الدكتور عادل عامر يكتب: ترسيخ دعائم التنمية والبناء في استثمار الطاقات الشابة


يعد دور الدولة فى تأهيل الشباب وإدماجه اجتماعيا ومهنيا ومدى تحقيق الأهداف التنموية من أهمّ النتائج البحثية التي يخلص إليها هذا البحث هي: صعوبة تحديد مفهوم الشباب، الناتج عن كثرة التعريفات له.
أمّا مفهوم التنمية فهو بدوره لم يحقق اجماعا حول مضمونه رغم التقاء المشتغلين عليه في نقطة مفادها: بأنّ التنمية عملية تغيير اجتماعي إرادي وهادف.
فهي استراتيجية لتحسين وضع الشباب، ولا تستقيم دون المشاركة الفعّالة للشباب. ويعود فشل التنمية في البلدان العربية لإتباعها للنموذج الغربي، وعدم الفهم العلمي للتنمية، وتنفيذ الحكومات في الغالب لمشاريع تنموية، دون استشارة حقيقية لأفراد المجتمع وتملص الدولة من دورها تجاه الشباب.
فلكي تتحقق النهضة التنموية بالبلدان العربية فعليها الاهتمام بالشباب حتى يتمكّن من تخطي المشاكل المتنوّعة التي تحول بينه وبين الشراكة الفعّالة في التنمية، مع ضرورة التوصّل إلى خطّة تنموية تتفق مع كافة الأبعاد في المجتمع حتى تحقق النقلة والإقلاع التنموي الهادف. تمثّل فئة الشباب من أهم الموارد البشرية.
وتعتبر رأسمال كل المجتمعات التي تريد تحقيق نهضتها وتنميتها، خاصة لدى المجتمعات النامية التي ترتفع بها نسبة الشباب مقارنة بالبلدان المتقدمة التي تشكو من تهرّم سكاني رهيب. ولهذا يطرح موضوع الشباب مسألة المكانة والأفاق داخل كل المشاريع التنموية في المجتمع.
ومن خلال الاهتمام بموضوع الشباب في منظومة تنمية الموارد البشرية واستثمارها، ندرك منذ وجود العديد من الإشكاليات المتعلّقة بالشباب والتنمية. ويتحول هذين المفهومين إلى موضوع جدير بالبحث والاهتمام من قبل الدارسين والباحثين. فما هي طبيعة العلاقة القائمة بين الشباب والتنمية؟
وما هي استراتيجيات وأفاق التنمية للنهوض بالشباب العربي؟ وما مدى تحقيق الأهداف التنموية مقارنة بالاستراتيجيات والبرامج المعلنة لها؟
أن تقدم المجتمع في قدرة شبابه وشاباته على الاسهام في التنمية الوطنية المستدامة والمنافسة في الاقتصاد العالمي هي دالة تميزه بالإضافة الى ضرورة وضع الشباب على سلم الاولويات الوطنية وتنشئة جيل من الشباب المؤمن بعقيدته والمنتمي لوطنه وامته وولائه لقيادته، مما جعله يدرك أهمية تطوير استراتيجية وطنية للشباب، اتبعت في اعدادها منهجية علمية تشاركية تعاونية ميدانية، تضافرت فيها الرعاية الحثيثة للقيادة الهاشمية وايمانها المطلق بدورهم الاساسي في التنمية المستدامة والجهود الحكومية والاهلية والتطوعية والجهود الدولية ومشاركة واسعة من القطاع الشبابي والعاملين فيه. إنّ القيادة التي تكون بيد الشاب تتسم بالتغيير السياسي والاجتماعي نحو الأفضل، وتتمتع قيادة الشباب بالنشاط والحيوية والتعاون للوصول إلى النهضة والرقي بالمجتمع كافة . إن ازدهار الأوطان وتقدّمها مصدره الشباب.
حيث إنّ وجود الموارد الطبيعية والإمكانيات المادية دون توفر الموارد البشرية لا يمكن الاستفادة منها، لأنّ الموارد البشرية وخاصةً فئة الشباب هي من تقوم بعملية التخطيط والإدارة والسعي لتنمية كافة القطاعات وتطويرها، مثل التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية، والمساعدة في المحافظة على استدامة الموارد الطبيعية إلى الأجيال القادمة .
إن أهمية الشباب منذ أقدم العصور ودور الشباب يحتل مراكز متقدمة جداً في بناء المجتمعات حيث إنّ صلاح المجتمع يعتمد على صلاح أبنائه الشباب، فالدعوة الإسلاميّة قامت على كاهل الشباب، وكان الشباب هم الفئة الأكثر إسلاماً في البداية،
وهنا تكمن أهمية فئة الشباب إذ أنّهم قابلون للتطور والتغيير، وبناء نهضة في زمن قصير، لأنّهم يتمتعون بصفات عدة تساعدهم على ذلك مثل النشاط والقوة الجسدية والفكرية وغيرها، فالشباب ذكروا في مواطن كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ممّا يدلّ على أهميتهم في بناء المستقبل .
وكلّما كانت فئة الشباب أكثر نضوجاً وتعليماً كانت المجتمعات أكثر نهوضاً، ولا نعني بالشباب فئة الذكور فقط، بل تضمّ فئة الإناث التي لا يقل دورها أهميةً عن دور الذكور، فهي من تربي الأجيال وهي نصف المجتمع .
وهناك دور كبير يقع على عاتق الاسرة وهو القيام على تربية الأبناء أخلاقياً واجتماعياً ودينياً، لينشأ جيل من الشباب الواعي الذي يشكّل المجتمع وبالتالي الدولة .
وعليه رأي الباحث أهمية تناول هذا الموضوع لا يمكن الرقي بدون مشاركة الشباب، فمهما كانت حاجتنا للخبرات، فلا بد من الاستفادة من طاقة الشباب والاستعانة بها . كل ذلك ستكون نتائجه رائعة وسيعود بالنفع والفائدة على شباب الوطن، وهذه الأدوار المهمة ستقدم للوطن نماذج من الشباب يُعتمد عليهم في مسيرته الإنمائية المستمرة، والذين سيكونون صمام أمان لوطنهم، وضمان استقرار لمجتمعهم .
إذا تم تسليط الأضواء علي ان الشباب طاقة إنسانية متميزة بالطموح والحماسة والسعي نحو الاستقلال وحب الاستطلاع والمعرفة والتطلع نحو المستقبل بكل ثقة وعزم, وهم أساس التنمية والطاقة الكبيرة التي ينبغي الاستفادة منها في عملية التنمية الوطنية الشاملة في المجالات المختلفة السياسية, الاقتصادية, الاجتماعية وفي مجالات البحث العلمي والتقدم التكنولوجي.
قد أثبتت معظم الدراسات الاجتماعية والتربوية على إن مستقبل أي مجتمع أو وطن يكون نابعا من طاقات الشباب والتي تساعد على تنمية المجتمعات وتطويرها وتأهيلها نحو الأفضل معتمدا في ذلك على تشجيع الشباب وإبراز قدراتهم في قيادة المواقع والمراكز المتقدمة, لان مرحلة الشباب مهمة وفيها يتم صقل الشخصية المتوازنة للشباب وذلك حسب طبيعتها الديناميكية في كافة المجالات وخاصة لدى الجيل الناشئ.
يتكوّن المجتمع من مجموعة من الأفراد كبار وشباب وصغار من مختلف الجنسين، حيث إنّ صغار السن وحسب التصنيف العمري العالمي هم اللذين تتراوح أعمارهم من يوم إلى أربعة عشر سنة، وفئة الشباب من سن الرابعة عشر إلى سن الأربعة والستين، وأمّا فئة كبار السن فهم من تزيد أعمارهم عن خمسة وستين .
ويكون تصنيف المجتمعات بناءً على نسبة كل فئة من الفئات السابقة الذكر، فهناك مثلاً المجتمع الفتي والذي فيه نسبة الشباب تفوق نسبة كبار السن، وما يميّز المجتمع الفتي هو أنّه أكثر قدرةً على الإنتاج وعلى مواكبة تطورات العصر السريعة، لما يمتلكونه من طاقات عالية وقدرة على التحمل تفوق تلك الفئتين الصغار وكبار السن.
وعلية فقد بينت نتائج الدراسة إن الشباب هم صمام أمان الأمم، ومقياس قوتها، وهم ثروتها وخير من يقودها، وهم مقياس تقدمها أو تأخرها ومعيار رقيها أو تدهور أحوالها، ومع ذلك فهم لا يحظون بالاهتمام من بعض الجهات المختصة بهذه الشريحة الواسعة، ففي كل يوم نجد أن ما ينتجه الشباب هو نتيجة أعمال فردية مرتجلة لا يسبقها تخطيط واضح وعمل مترجم ورؤية مستقبلية .
واظهرت الدراسة ان الفراغ يُعتبر قاتل الإبداع والعمل عند الشباب، فهو سم الحياة وقاتل الطموح، وكيف لا يكون ذلك ونحن نشاهد ضعف واقع بعض الشباب اليوم، فهم إما على الطرقات منتشرون، أو على الشبكات العنكبوتية منهمكون في مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر شاشات الفضائيات، وهذا يعني انهم يستغلون الزمن الشبابي لهم في أعمال غير مفيدة لهم ولمجتمعاتهم ودولهم .
فالتفكير في القضاء على الفراغ في حياة الشباب بمشاريع تحفظ أوقاتهم وتجذب أنظارهم وتحفز إبداعهم، يكون عوناً لهم لمستقبل مشرق وبرّاق، والذي يُنبئنا بقدوم حضارة قوية تسهم في دفع عجلة التقدم والبناء.
وعلى ذلك ينبغي أن يكون هناك تطلعاً للاهتمام بجميع فئات الشباب، ومن المفروض أن يستفيد المجتمع من جميع الشباب، ولا يُعتمد التطلّع والتمني والتخطيط فقط هو أداة لاستثمار الشباب المبدع والموهوب، بل يجب يكون ذلك متبوع بخطط تنفيذية حقيقية تحتضن كل الشباب بتنوّع الطاقات لقتل الفراغ الذي يعيشه معظم الشباب اليوم . لا يَنكر أحد الانجذاب الذي قد يتفاعل معه معظم الشباب من خلال الخطاب العاطفي الموجه له بالصوت والصورة والتقنيات الحديثة والمؤثر سلبا على عقولهم، حيث أنهم يتفاعلون مع معطياته بشكل كبير لجاذبيته وتوافق أهواءهم معه.
ومن هنا ينبغي أن ننطلق في بناء خطاب تربوي وتجديدي من أجل أن يجسد متطلبات الحياة عند الشباب، ومن الضروري أن نبتعد عن الخطاب التقليدي بكل أشكاله لأن ذلك لا يمثل تأثيراً إيجابياً في ظل هذا الكم الهائل من الثقافات المتجددة المؤثرة . والخطاب التربوي المدروس والمبدع سيمنع شبابنا من أن يكونوا لقمة سائغة لتيارات الفساد والانحراف .
وخلصت الدراسة أنه لا بد من تقديم بعض الاقتراحات للجهات المعنية لاحتواء الشباب وبناء مستقبلهم وتحقيق آمالهم، ويتمثل ذلك في تثقيف المجتمع بالتعامل الأمثل مع أخطاء الشباب، وضرورة تفعيل البناء التربوي والبرامج الوقائية من خلال المدارس في جميع مراحلها، وتفعيل النوادي الثقافية والرياضية داخل الأحياء والإسهام في إعداد القائمين عليها، وتكثيف النوادي الصيفية ودعمها ووضع الخطط الإبداعية في ارتقائها.
وتكثيف المخيمات الشبابية التي تساهم في التربية واستثمار الشباب بشكل متواصل، وإعداد برامج خاصة في القنوات الفضائية تهتم باهتمامات وهموم ومتطلبات الشباب، والنظر في إعادة صياغة المناهج الموجودة في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا، والتركيز والاهتمام بالكيف والهروب من الكم، وضرورة الإسهام في التخفيف من المصروفات التي تبعد الشباب عن الاهتمام والإبداع، والوقوف إلى جانب الشباب الموفدين خارج البلاد ومتابعتهم، وضرورة استغلال فترة دراستهم فيما يعود بالنفع لهم ولأوطانهم وحمايتهم من الثقافة التي تقود إلى الهدم والانحلال، وبناء الثروة الاقتصادية عن طريقهم ويكون ذلك عن طريق توفير الدعم المادي من خلال تأمين القروض المادية التي تساعد على تمكين الشباب من بناء مشروع اقتصادي حتى ولو كان بسيطا، وإنشاء مؤسسات شبابية حكومية خاصة تظهر الاهتمام والتنافس البناء في خدمة جيل الشباب .
في ضوء ذلك يري الباحث تبقى شريحة الشباب هي مصدر انطلاقة الأمة وبناء الحضارات وصناعة الآمال وعز الأوطان، فهم يملكون طاقات هائلة لا يمكن وصفها، وبالسهو عنها سيكون الانطلاق بطيئاً، والبناء هشاً والصناعة بائدة،
والتطلع المنشود هو اكتشاف الطاقات الشبابية، ومن ثم توجيهها إلى من يهتم بها ويفعلها التفعيل المدروس حتى يتم استثمارها، فهذا الاستثمار له أرباح مضمونة متى ما وجد اهتماماً من الجهات الحكومية والأهلية والدينية المعنيّة، والتطلع المنشود من خلال هذا المحور هو عملية تعديل ايجابي تتناول طاقة الشباب وتنميتها حتى يكتسب المهارة والإتقان .
نتمنى أن يكون هناك الكثيرون ممن يشاركوننا الأمل في ضرورة الانتباه لشريحة الشباب وأهمية الاهتمام بمستقبلهم ، لما سينعكس بالخير عليهم وعلى الوطن بالكامل، خاصة وأن الأحداث الأخيرة التي تشهدها المنطقة بينت للجميع الدور الهام الذي قدّمه جيل الشباب للوقوف الى جانب الوطن في محنته،
وأن الشباب يملك من الوعي وتحمل المسؤولية القدر الكاف للوقوف في وجه أكبر مؤامرة اُحيكت من أعظم بيوت المخابرات العالمية لتدمير المنطقة وشعوبها وخصوصاً شريحة الشباب فيها خوفاً من النهضة المتوقعة منهم .
فالشباب هم مصدر الانطلاقة للأُمة، وبناء الحضارات، وصناعة الآمال، وعز الأوطان، ولذلك هم يملكون طاقات هائلة لا يمكن وصفها، وبالسهو عنها يكون الانطلاق بطيئاً، والتطلع المنشود هو اكتشاف الطاقات للشباب، ومن ثم توجيهها إلى مَن يهتم بها ويفعّلها التفعيل المدروس، حتى يتم استثمارها، واعتبر بأنّ هذا المشروع الاستثماري له أرباح مضمونة متى ما وجد اهتماماً بالغاً من الحكومات والمؤسسات، والتطلع المنشود من خلال هذا المحور هو عملية تعديل إيجابي تتناول طاقة الشاب وتنميها، حتى يكتسب المهارة والإتقان.
لهذا كان الهدف من الدراسة: إن من الأخطاء الفادحة عدم استثمار طاقات الشباب واكتشافها وتشجيعها على الإبداع والبناء، فاستثمار العقول والأفكار وتوجيهها للعمل والإبداع هو الواجب على الأمة وقادتها .
فتلك المواهب التي يتمتع بها الكثير من الشباب بقيت حبيسة في نفوسهم، وربما استُغلت خطأً فيما يعود عليهم بالضرر، أو استغلها غيرهم بتوجيههم إلى ما يضرهم ويضر المجتمع والأمة إن أسلوب التفريغ والإشعال دون دراسة وتنمية هو هدر لتلك المواهب التي تحتاحها البلاد، فكما نشتكي من إهدار المياه والكهرباء،
فإهدار طاقات الشباب ومواهبهم أعظم وأشد، فتلك القدرات إذا لم تُستغل وتستثمر لصالح الوطن، فقد يستغلها الغير لصالحه، وإن لم توجّه إلى الإبداع والعمل والبناء،
فإنها تتجه مع ضعف الإدراك وطيشان الشباب إلى الهدم والإفساد . وإن أول طريق للاستثمار هو أن ننظر إلى هؤلاء الشباب نظرة إعجاب وإكبار لما يحملونه من مقومات وإمكانيات، وإحساسهم بالمسؤولية تجاه أنفسهم وبلادهم، ونظرة التقدير والاحترام تدفعهم للعمل والإنتاج والإبداع، عكس نظرة الاستصغار التي تُأجج فيهم مشاعر الإحباط والكسل واليأس . وإن زرع الثقة بهم والاعتماد عليهم ودفعهم للإبداع طريق لاستثمارهم والنظر إلى أنهم في طريق الإعداد والبناء، فعلينا تقبّل وتجاوز أخطاءهم، وتدريبهم تربوياً للاستفادة منها والنهوض والابتعاد عنها .
المقدمة.
تعتبر فئة الشباب من أبرز وأهم فئات المجتمع خاصة فيما يتعلق بعملية التنمية. فهي عنصر هام لتنمية المجتمع وتغييره نحو الأفضل، والقادرة على تحمّل المسؤولية في المستقبل والقادر أيضا على الاستثمار في المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية. ولندرك جميعا بأنّ التكلفة الاجتماعية التي قد تنجم عن عدم الاستثمار في هذه الفئة غالباً ما تكون عالية، وإبعاده وإقصائه من كافة هذه الميادين سيعود بالضرر على المجتمع. من هنا لابدّ من العمل مع قطاع الشباب، وتعزيز قيم الاحترام المتبادل والتفاهم في الأوساط الشبابية، وتشجيع وتطوير السياسات التي تستهدف تنمية الشباب وادماجها في خطط التنمية الوطنية وتخصيص الموارد المالية لإنجازها، عبر اللجان الإقليمية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية والدولية، والمنظمات المعنية بالشباب.
ويحتاج الشباب كذلك إلى إشراكه للمساهمة في مشروعات التنمية وفي كل المراحل التي تمرّ بها سواء من ناحية التخطيط أو التنفيذ، والبرامج والاستفادة من الخدمات التي تقدمها تنظيمات التنمية أو المشاركة في الخدمات العامة التي تزيد من وحدة وتماسك المجتمع أو الوعي بالقيم التي تسعى تنمية المجتمع إلى تحقيقها ويكون لديه الفرصة في أن يشارك في وضع أهداف التنمية،
لأنّ تحقيق التنمية في المجتمع يتوقّف على مدى انخراطه في الفعل التنموي. يتطلب هذا الأمر تفهم ظروف الشاب وطريقة عيشه وتلبية حقوقه والتعاطي مع آماله وتطلعاته، لكونه العنصر الحيوي والفاعل الذي لن تتحقق التنمية والتغيير من دونه، ابتداءً من الأسرة إلى المؤسسة المدرسية ومروراً بمؤسسات العمل ومنظمات المجتمع المدني، ومشاركته في اتخاذ القرار في قضايا التنمية.
ولا يمكن أن تكون التنمية منتجة إلا إذا توفّرت لها الجهود والوعي من كافة الأفراد، وإذا لم تنتهج المجتمعات هذا المنهج فإن الخطط القومية لن تحقق غاياتها وأهدافها المنشودة وسيضعف ذلك من مقوّمات التماسك الاجتماعي.
يجب علينا مشاركة الشباب آمالهم ومساندتهم للوصول إلى أهدافهم والتي تمثل أهداف كلّ الأُمة، فالإحساس بالمسؤولية تجاه الشباب، وقيام كل فرد في المجتمع بدوره حيالهم، وعدم وضع العقبات والعراقيل أمامهم، وفرض الافتراضات والتوقعات والتوهمات في طريقهم، هو السبيل الناجح للارتقاء بهم لفائدتهم وفائدة مجتمعاتهم .
أليس هذا قتلاً للشباب ومواهبهم وإهداراً لجهودهم؟ أليس هذا تحطيماً للمعنويات والطاقات؟ - ونجد بعض أولياء الأمور والقادة يعيبون دخول اولادهم سوق البيع والشراء والتكسب أو العمل بالأعمال المهنية .. فينظر بعضهم نظرة دونية لمن يعمل في هذا المجال، وتلك والله نظرة جاهلية حمقاء تقتل روح الشباب وتطلعاتهم .
فالبيع والشراء والعمل والأكل من كسب اليد من أفضل الأعمال، لا نها تجارة حلال أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وآلة . فق سُئل رسول الله صلى الله عليه وآلة .. أي الكسب أطيب؟ قال .. (عمل الرجل بيده وكل كسب مبرور) .. وفي رواية (وكل بيع مبرور) .
لذلك ندعوا الحكومات والوزارات والتجّار والمؤسسات المدنية والدينية للاهتمام وتقديم كل ما هو مفيد ونافع لاستثمار شريحة الشباب، فنحن بحاجة إلى استشعار المسؤولية تجاههم، فهم أبناء البلاد وعمادها .
ولا يجوز ان ما يُقدّم لهؤلاء الشباب يكون وقتياً ومحدوداً بزمن معين، ولا يحمل هدفاً ولا يقدم نفعاً، فأسلوب قتل الفراغ وعدم الاهتمام بالوقت، وتسوّد وسائل الترفيه التي لا تعتمد على التدريب وصقل المهارات، تعني الهدم والتحطيم ولا تعني البناء والتنمية .
فنحن بحاجة إلى بناء العقل والفكر واستثمار الطاقات ودفعها إلى العمل والإبداع وتبصير الشباب لتنويرهم بواقعهم ومسؤولياتهم، وتقديم الأفكار للشباب والاستفادة من أفكارهم وتشجيعهم عليها . تبدأ مسؤولية الاستثمار من الأسرة، فالأب والأم هم راعٍ في أبنائهم .. وتنتهي بمؤسسات الدولة المدنية والدينية .
فهل فكّرنا بماذا نستثمر طاقات أولادنا ولماذا وكيف نبدأ ؟ فالواقع الذي يعيشه الشباب واقعاً مأساوياً وبالأخص في تلك الإجازات بين سهر في أماكن مشبوهة ونوم عن الصلوات، أو سفر أو ضياع وتسكع وإيذاء وإفساد فيضرون أنفسهم وغيرهم .
فالأولاد من بنين وبنات هم بحاجة إلينا، وبحاجة إلى العطف والحنان والتدريب والتوجيه، وبحاجة إلى زرع الثقة والاعتماد عليهم، وبحاجة إلى فتح الآفاق أمامهم وطريق الأمل والنجاح .
وإن الألم ليعتصرك حين ترى أغلب الشباب يهيمون بلا هدف ولا هوية، فأوقاتهم مهدورة وطاقاتهم مهملة ونفوسهم خاوية، تبحث عن المتعة واللهو، لأنها لم تُربَّ على كيف تنجح وكيف تتحمل المسؤولية وكيف تنظر إلى الحياة .
وإن إعداد النفوس واستصلاحها مهمة صعبة تحتاج إلى جهود وإعداد وإلى تخطيط ودراسة . وتلك إشارات سريعة لاستثمار تلك الجهود والطاقات والمواهب المهدرة التي تخسر البلاد بهدرها، وتتراجع عن التقدم بسبب ذلك الهدر .
فكل الجهود المبذولة بحاجة لإعادة نظر وتجديد وإبداع وشمولية أكثر، فهذه الجهود هي أعمال مكررة لا تستهوي الشباب، ولا تشفي غليلهم ولا تصقل مواهبهم .
فنحن بحاجة إلى التكامل في الطرح ومراعاة الهويات والمواهب والتفريق بينها، فما يصلح لهذا قد لا يصلح للآخر، وكل ميسر لما خُلق له . فالذي يعد فاشلاً في مجال قد يكون مُبدع وناجح في مجال آخر، فما علينا إلا الاكتشاف والتنويع في الطرح، والبُعد عن التقليد والتكرار والاستعانة باتحاد الجهود والتعاون على البر والتقوى .
فالإجازات هي فرصة للعمل والتدريب واكتساب المهارات وتوجيه الطاقات، فها هي المراكز الصيفية المنتشرة في بلادنا، وهاهي الدورات في الحاسب وفي غيره موجودة، لكنوما الذي يمنع أن يوجَّه الأبناء لتعلم هذه المهن والحرف لكي يكسب ويستفيد ويتدرب على العمل والإنتاج ؟ فالالتحاق بالوظائف الحكومية والأهلية في الإجازات ليس عيباً، إنما العيب في البطالة والضياع .
لقد نشئ هذا الجيل نشأة الترف والضياع، ما أثّر سلباً على نجاحه ومستقبله، فلا بد من تعويد الشباب على الجد والمثابرة وتحمّل المسؤولية منذ البداية . فالإجازات تعتبر مُنزلق خطير لما يعيشه الجميع من الفراغ القاتل، فيجتمع المال وجليس السوء مع الفراغ والشباب فيكون سبباً للفساد والإفساد .
ويمكن القول ان فلا بد من تكثيف الجهود واتحاد الجميع لكي تكون الإجازة وسيلة للنجاح والفائدة . إضافة إلى ما سبق لا بد أن يقوم البيت بدوره، فيضع رب الأسرة برنامجاً خاصاً لعائلته يجمع بين الفائدة والترفيه والرعاية والقيام بواجب الأمانة .
لا يمكن لأي أمة التقدم والنهوض بين الأمم ما لم تول شبابها جل اهتمامها، تربية ورعاية وتعليماً، وهي إنْ ارادت الرقي الى العليا، فهي بإزاء ذلك مطالبة بتعزيز نمط ومنهجية رعايتها لشبابها خصوصاً في شقي التعليم والفرص، وذلك كله في خلال منحهم حرية الرأي والتفكير.
إذا يواجه الوطن العربي الان أزمات ضد الارهاب والتطرف بحاجة لمشاركه الشباب بشكل واسع، فهم في المدارس والجامعات والعمل العام وفي الوعظ والارشاد ومنظمات المجتمع المدني. ومن حسن القدر فإن شباب وشابات الامة العربية يوحدهم الايمان بالله وهو الحبل الجامع والعظة الدافعة والسكينة المانعة من اليأس والعزيمة الآخذة بيقين العزم، والقوى الدافعة لعطاء النفس وسعادتها. كما تؤطرهم وسطية وطنية انسانية،
لذلك فان إشكالية الدراسة: في ان معظم الدول العربية الى وضع استراتيجيات وخطط لتلبية احتياجات الشباب والاستفادة من قدراتهم وامكاناتهم وتوظيفها في خدمة الوطن والامة واصبحت هذه الاستراتيجيات ملزمة للدولة من الناحية المادية والاجرائية والنفسية وتنطلق بصورة مبدئية من الايمان والاعتراف بدور الشباب وبقدراتهم الكامنة وحقهم في المشاركة اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً.
الشباب والعمل الشبابي العربي لقد عبّرت مجالس وزراء الشباب والثقافة والعمل العربي وهي مؤسسات عربية رائدة في خدمة الشباب العربي، عبرت بشكل دائم، من خلال لقاءاتها الدورية عن رغبة اعضائها ممثلي الشباب العربي تقديم كل ما هو ممكن وضمن برنامج واولويات تساهم في توسيع مشاركة الشباب بالأنشطة الرياضية والشبابية والثقافية والدورات العمالية المهنية للتأهيل، والتي تقام سنوياً،
والسعي الى ترسيخ مفاهيم وقيم انسانية تتعلق بالثقافة وحق واحترام العمل وقيم الرياضة للجميع ضمن رؤيا ايجابية انسانية فالنشاط الرياضي الايجابي يعتبر من اهم محاور تنشئة الشباب، فمن خلالها تتكون وتبرز مواهب الشباب وتتكون تحدياتهم ويكتسبون خصائص العمل الجماعي واحترام التعدد ومفهوم تقبل الخسارة وترشيد قيم الفوز ومعنى الانتماء للفريق والولاء للوطن،