فريهان طايع تكتب: لماذا كل هذا العناد؟


تعبث بنا الألغاز يومًا بعد يوم، وتسرق منا السلام والسكينة. نبحث ونبحث ولا نفهم، نعجز عن فكّ كل هذه الألغاز، وما زالت تسرق منا الأيام والشهور والسنوات، لكننا في حيرة من أمرنا؛ هذه الحيرة تقتلنا ونارها تكوينا، وعنـاد أنفسنا يزداد لهيبًا يومًا بعد يوم. وبعضهم لا يزال العناد يقوده مثل الأعمى حتى يدفعه لينسى أنه إنسان.
الحياة ليست كما يقول الآخرون: أن نتجرّد فيها من إنسانيتنا كي نعيشها، بل على العكس، الحياة علينا أن نتمسّك فيها بإنسانيتنا كي نعيشها، ونحيي غيرنا والوجود من حولنا.
الحياة إن تغيّرنا من أجلها، فهذا دليل ضعف.
الحياة زائلة، ليست ملكنا بل ملك الله؛ فهل هي من أملاكنا حتى نتكالب عليها ونحبّها ونسعى وراء مصالحنا؟ لا تتصالح مع المصالح، بل تصالح مع نفسك وضميرك.
لماذا كل هذا العناد؟
أتعلمون أن العناد يجعلنا نخسر الكثير من الوقت، وكذلك نخسر الأشخاص؟ هو مثل السم، يجعلنا نضع حواجز وفواصل بيننا وبين الناس، ونعلن الحرب عليهم، لكننا في النهاية نحن من نخسر ونفقد الكثير فقط بسبب العناد. وكأننا نقول للآخرين: لا نريد أن نسمع ولا أن نفهم، نحن فقط المحقّون، ثم نضيع في عالمنا ولا نفهم، فنكتوي بنار الحزن والألم.
ماذا نخسر لو تعلمنا أن نبحث من دون أن نضع حواجز تُعمينا بسبب إصرارنا؟ نحن لسنا في حرب، فلنعلن السلام. يكفي اتهامات وصراعات لا تنتهي، فلنطفئ هذه النار التي تحترق بداخلنا لنعيش بسلام. يكفي من كل هذه القيود التي تقيّدنا. ماذا سنخسر لو تعاملنا بعفوية، بلا أقنعة؟
أتعلمون أن هذه الأقنعة مخيفة؟ لأنها لا تحجبنا عن الآخرين فحسب، بل كذلك عن أنفسنا.
لماذا كل هذا العناد؟
الوقت يمضي بسرعة، ويكفي ما أضاعه الدرب والزمن.