خط أحمر
السبت، 20 ديسمبر 2025 11:03 صـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدارةهشام موسي

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدارةهشام موسي

أخبار

الاتزان الاستراتيجي.. مصر تعيد إحياء منطق دولة التوازن في عالم مضطرب

خط أحمر

حين تتفاقم وتتعقد الأزمات الدولية وتحتدم صراعات المحاور وتتلاطم أمواج السياسة مع خرائط الجغرافيا تبرز قيمة الدول القادرة على حفظ التوازن بوصفه فعلا واعيا ومسئولا لا مجرد موقف سياسي.

وفي هذا السياق، جسدت الدبلوماسية المصرية في عام ٢٠٢٥ نموذجا راسخا للاتزان الاستراتيجي باعتباره منهج دولة تشكل وعيها عبر الزمان والمكان واستقر في جوهرها وبنيتها الفكرية منذ فجر الضمير الإنساني.

ففي جغرافيا صاغها التاريخ والمسارات الحضارية والرسالات الدينية السماوية التى جعلت جميعها من مصر ملتقى قارات ومعبر حضارات، تبلورت فلسفة حكم قائمة على حفظ الميزان وإدارة القوة بالحكمة وتجنب الصدامات التي تخلخل الاستقرار..وتشكلت معها شخصية الدولة المصرية كدولة توازن تدير محيطها بماضيه مثلما بحاضره ومستقبله.

ومن عمق هذا الامتداد والرصيد الحضاري العميق جاء قرار القيادة السياسية المصرية باتباع نهج الاتزان الاستراتيجي في إدارة العلاقات الخارجية بمثابة استدعاء وإعادة إحياء واعية لإرث مصر الحضاري في جوهره وبنيته الفكرية، حيث ترجمت الدولة هذا الميراث التاريخي إلى سياسات معاصرة تحافظ على استقلال القرار الوطني وتوازن العلاقات الدولية.

وفي هذا السياق التاريخي والجغرافي الممتد، تحركت الدبلوماسية المصرية خلال عام ٢٠٢٥ تحت قيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي لترسيخ سياسة خارجية متوازنة تقوم على تنويع الشراكات ورفض الاستقطاب والحفاظ على استقلال القرار الوطني والقيام بدور فاعل في احتواء الأزمات الإقليمية والدولية.

"الاتزان الإستراتيجي".. مفهوم أرساه الرئيس السيسي خلال حفل إفطار الأسرة المصرية فى أبريل ٢٠٢٤ حيث أكد سيادته حينها الاستمرار في سياسات الاتزان الاستراتيجي التي تنتهجها الدولة المصرية، تجاه القضايا الدولية والإقليمية والتي تحددها محددات وطنية واضحة في مقدمتها: مراعاة أبعاد الأمن القومي المصري والسعي لإقرار السلام الشامل القائم على العدل ودعم مؤسسات الدول الوطنية واحترام إرادة الشعوب.

وأكد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة خلال العام أن السياسة الخارجية المصرية تقوم على التوازن ورفض الانخراط في صراعات المحاور.. مشددا على أن تحركات مصر تنطلق من مسؤوليتها في حماية الاستقرار الإقليمي والدولي والحفاظ على السلم والأمن الدوليين.

وشهد عام ٢٠٢٥ لقاءات قمة واتصالات رفيعة المستوى عكست بوضوح هذا النهج حيث أجرى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي لقاءات واتصالات مع قيادات العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا تناولت كافة الملفات ومن بينها تطورات الأوضاع في قطاع غزة وأمن البحر الأحمر، وسبل منع اتساع رقعة الصراع والتأكيد على أهمية التوصل إلى تهدئة مستدامة والحفاظ على أمن الملاحة الدولية.

وجاءت لقاءات القمة والاتصالات مع قادة الولايات المتحدة وروسيا تجسيدا لهذا النهج .. وامتد هذا المسار المتوازن ليشمل التواصل المكثف مع الاتحاد الأوروبي وعدد من قادة الدول الأوروبية الكبرى خلال النصف الأول من العام حيث ركزت اللقاءات على تداعيات الأزمات الإقليمية على الأمن الأوروبي وقضايا الهجرة غير النظامية وأمن الطاقة والدور المحوري لمصر في دعم الاستقرار بالمنطقة.

كما عقد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي لقاءات قمة مع القيادة الصينية في إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين تناولت تعميق التعاون الاقتصادي والتنسيق في القضايا الدولية ودعم التوجه نحو نظام دولي أكثر توازنا وتعددا في الأقطاب.

وجاءت قمة السلام التي استضافتها مدينة شرم الشيخ خلال عام ٢٠٢٥ كإحدى أبرز محطات هذا النهج حيث عكست قدرة مصر على جمع الأطراف الدولية في توقيت إقليمي ودولي بالغ الحساسية وتأكيد مركزية الحلول السياسية ورفض منطق التصعيد.

وعلى هامش قمة شرم الشيخ عقد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي سلسلة لقاءات قمة مع عدد من قادة الدول وممثلي القوى الدولية الكبرى تناولت تطورات الأوضاع في قطاع غزة وسبل احتواء التصعيد ومنع اتساع دائرة الصراع.

وشهد عام ٢٠٢٥ كذلك لقاء قمة بين السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وملك اسبانيا في إطار الزيارات الرسمية المتبادلة بما عكس عمق العلاقات الثنائية والتعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين.

ولم يقتصر نهج الاتزان الاستراتيجي المصري خلال عام ٢٠٢٥ على لقاءات القمة في المحافل الدولية بل امتد إلى الزيارات المتبادلة بين السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وقادة الدول المؤثرة دوليا؛ بما عزز مسار التواصل المباشر وترسيخ الثقة المتبادلة.

وشهد العام الذى يوشك على الرحيل نشاطا ملحوظا في الزيارات على مستوى القمة بين مصر وكل من الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا واسبانيا وإيطاليا حيث تناولت المباحثات، ملفات التعاون الاقتصادي والاستثماري وأمن الطاقة والهجرة غير النظامية والتنسيق السياسي إزاء القضايا الإقليمية والدولية.

كما كثفت مصر خلال عام ٢٠٢٥ من تواصلها مع القوى الآسيوية الصاعدة حيث شهدت العلاقات المصرية مع الصين واليابان وكوريا الجنوبية زيارات رسمية ولقاءات قمة ركزت على موضوعات فى صدارتها تعميق التعاون الاقتصادي ونقل التكنولوجيا ودعم مشروعات التنمية والتعليم الفني.

ويعكس هذا المسار كيف أن الاتزان الاستراتيجي في السياسة الخارجية المصرية لم يكن مجرد إدارة علاقات أو توزيع مواقف، بل جاء تعبيرا عن وعي دولة تدرك ثقل تاريخها وخصوصية جغرافيتها ومسؤولية دورها في محيط مضطرب.

سياسة الاتزان الاستراتيجى القائمة على أسس متينة وثوابت واضحة، لم تكن وليدة الصدفة، بل هي نتاج لرؤية استراتيجية بعيدة المدى رسمها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه مقاليد الحكم بعد ثورة الشعب المصري العظيم بمختلف أطيافه في الثلاثين من يونيو .. نسق ثابت للسياسة الخارجية المصرية منذ ۲۰۱٤ مع تسلم الرئيس السيسي مقاليد الحكم في البلاد ودبلوماسية ترتكز على تنويع التحركات انطلاقا من مبادىء الاحترام المتبادل والندية ورفض التدخل في الشئون الداخلية للدول واحترام سيادتها واستقلالها مع التشديد على تماسك المؤسسات الوطنية للدول للحيلولة دون تهاويها ونشر الفوضى بها لاسيما في المحيط الإقليمي.

أحد عشر عاما عملت خلالها القاهرة على تأمين المصالح والأهداف الوطنية في مختلف الدوائر شرقا وغربا ، شمالا وجنوبا بالارتكاز على التنوع والتوازن في العلاقات مع مختلف دول العالم مع الحفاظ على المصالح الوطنية لمصر ومحددات السياسة الخارجية التي صاغها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ خطاب التنصيب في يونيو 2014 .. وسياسة خارجية ناجعة لمصر في جمهوريتها الجديدة عنوانها الندية والاحترام المتبادل والشراكة وقرار وطني مستقل، وفقا للمحددات التي رسمها الرئيس السيسي في خطاب التنصيب في يونيو 2014، والذي أكد فيه أن مصر بما لديها من مقومات يجب أن تكون منفتحة فى علاقاتها الدولية، وأن سياسة مصر الخارجية ستتحدد طبقا لمدى استعداد الأصدقاء للتعاون وتحقيق مصالح الشعب المصرى، وأنها ستعتمد الندية والالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية مبادئ أساسية لسياساتها الخارجية فى المرحلة المقبلة، وذلك انطلاقا من مبادئ السياسة الخارجية المصرية القائمة على دعم السلام والاستقرار في المحيط الإقليمي والدولي، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول، والتمسك بمبادئ القانون الدولي، واحترام العهود والمواثيق، ودعم دور المنظمات الدولية وتعزيز التضامن بين الدول، وكذلك الاهتمام بالبعد الاقتصادي للعلاقات الدولية، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للغير.

ويؤكد وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج الدكتور بدر عبد العاطي كذلك فى العديد من المناسبات واللقاءات حرص الدولة على اتباع نهج الاتزان الاستراتيجي الذي أرساه فخامة السيد رئيس الجمهورية كركيزة أساسية في سياستها الخارجية.

كما يؤكد وزير الخارجية والهجرة أن مصر تسير فيما يتعلق بالسياسة الخارجية التي يصنعها ويشكلها طبقًا للدستور رئيس الجمهورية الرئيس عبدالفتاح السيسي.. ويشير إلى أن هناك مبدأ حاكماً وجامعاً يقود ويمثل دفة القيادة للسياسة الخارجية المصرية، وهو المبدأ الذي سنّه الرئيس السيسي في حفل إفطار الأسرة المصرية، وهو مبدأ الاتزان الاستراتيجي، وأن هذا المبدأ ليس مجرد عنوان، بل يتعلق بسياسات وآليات محددة لإدارة السياسة الخارجية، وفي مقدمتها الدولة الوطنية والحفاظ عليها.

ومع رحيل عام ٢٠٢٥ وحلول عام جديد.. يبرز تعامل الدبلوماسية المصرية مع التحديات الإقليمية والدولية بنهج متوازن ومسئول، أسهم في ترسيخ مكانة مصر كركيزة أساسية للاستقرار في محيطها الإقليمي والدولي.

فكما حفظت مصر عبر العصور ميزان القوة والحكمة في محيطها الإقليمي والدولي الفريد فإنها تواصل اليوم القيام بالدور نفسه عبر دبلوماسية واعية تستند إلى إرث حضاري عميق وتترجمه إلى سياسات معاصرة قادرة على حماية المصالح الوطنية وتعزيز الاستقرار ومنع الانزلاق إلى منطق الصدام. وجاء عام ٢٠٢٥ بما حمله من علامات ودلالات وقرارات وسياسات ومبادرات تأكيدا وتوكيدا على أن الدبلوماسية المصرية عاقدة العزم على المضى بثبات وفقا لنهج دولة التوازن التي لا تنحاز إلا لمصالحها ولا تتحرك إلا بميزان التاريخ والجغرافيا وتبقى على الدوام ركيزة استقرار وشريكا لا غنى عنه في معادلات الإقليم والنظام الدولى.

أخبار مصر أخبار اليوم خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة