وصلتنى رسالة طريفة من أحد الأصدقاء يسوق فيها أمنيات مواطن مصرى سأنقلها لكم دون اضافة أو حذف وتقول الأمنيات: اللهم لا تحوجنا للذهاب الى مصلحة حكومية..ولا زيارة إدارة أو وزارة أو حتى مديرية..ولا تحكم فينا موظف ولا موظفة مفترية..ولا تسلط علينا الضرائب وخاصة العقارية..اللهم جنبنا اللجان المرورية..وهون علينا المصالحة الفورية..ويسر لنا مكانا لركنة العربية..اللهم احرق وصولات الغاز والنور والمياه الشهرية..وكذلك فاتورة النت المؤذية..اللهم بارك لنا فى مرتباتنا المستحية..واكتب لنا النجاة من المصاريف الفجائية..اللهم عليك بأصحاب الدروس الخصوصية..وعليك بلاعبى الدولار والعملات الأجنبية..ولا تجعل فينا من التافهين أسطورة وفنانة معرية..ولا تجعلنا عبيدا للمسلسلات والبرامج التليفزيونية..واصرف عنا الضغط والسكر والدهون الثلاثية.. واكتبنا عندك يارب من الصابرين على كل صعب وأذية..اللهم آمين.

وفى الحقيقة فقد أوجزت الرسالة واختصرت عشرات المقالات والنداءات والبرامج الاذاعية والتليفزيونية وطلبات الاحاطة والاستجوابات المستحيلة ولخصت معاناة المواطن عند قضاء أى مصلحة أو اللجوء الى أى جهة حكومية ومن المؤكد أنه نوع من عذاب الآخرة أن تضطرك الظروف لانهاء أى أوراق لدى أى مصلحة حكومية فكم التعقيدات والأوراق المطلوبة تحيل حياتك الى جحيم كما وأن تعنت الموظفين يصيبك بالاكتئاب وربما نتطلع الى الحكومة الألكترونية التى وعدنا بأن ستحل مشاكل المواطنين وتمنع الاحتكاك المباشر مع أى موظف دولة وبالتالى تحجيم الفساد والذى أشك فى أن مافيا الفساد سوف يتركون السفينة تبحر فى أمان فحتما سيجدون بابا خلفيا للاسترزاق وابتزاز المواطن خاصة أن الغالبية العظمى من السكان تجهل التعامل مع أجهزة الكومبيوتر وبالتالى ملء البيانات المطلوبة لاستخراج التراخيص أو الشهادات الإلكترونية.

أما ارتفاع أسعار الخدمات فاصبح شرا لابد منه وقد تضاعفت فواتير الخدمات بصورة فجة أصبح المواطن ازاءها عاجزا عن الوفاء بالتزاماته العائلية من مسكن ومأكل وملبس وتعليم وصحة وأيضا سداد فواتير الخدمات أما مشكلة التعليم الأزلية فلم يجد معها تابلت أو أى نظام أو قوانين أو رقابة فما زال كابوس الدروس الخصوصية ينخر فى عظام الأسرة المصرية ويستنزف كما هائلا من دخل الأسرة وفى ظل الاهتمام بالكبارى والأنفاق والمدن الجديدة وثورة العمران يتم اهمال بناء الإنسان والذى يبدأ من التعليم الجيد والرعاية الصحية المناسبة وعوضا عن توجيه المستثمرين للاستثمار فى البرامج التعليمية والأفلام الوثائقية ومدارس المواهب وتبنى النوابغ تتم المزايدة على أسعار الأراضى وطرح الآلاف من قطع الأراضى لامتصاص أية سيولة وتشتيت الانتباه عن أى فرص استثمارية أخرى بخلاف الاستثمار العقارى.

أما دور الاعلام المتردى والذى يصنع ويمجد من أشباه الفنانين فيجعلهم اسطورة وقدوة للشباب ويقدس الفنانات العاريات ليصبحن أيقونات للفتيات ويعظم من شأن لاعبى الكرة المتخاذلين ويمحق ويسحق أى صوت للمعارضة الوطنية حتى أصبحت كافة البرامج والقنوات التليفزيونية تنشد نفس اللحن وتردد نفس النغمة فأصيب المواطن بنوع من الاكتئاب والعزلة وعدم الشعور بالمسئولية أو المواطنة بل جعلته فريسة سهلة للقنوات المعادية أو الادمان على المخدرات ولا أرغب فى قتامة الصورة ولكنى وكثير من السادة الكتاب الأفاضل يدق ناقوس الخطر باستمرار لحتمية وجود ثورة تعليمية وتثقيفية لشباب الأمة والذى سيقود المسيرة فى يوم من الأيام فلا بد أن ننشر بذور الأمل ونرسخ الشعور بالانتماء للوطن لأن البركة فى شباب هذه الأمة وان لم نهتم بتطوير التعليم واخراج نشء جديد متعلم ومثقف وندربه على الريادة والقيادة ونحفزه على الابتكار والابداع ونطلق له العنان فأشك أنه يمكن للخرسانة المسلحة والأسفلت الرقى بالبلاد.