مقالات

الدكتور محمد اليماني يكتب: السيارات الكهربائية والشحن والأثر البيئي

خط أحمر

السيارة الكهربائية هي السيارة التي تعمل باستخدام الطاقة الكهربائية ( بدون البنزين او السولار او الغاز) وهنالك العديد من التطبيقات لتصميمها ، حيث يتم تزويد المحرك بالطاقة اللازمة عن طريق بطاريات تخزين التيار الكهربائي، وتوجد مركبات للاستخدام الصناعي أو نقل الأشخاص في إطار النقل العام وتشمل الباصات والقطارات والترام ، وتعتمد تصميمات السيارة الكهربائية على محرك يعمل بالكهرباء، ونظام تحكم كهربائي، وبطارية قوية يمكن إعادة شحنها مع المحافظة على خفض وزنها، وجعل سعرها في متناول المشتري. وتعتبر السيارة الكهربائية أنسب من سيارات محرك الاحتراق الداخلي من ناحية المحافظة على البيئة، حيث لا ينتج عنها مخلفات ضارة بالبيئة.

ليس هناك فروق بين السيارة العادية والسيارة الكهربائية، سوى فى توليد الطاقة، فالأولى تعتمد على حرق الوقود لتوليد الطاقة حتى يعمل المحرك، بينما تعمل السيارة الكهربائية من خلال شرائح مصنعة خصيصا للاحتفاظ بالطاقة توزيعها على الإنارة والمحرك ، ويبدو أن السيارات الكهربائية هي مستقبل القيادة التي تزداد أهمية أكثر فأكثر مع استمرار مواجهتنا لمعركة تغير المناخ، ولكن لا يزال هناك تحديات مثل المدى الذي يمكن أن تقطعه ، فالسيارات الكهربائية لها نطاق محدود وفقا لشحن البطارية، ولا يوجد حتى الآن عدد كافٍ من محطات الشحن على مستوى العالم. ايضا فان فترات الشحن التي قد تمتد لعدة ساعات مما يشكل ضغطًا على السائق، وهناك سيارات كهربائية حديثة تقوم بقطع أطول مدى بشحنة واحدة ، مثل سيارات تسلا وسيارات بي ام دبليو و تويوتا وغيرها .. ظهرت أول سيارة كهربائية في أوروبا خلال الثمانينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، وسرعان ما نالت إعجاب الناس في الولايات المتحدة، وقاد الأمريكيون في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي سيارات كهربائية أكثر مما قادوه من سيارات الاحتراق الداخلي ، ولكن مع بداية القرن العشرين الميلادي أصبحت سيارات الاحتراق الداخلي أكثر قوة، وذات أداء أفضل ، كما قلّت حاجتها لإعادة التزود بالوقود، وأصبحت أقل تكلفة من السيارات الكهربائية، فتراجعت اسواق السيارات الكهربائية نسبيا ، وظلت مبيعاتها قليلة نظرًا لسعرها المرتفع ومداها المحدود وأدائها الضعيف، فقد أسهم عدم القدرة على إنتاج بطارية غير مكلفة، وقوية وخفيفة الوزن في وضع قيود على نجاح هذه السيارة ، واستطاع الصناع في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين تطوير نوع اختباري من السيارات الكهربائية عُرف بالهجين ، فلهذه السيارات كل مكونات السيارة الكهربائية بالإضافة إلى آلة احتراق داخلي يمكن استخدامها في إعادة شحن البطاريات، أو في تسيير المركبة عند اللزوم ، وظهر في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي أكثر السيارات الكهربائية تطورًا من الناحية التقنية وهي السيارة سنريسر التي طوّرتها مؤسسة جنرال موتورز ، وفي هذه السيارة الاختبارية تستخدم الطاقة الشمسية في إعادة شحن البطارية ، وتستمر شركات السيارات العالمية بتطوير صناعة عشرات الطرازات المختلفة من السيارات الكهربائية تحديدا، وتعد الصين المنتج الأول لتك النوعية من السيارات بما تملكه من إمكانيات كبيرة وقدرات تصنيعية كبيرة ؛ مما دفع مصر لاختيار إحدى الشركات الصينية للتعاون لتصنيع سيارة بالشراكة معها ومع شركة النصر للسيارات بصورة مبدئية ، وجاري الاتفاق النهائى على كافة البنود العالقة، ومنها السعر ونسبة المكون المحلى ، ومدى السير والسرعة القصوى وكماليات ومزايا(مثل التكييف والكاميرات والحساسات وغير ذلك ) .

أعلنت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر، القرار الوزاري رقم 14 لسنة 2022 بتاريخ 26 يناير 2022 تعريفة شحن السيارات الكهربائية لمختلف الفئات، وفقا للقرار المنشور في جريدة الوقائع المصرية، وقد سبق ان اصدر جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك كتاب دوري رقم 5 لسنة 2022 بشأن القواعد الخاصة بتنظيم العمل في مجال شحن السيارات والمركبات الكهربائية ، وبدأ تطبيق تعريفة شحن السيارات الكهربائية في جميع محطات الشحن في محافظات مصر اعتبارًا من 28 يونيو 2022 و يمكن أن يكون الوقت المستغرق لشحن سيارة كهربائية أقل من 30 دقيقة أو أكثر من 12 ساعة. هذا يعتمد على حجم البطارية وسرعة نقطة الشحن ونوع التيار ، ويتم الشحن بالتيار المتردد مقابل 1.89 جنيه مصري لكل كيلووات ساعة، و3.75 جنيه لكل كيلووات ساعة للشحن بالتيار المستمر، اعتمادا على نوع وموقع المحطة ، وتختلف الأسعار بناء على ما إذا كانت محطة الشحن عامة أو في المؤسسات التجارية المملوكة ملكية خاصة،او في المنزل ، والأسعار سارية لمدة عام واحد من تاريخ العمل بالقرار ، ففي محطات التيار المتردد منخفضة الجهد في المناطق التي يتعين على مقدم الخدمة فيها استئجار الأرض، يدفع المستهلكون 1.89 جنيه للكيلووات في الساعة( 0.677 جنيه رسوم الخدمة، ورسوم التوزيع 1.213 جنيه )، ولكن في محطات التيار المستمر حتى 50 كيلووات ستكلف 3.75 جنيه لكل كيلووات ساعة 2.537 ( جنيه رسوم خدمة و 1.213 جنيه رسوم توزيع) علما بان التيار المتردد AC هو التيار الذي ينتقل عبر شبكة الكهرباء الوطنية ويخرج من مقبس الحائط الخاص بك، ولكن هذه العملية يمكن أن تكون أبطأ ويفضل تحويلها إلى تيار مستمر DC لتخزينها في بطاريات السيارات الكهربائية ، إذ تسمح شواحن التيار المستمر بالشحن السريع لأنها تسحب كمية كبيرة من الطاقة الكهربائية من الشبكة ويمكنها شحن البطاريات في السيارة الكهربائية بدون تحويل الكهرباء من شكل إلى آخر. ولهذا فإن محطات شحن التيار المستمر تعتبر محطات شحن سريع ، وهي تتطلب الكثير من الطاقة لتشغيلها والكثير من البنية التحتية لإنشائها ، أما من الناحية العملية، هذا يعني سداد مبالغ أكبر لشحن السيارات الكهربائية بشكل أسرع في أماكن مثل مواقف السيارات في المراكز التجارية أو محطات الشحن على جانب الطريق (والتي عادة ما تكون محطات شحن سريع أكثر تكلفة) وانصح بمشاهدة رابط الفيديو ادناه .. ويتوفر حاليا مثات من محطات الشحن سواء داخل المدن او على الطرق السريعة بين محافظات مصر في محطات بنزين ومجمعات سكنية ومولات تجارية

أما محطات شحن الأتوبيسات الكهربائية حددت لها 1 جنيه لكل كيلووات/الساعة حال تغذية محطة الشحن على الجهد المتوسط، و1.213 جنيه لكل كيلووات/الساعة حال تغذيتها على الجهد المنخفض.

وتعتبر تكلفة شحن السيارة الكهربائية لمسافة معينة اقل من تكلفة سيارة تعمل بالوقود ، علاوة على أنها أكثر نظافة من ناحية العوادم، مقارنة بسيارات الوقود العادية ، مع توقع نقص ونضوب إمدادات النفط مستقبلا ، وفى بعض البلدان تقدم بعض المولات والمطاعم خدمة الشحن الكهربي المجانى لعملائها فى إطار ترويج الذهاب إلى هذه الأماكن ، وهناك مميزات مختلفة للسيارات الكهربائية تدفع الكثير من الناس لشرائها، خاصة وأن الحكومات وشركات السيارات تدعم هذا التوجه، وتساعد على تحقيق أهداف الدول بتقليل الانبعاثات الغازية كما أنها تقلل من معدلات التلوث في المدن.

ومع وجود التضخم العالمي وكساد بعض السلع والمنتجات وتعطل بعض سلاسل الإمداد ، بالإضافة إلي أزمة المناخ العالمية بسبب تلوث البيئة ، أصبح التوجه للسيارات الكهربائية أمرًا حتميا لمًا لها من مميزات كثيرة كما أن التكونولوجيا أصبحت فى كل شئ من حولنا، ومع وجود توقعات للعديد من الجهات العالمية والتقارير الدورية بارتفاع أسعار الوقود خلال المستقبل القريب، فإن السيارات الكهربائية هى الحل الأمثل لا محالة ، ومن هنا جاءت جهود الدولة المصرية فى ترسيخ هذا المفهوم للمواطن المصري من خلال عمل اتفاقيات موسعة لإنتاج السيارات الكهربائية محليا وإنشاء بنية تحتية طبقا لخطة ورؤية مصر 2030 لمواكبة التطور والتقدم العالمى وايضا للحفاظ علي البيئة والحد من استخدام الوقود ، ودعما لجهود انجاح قمة المناخ Cop27 بشرم الشيخ في نوفمبر 2022 .

لا تزال سوق السيارات الكهربائية المصرية صغيرة ولكن من المتوقع نموها في السنوات المقبلة، إذ يوجد حاليا نحو 2000 سيارة كهربائية فقط في شوارع مصر، ولكن من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 40-50 ألف سيارة بحلول عام 2025 وتجري حاليا محادثات مع العديد من شركات السيارات العالمية لبدء إنتاج السيارات الكهربائية محليا ، بدعم كامل من القيادة السياسية والقطاع الخاص ، ونتوقع دخول المزيد من اللاعبين إلى السوق المصري الذي يكتسب زخما، وقد وقعت بعض الشركات مذكرات تفاهم وجاري تقديم دراسة إلى الحكومة في وقت ما خلال الشهور القليلة المقبلة ، وختاما اتمنى كل الخير والنماء لجمهوريتنا الجديدة .. وانصح بمشاهدة الفيديو التالي :

https://bit.ly/3Eh99z4

د.م. محمد سليمان اليماني

رئيس المجلس العربي للطاقة المستدامة

رئيس شعبة الكهرباء بنقابة المهندسين المصرية

[email protected]

قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك مصر