الكبرى التي تكون الحكومة هي العنصر الوحيد الذي يقوم بطلبها على غرار مشاريع البنية التحتية.
وقد كان أخطر آثار العصر الجديد بروز التنافسية كحقيقة أساسية تحدد نجاح أو فشل المؤسسات بدرجة غير مسبوقة, و من هنا أصبحت المؤسسة في موقف يحتم عليها العمل الجاد و المستمر لاكتساب الميزات التنافسية لإمكان تحسين موقعها في الأسواق أو حتى مجرد المحافظة عليه في مواجهة ضغوط المنافسين الحاليين و المحتملين. والاحتكارات الطبيعية هي مجالات إنتاج السلع والخدمات التي تتطلب استثمارات ثابتة كبيرة، وتتمتع بوفورات الحجم الكبير، أي أنه كلما كبر حجم المشروع المنتج لهذه السلع والخدمات فإن التكلفة المتوسطة للوحدة سوف تنخفض.
وعلي هذا لا تصلح المنافسة في هذه الأنشطة إذ تقتضي وجود عدد كبير جدًا من المنشآت المنتجة التي لا يمثل إنتاج كل منها إلا نسبة ضئيلة في السوق. وإذا حدث هذا فإنها لن تكون كفئا أو يصبح سعر السلعة أو الخدمة باهظًا مما يمنع من تصريفها، وينتهي الأمر بإفلاس غالبية هؤلاء المنتجين مع سيطرة منتج واحد أو عدد قليل منهم علي السوق، ولذلك أطلق الاقتصاديون اسم الاحتكارات الطبيعية علي مجالات الإنتاج هذه.
وعندما يكون هناك احتكار طبيعي، فمن دور الدولة ومسؤوليتها أن تمنع المنافسة الضارة في الإنتاج، وأن تصدر رخصة احتكار للمنتج. ولكن الأمر لا يتوقف عند ذلك، بل إن الجزء المتمم لهذا التنظيم هو الرقابة علي المنتج المحتكر من حيث سعر البيع، والسلامة الصحية، والتجديد المستمر في أساليب الإنتاج بحيث يحقق مصلحة جميع الأطراف وهي المجتمع، والمستهلكون، والمنتج نفسه.
ويبرز ذلك بصورة واضحة في أمرين أساسيين: أولهما أن تكلفة خدمات السلعة تزيد كثيرًا علي نظيرتها في الدول المتقدمة علي الرغم من أن متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي فيها يبلغ أضعاف نظيره في مصر. وثانيهما: تحقق الشركات التجارية والاستهلاكية الخدمية أرباحًا غير عادية طائلة نتيجة ما تتمتع به من ظروف احتكارية.
إن من الأدوار الرئيسية للدولة في مختلف النظم الاقتصادية رأسمالية أو غيرها - أن تحول بين المحتكر وتحقيقه الأرباح غير العادية، وأن تتدخل بالرقابة عليه في وسائل الإنتاج والتسعير وحساب التكلفة النمطية وغيرها.
ومن ثم يجب علي الدولة أن تجبر هذه شركات علي تخفيض أسعار الخدمات التي تقدمها لجمهور المستهلكين سواء من القطاع العائلي أو الأعمال أو الحكومة، وإذا كان هذا الأمر ضروريا في ظل الأوقات العادية، فإنه يكون ملحاً في هذه الفترة التي تشكو فيها من التضخم وارتفاع الأسعار بطريقة غير عادية. إن تخفيف حدة التضخم لا يتم إلاّ بتحقيق التعادل بين العرض والطلب وزيادة الإنتاج
ورفع الإنتاجية مع تحسين كفاءة الأسواق، إلا أن هذا لا يكتمل إلا في فترة طويلة وفي الأمد البعيد، ولا يمكن الانتظار إلي ذلك الحين، والحكومة تريد أن تخفف من غلواء ارتفاع الأسعار، والسبيل المباشر إلي ذلك هو تخفيض أسعار بيع السلع والخدمات التي يوجد بها احتكار ويحقق منتجوها أرباحًا احتكارية غير عادية.
إن الارتفاعات المتتالية في أسعار العديد من السلع والخدمات تنذر بارتفاع معدل التضخم ارتفاعًا كبيرًا في المستقبل، وإذا كانت الدول الرأسمالية المتقدمة تلجأ في حالات محددة إلي تجميد الأسعار والأجور لفترة ستة شهور مثلاً، فما أقل من أن تمنع الحكومة عندنا استغلال المواطنين، وتوقف تحقيق الأرباح غير العادية بأن تجبر الشركات المحتكرة للسوق - وغيرها- علي تخفيض أسعار البيع إلي المستوي الذي يتسق مع حساب التكلفة النمطية والسماح بمعدل ربح عادي معقول.