خط أحمر
السبت، 20 أبريل 2024 09:54 صـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

 محمد ماهر يكتب ..مسرح الفن .. !!!

محمد ماهر
محمد ماهر

قرأت خبرا منذ أسبوعين تقريبا عن تحويل مسرح الفن أخر قلاع الثقافة المسرحية و الفن المنقرض إلى مركز تعليمي لطلاب جامعتي عين شمس و حلوان شعبتي التجارة و الحقوق، كما ذكرت المواقع التي نشرت الخبر .. و في البداية لم أصدق ما قرأت و تخيلت أنها مزحه أطلقها الأستاذ جلال الشرقاوي ليعبر بها عن السقوط الكبير الذي طال الفن المسرحي و الذي أظنه إنقرض أو على وشك الإنقراض و الإختفاء من الحياة الفنيه المصريه .. بعد أن توقفت عروض الفرق المسرحيه الخاصه و إنطفأت أنوار مسارح الفنانين المتحدين و مسرح الفن و الهوسابير .

وغيرها من المسارح التي كانت تشكل حراكا كبيرا في الثقافة المصريه و تقدم عروض مسرحيه متنوعه بين المسرح الكوميدي و الإستعراضي و بالطبع المسرح السياسي الذي كان يتميز به مسرح الفن .

و للأسف وجدت المواقع التي نشرت الخبر فرصتها لتصفية بعض الحسابات أو لمجرد السخرية من قامة و قيمة فنية كبيرة قد تكون دفعتة ظروف الحياة و تردي الحاله الفنيه المسرحيه بشكل خاص و الفنية بشكل عام إلى حل يستطيع من خلاله الوفاء بإلتزاماته من مصروفات تبقي هذا الصرح الفني حيا حتى تعود الحياة إلى المسرح المصري أو يكون هناك بديلا فنيا يعينه على إلتزاماته .. و بين إيجارات مستحقه بشكل شهري أو سنوي و رواتب عاملين أفنوا حياتهم في هذا الصرح و لم يتركوه حتى في أحلك الظروف و تحمل الفنان الأستاذ جلال الشرقاوي لتلك النفقات من جيبه الخاص لعدم وجود عروض أو جماهير أو حتى نجوم يرغبون في الإشتراك في الأعمال المسرحيه ليقينهم بأنها لن تستمر طويلا بسبب التكاليف العاليه للإنتاج و إرتفاع أجور النجوم و بالتالي إرتفاع قيمة التذاكر التي لا يستطيع المواطن تحملها هو و أسرته .. فمشاهدة عرض مسرحي قد يعصف تماما بميزانية الأسرة التي أصبحت تتحايل للعيش برواتبها لتكاد تكفيها على مدار الشهر .

مسرح الفن .. هو أخر الفرق الخاصة التي ظلت صامدة أمام حالة الركود الفني الذي هاجم المسرح منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي .. و كانت فرقة مسرح الفن تعتبر هي الفرقة الوحيدة التي قدمت نوعية الكبارية السياسي، و شهدت خشبة مسرح الفن العديد من العروض التي إنتقدت الأداء السياسي علنا دون تلميح أو ترميز في عهود مختلفه و لعل أبرز هذه العروض " ع الرصيف " و " إنقلاب " و " بحبك يا مجرم " و " المليم بأربعه " و " عطية الإرهابيه " و غيرها من العروض التي واجهت النظام السياسي في وقته و علنا .. و صفق لها النظام قبل الجمهور و وضعت تلك العروض لمسرح الفن مكانة كبيرة لم تحصل عليها فرق خاصة أخرى قدمت عروض لكبار النجوم إعتمدت فقط على الكوميديا و نجومها .. بينما تخرج من مسرح الفن نجوم أخرى كان ظهورها الأول هو خشبة هذا المسرح كما كان مسرح الفن إنطلاقة لنجومية العديد من الفنانين مثل حسن عابدين رحمة الله عليه و حسن حسني و أحمد بدير و القديرة سهير البابلي التي تعتبر نجمة و بطلة فرقة مسرح الفن منذ تقديمها مدرسة المشاغبين حتى إعتزلت الفن أثناء عرض مسرحية " عطية الإرهابية " لتكمل العرض إبنة الفنان جلال الشرقاوي الفنانة عبير الشرقاوي .

و يذكر أن مسرحية مدرسة المشاغبين نفسها كانت شاهدا على نجومية العديد من النجوم اللذين تربعوا على عرش النجوميه بعد ذلك مثل عادل إمام .. بالإضافه إلى أحمد زكي و سعيد صالح و يونس شلبي رحمهم الله و أيضا الفنان القدير هادي الجيار .

قدم مسرح الفن كل هؤلاء و اليوم ننسى كما ننسى دائما الأعمال الجيدة و نتذكر فقط السقطات و الهفوات دون أن نبحث في مضمونها أو نتحمل حتى عناء البحث عن أسباب السقوط .. نعم أعتبر تحويل المسرح لمركز تعليمي سقطة و لكن يجب أن ألتمس العذر و أقدمه لفنان أفنى حياته في خدمة فنه و وطنه على مدار أكثر من أربعون عاما .. لا شك أن ما دفعه لذلك هو إغلاق كافة الأبواب التي تشكل مخرجا أمنا للوفاء بالإلتزامات .

و ربما لا يعلم الكثير أن محاولات الأستاذ جلال الشرقاوي لمد أنبوب الحياة للمسرح المصري لم تهدأ يوما .. ففي لقاء لي منذ سنوات قليله مع أحد المسئولين في إتحاد الإذاعة و التلفزيون و كنت أعرض عليه مشروعا لإحياء مسرح التلفزيون و إنتاج عروض جديده تثري المسرح و تغطي ساعات الإرسال التلفزيوني فقد صرح لي أنني لست الوحيد الذي قدم هذا المشروع و قد سبقني إليه الأستاذ جلال الشرقاوي عارضا المشاركه بمسرحه و إمكاناته مع إتحاد الإذاعه و التلفزيون للعرض و التسويق .

هكذا كان و هكذا سيظل مسرح الفن و الأستاذ جلال الشرقاوي مناره ثقافيه و مركز إشعاع فني و شريان يضخ فنا راقيا ليس مسفا أو مبتذلا .. فقط علينا بدلا من السخريه و الهجوم على شخص الفنان جلال الشرقاوي و ما أقدم عليه أن نقف إلى جواره و ندعمه و نعيد لمسرحه أنواره و جماهيره حتى لو كان مشروع إعادة إحياء مسرح التلفزيون فبكل تأكيد لن يكون هناك من هو أفضل منه لإحياء هذا المشروع .

محمد ماهر خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك مصر