الدكتورة ميار الببلاوي تكتب: الناس معادن


اعتذر عن انشغالى الفترة الماضيه والتى جعلتنى فى حالة نفسية الله وحدة أعلم بها فترة عصيبة أمر بها كل عدة أعوام ولا أعلم لها سببا إلا أنه قضاء الله وقدره هذه الحالة التى تمر بى لا تختلف كثيرا عن الاعصار الدى نمر به الآن فرغم قسوته وتدميره إلا أنه رحمة من رب العالمين لينظف كل ماعلق بالأرض من دنس وجراثيم وفيروسات وبعدها تشرق الشمس على عالم أظف وأكثر تعقيما واذا كان من يقرا الان يتوسم الغموض فيما اكتب ويستشعر انه لغز اقول ربما تكشفه الايام القادمه وربما سيكون مقالى هذا من اطول ماكتبت ربما لاعوض حرمانى من الكتابه طوال شهر كامل او ربما لتدافع الاحداث بشكل غير مسبوق فهذا الشهر بدا بنهايه غير متوقعه لما حاربت من اجل استمراره وهذا الشهر ايضا وربما فى نفس اليوم الذى اعتقدت اننى خسرت مالايمكن تعويضه تاتى يد الله لتربت على قلبى بعوض جميل أعاد لى جزء من ثقتى فى نفسى التى كدت افقدها.
وربما هذا ما جعلنى أسوق إليكم قصه باىع الفجل وطالب العلم وهى من اجمل ما قرات فاسمحوا لى ان نتمعن فيها سويا فهى رساله لكل من يعيش فى مثل مانا فيه الان قبل حوالى ثمانين سنهمضت كانت مدينه سامراءفى شمال بغداد مدينهعلم فيها جامعه كبيره وعلى راس هذه الجامعه العلميه العلامه الكبير(ابو الحسن)كان من المع رجالات الفكر فى العراقولديه عدد كبير من الطلابمن شتى انحاء العالم العربى وكان من انبغ تلامذته تلميذ فقير الحال ولكنه يحمل ذهنا متوقدا وكانت معيشته عن طريق راتب من قبل استاذه العلامه (ابو الحسن)وهو راتب ضييل لكن طموحالتلميذ كان عظيما وهو ان يصبح احد اعمده العلم فى العراق وفى يوم ظهيره حار جدا خرج التلميذ الفقير من الدرس وهو جايع ويحمل فى جيبه فلسا ونصف الفلس لكن الوجبه من الخبز والفجل تكلف فلسين اشترى بفلس واحد خبزه واحدهوذهب الى صاحب محل الخضراوات وطلب منه باقه فجل وقال للبائع معى نصف فلس لاغير فرد عليه البائع ولكن الباقه بفلس واحد فرد عليه التلميذ لاشيء عندى اعطيك اياه سوى علمى سوف افيدك فى مساله فقهيه او علميه معينه فرد عليه بائع الفجل لو كان علمك ينفع لكسبت نصف فلس من اجل اكمال سعر باقه فجل واحده اذهب وانقع علمك بالماءواشربه حتى تشبع.
كانت كلمات البائع أشد من ضرب الحسام على نفسه وخرج من محل البائع وهو يجر اذيال الخيبه وهو يتمتم نعم صحيح لو كان علمى ينفع لكنت اكملت سعر باقه الفجل الواحده نصف فلس علم عشر سنين لم يجلب لى نصف فلس كم انا غبى ضاع عمرى هدرا على شيء لم يجلب لى نصف فلس والله لاترك الجامعه وابحث عن عمل يليق بى واستطيع ان اشترى ما اشتهى واعيش عيشه رجل محترم بعد ايام افتقد الاستاذ الكبير تلميذه النجيب وفى قاعه الدرس سال الطلاب اين زميلكم المجد؟ فقالو انه ترك الجامعه والتحق بعمل يتغلب فيه على ظروفه القاسيه استغرب الاستاذ العلامه وقال اين بيته اريد مقابلته قالو له استاذنا انت اعظم من ان تزوره وقد ترك الجامعه بارادته فقال الاستاذ لا اريد ان اعرف ماهو سبب تركه الجامعة أخذ الأستاذ عنوان الطالب وذهب إلى بيته مشفقا عليه فخجل الطالب من دخول استاذه وعليه الهيبه والوقار رحب باستاذه اشد الترحيب وساله استاذه عن سبب تركه للجامعه فرد عليه مسردا القصه كامله وعيناه تذرفان الدموع بغزاره فاجابه استاذه انك تحتاج الى نقود اليك خاتمى هذا خذه وبعه واصلح به حالك فرد عليه اليست القصه قصه نقود انما كرهت العلم لأنى لم انتفع منه فرد عليه استاذه هذا الخاتم ليس من أجل العودة إلى الجامعة ولكن لتفك الضيق عندك وكان العلامه ذا حكمه بالغه فهو الحكيم فى ذلك الوقت قبل الطالب هديه استاذه وصار الى الصاغه ليبيع الخاتم استغرب الصائغ وقال اشترى منك الخاتم بالف دينار ولكن من اين لك بهذا الخاتم ؟فقال هو هديه لى من استاذى أبو الحسن، قال الصائغ خاتم ثمين هديه وشكلك لايوحى بانك تعرفه فملابسك رثه انت سارق الخاتم اليس كذلك فرد عليه الطالب هيا معى الى استاذى لتصدق انه هديه منه وذهب الصائغ مع التلميذ وقابلا الاستاذ وتاكد من صدق الطالب ودفع له الالف دينار فذهب الطالب الى استاذه ليشكره.
فسأله استاذه اين ذهبت حينما اردت ان تبيع الخاتم فرد عليه الى الصاغه بالطبع فرد عليه الاستاذ ولماذا ذهبت الى محلات الصاغه فرد عليه لانهم هناك يثمنون المعادن النفيثه والخواتم فرد عليه استاذه متعجبا لماذا اذا قبلت ان يثمنك بائع الخضراوات ويثمن علمك ويقول ان علمك لاينفع هل يثمن البائع علمك لا يثمن الشيء الا من يعرف قيمته وانا اثمنك انك من اعظم طلابى يابنى لاتدع من لايعرف قيمتك يثمنك التثمين من صاحب الخبره ومن يعرف قدرك ارجع الى درسك وعلمك.
هذه القصة الرائعة تنطبق حرفيا مع حياتنا الآن كم مرة وقعنا ضمن تثمين خاطيءمن شخص لايعرف قيمتنا التقييم ينبع من جهتين من الداخل والخارج من داخلنا نعرف أنا بشر نخطيء ونصيب ونتعلم من اخطائنا ان نقيم اخطائنا والتقييم الخارجى لاياتى الا من اصحاب الخبره والاختصاص والعلم الذين يعرفون قيمه الإنسان مهما كان صغيرا الناس معادن ولا يعرف قيمه المعدن النفيس الا الصاغه هذه هديتى لابنى اليوم فى عيد ميلاده ان يظل دائما وأبدا مع من يقدرونه ويثمنون معدنه النفيس ورسالتى لنفسى أن علمى وما افنيت حياتى لدراسته لن يكون هباءا منثورا ولكن سيثمن فى الوقت المناسب كذلك أنا لم يأتى بعد من يحمل ميزانا للماس فى زمن الذهب الصينى وللحديث بقية.