كل ما تريد معرفته عن تأثير استحواذ «فيس بوك» على «واتس آب»


في عام 2014، قامت "فيس بوك" بشراء تطبيق "واتس اب"، نظير ما يزيد على 16 مليار دولار تقريباً، وهو مبلغ ضخم، حيث كان يضم التطبيق 500 مليون مستخدم في ذلك الوقت.
وتُعد منصة واتس اب أكبر خدمة رسائل في العالم، بما يقدر بـ 1.5 مليار مستخدم شهريًان كما أنها الأكثر شعبيةً في دول مثل الهند، ومصر، والبرازيل، فضلًا عن أوروبا، حيث تُستخدم لإجراء المكالمات الهاتفية، وفي الرسائل النصية بين الأصدقاء والشركات، بالإضافة إلى نشر الأخبار، ومجموعات الدردشة.
كان جان كوم وأكتون، اللذان عملا سويًا في شركة ياهو، قد أسسا واتس اب عام 2009 وعد التطبيق بتوفير الاتصالات الخاصة مقابل 99 سنت في السنة وبحلول عام 2014، بلغ عدد مستخدمي الشركة الصغيرة 500 مليون مستخدم تقريبًا وهو ما لفت انتباه زوكربيرج الذي كان يتطلع إلى توسيع شبكته الاجتماعية بالخارج وبعد تناول عشاء بمنزل الأخير، قدم زوكربيرج عرضًا لشراء واتس اب، ما حول أكتون وجان كوم إلى مليارديرات في لمح البصر.
ولكن حتى في الأيام الأولى، كانت هناك علامات على عدم التوافق فقد كان دخل واتس اب وقت الاستحواذ لا يتعدى 20 مليون دولار. بينما كان فيس بوك يحقق مليارات الدولارات من خلال بيع وصول المعلنين إلى مستخدميه، الذين جمع عنهم حجمًا هائلًا من المعلومات.
كان جان كوم وأكتون ينتقدان علنًا نموذج الإعلان الموجه وكتبا في منشور على إحدى مدونات واتس اب عام 2012، "لا أحد يستيقظ من نومه متشوقًا لمطالعة المزيد من الإعلانات، ولا أحد يخلد إلى نومه وهو مشغول بما سوف يراه من إعلانات في الغد". وقد وصفا إعلانات الإنترنت بأنها "إخلال بالجمال، وإهانة لذكائك، وإعاقة لأفكارك".
كما أن مؤسسا واتس اب أيضًا من أشد المؤمنين بالخصوصية، إذ بذلا جهدًا مضنيًا لجمع أقل قدر ممكن من البيانات من مستخدميهم، ما تطلب أرقام الهواتف فقط، وهو ما يضعهم على النقيض تمامًا من غول البيانات، فيسبوك. صرح جان كوم وأكتون خلال فترة الاستحواذ بأن فيس بوك أكد لهما أن خدمة واتساب سوف تظل خدمةً مستقلة، ولن تشارك بياناتها مع فيس بوك.
ولكن بعد ثمانية عشر شهرًا، تلاشت وعود عدم تبادل البيانات فقد دفع فيس بوك واتس اب إلى تغيير شروط الخدمة، من أجل إتاحة الفرصة أمام الشبكة الاجتماعية للوصول إلى أرقام هواتف مستخدمي واتس اب، بالإضافة إلى بعض البيانات التحليلية، مثل أنواع الأجهزة، وأنظمة التشغيل التي يستخدمها مستخدمي التطبيق.
عارضا مديرا واتس اب استخدام بيانات واتس اب لإنشاء ملف شخصي للمستخدم، ما يسمح بتوحيده مع منصات فيس بوك المتعددة، والتي تتضمن إنستجرام، وفيس بوك ماسنجر أيضًا، والتي يمكن استغلالها في استهداف الإعلانات، أو في استخراج بيانات فيس بوك.
وافق كل من أكتون وجان كوم على ذلك، ما مكن فيس بوك من تقديم اقتراحات صداقة على موقع فيس بوك باستخدام بيانات الاتصال الخاصة بواتس اب، وجعل بوسع فيس بوك أن يجمع مزيد من البيانات عن العلاقات بينهم. سمح هذا التغيير أيضًا للمعلنين باستخدام أرقام الهاتف من خلال نظام إعلانات فيس بوك، والمعروف باسم "الجمهور المخصص"، والوصول إلى أشخاص جدد لاستهدافهم بالإعلانات.
فرضت المفوضية الأوروبية، وهي السلطة التنظيمية للاتحاد الأوروبي، العام الماضي غرامة على فيس بوك بقيمة 122 مليون دولار، بسبب الإدلاء بتصريحات "مضللة" عندما وافق الاتحاد الأوروبي على تشغيل واتس اب.
وسرعان ما اندلع الخلاف حول كيفية تحقيق واتس اب للأرباح فقد ألغى فيس بوك الاشتراك السنوي البالغ 99 سنتًا، بينما واصل كل من جان كوم وأكتون معارضتهما للنموذج الإعلاني.
استمرت الخدمة دون إعلانات، إلا أن واتس اب قد بدأ اختبارات لتحقيق الأرباح، ففي يناير، طرحت فيسبوك أداةً باسم "واتس اب بزنس" تتيح للشركات إنشاء ملف تعريفي، وإرسال الرسائل لعملائها عبر واتس اب، كما اختلف المؤسسان أيضًا مع فيسبوك حول بناء نظام دفع عبر الهاتف المحمول من خلال تطبيق واتس اب في الهند.
كانت هناك نقطة خلاف أخرى حول تشفير واتس اب ففي عام 2016، أضافت واتساب نظام التشفير من طرف إلى طرف، وهي خاصية أمان تعمل على إعادة ترتيب رسائل المستخدمين بطريقة لا تسمح لأي طرف خارجي، بما في ذلك مشغلي واتس اب، بقراءة محتوى الرسائل، وقد أراد المسؤولون التنفيذيون في فيس بوك جعل استخدام الشركات للأداة الجديدة أكثر يسرًا، بينما كان المسؤولان في واتس اب يعتقدان أن ذلك قد يتطلب إضعاف تشفير واتساب بعض الشيء.
في نهاية المطاف، نال الإحباط من جان كوم بسبب اختلاف التوجهات، حسب تأكيدات المصادر المطلعة ويشعر عدد آخر من موظفي واتس اب بإحباط شديد، ويخططون للمغادرة في نوفمبر، وذلك بعد مرور أربعة أعوام وشهر من استحواذ فيسبوك، حيث يُسمح لهم بممارسة كافة خياراتهم المالية وفقًا لشروط الصفقة المبرمة مع فيس بوك، حسب ما صرحت به المصادر الداخلية.
تبرع أكتون بمبلغ 50 مليون دولار من أمواله لتطبيق سيجنال (Signal)، وهو تطبيق رسائل منافس مُجهز بكافة وسائل الحماية والخصوصية.
وأعلن مؤخرًا من خلال منشور عن هذا التبرع، وعن دوره كرئيس مجلس إدارة تنفيذي لمؤسسة سيجنال غير الهادفة للربح، وقال أكتون إن هدفه هو إنشاء "أكثر تجربة اتصال موثوقة في العالم".
وكشف أخر تقرير عن ارتفاع أرباح فيس بوك إلى 7.3 مليار دولار خلال الربع الرابع وارتفع صافي أرباح "شركة فيس بوك" الأميركية إلى 7.349 مليار دولار خلال الربع الأخير من 2019، مقابل 6.882 مليار دولار المسجلة في الفترة المماثلة من 2018.
وأظهرت نتائج أعمال شركة التواصل الاجتماعي الصادرة أمس الأربعاء، أنه بلغ نصيب السهم من الأرباح 2.56 دولاراً في الربع الأخير من 2019، بينما توقع محللون تحقيق أرباح بنحو 2.53 دولاراً للسهم.
وقفزت إيرادات "فيس بوك" بنسبة 24.7% إلى 21.08 مليار دولار خلال الربع المنتهي في ديسمبر الماضي، مقابل إيرادات بنحو 16.914 مليار دولار المسجلة في نفس الفترة من 2018.
وتأتي القفزة البالغة 25% في الإيرادات بدعم إيرادات الإعلانات والتي بلغت 20.736% خلال الربع الأخير من العام الماضي وارتفاع عدد مستخدمي "فيس بوك" على أساس يومي إلى 1.66 مليار مستخدم، كما ارتفع عدد المستخدمين النشطين على أساس شهري إلى 2.89 مليار.
وفي مجمل عام 2019، ذكرت "شركة فيس بوك"أن إجمالي الإيرادات صعد بنحو 27% إلى 70.697 مليار دولار، بدعم العوائد المحققة من الإعلانات والتي شهدت نمواً ملحوظاً من 55.01 مليار دولار إلى 69.65 مليار دولار.
وأضافت الشركة أن نفقاتها الرأسمالية ارتفعت إلى 4.24 مليار دولار في 2019، كما زادت التكاليف إلى 12.2 مليار دولار من 9.1 مليار دولار عام 2018.
وأشارت إلى أن 2.26 مليار شخص يستخدم عائلة التواصل الاجتماعي (فيس بوك، إنستجرام، ماسنجر، أو واتس اب) بشكل يومي في المتوسط حتى ديسمبر 2019 بزيادة نسبتها 11% على أساس سنوي.
وبلغ عدد المستخدمين النشطاء بشكل شهري لعائلة موقع التواصل الاجتماعي 2.89 مليار شخص حتى نهاية الشهر الماضي، بزيادة نسبتها 9% على أساس سنوي، بحسب الشركة.
وأغلق سهم "فيس بوك" أمس عند مستوى 223.23 دولاراً بارتفاع 2.5% وتراجع 7% ما بعد الجلسة.