الدكتورة منال حمادة تكتب: تعليم الأطفال حدودهم الشخصية وتطوير مهارات احترام الذات


تعليم الأطفال حدودهم الشخصية وتطوير مهارات احترام الذات من أهم الأسس في بناء شخصية سوية قادرة على حماية نفسها وتقدير ذاتها.
هذا النوع من التعليم لا يحمي الطفل من الأذى النفسي والجسدي فحسب، بل يعزز أيضًا ثقته بنفسه، ويساعده في التعامل مع الآخرين.
أولًا: مفهوم الحدود الشخصية للأطفال
الحدود الشخصية هي المساحة الجسدية والعاطفية والفكرية التي يشعر فيها الطفل بالأمان، وهي أيضًا الخطوط التي لا يجب أن يتجاوزها الآخرون دون إذن منه. وتختلف هذه الحدود من شخص لآخر، ويجب أن يتعلم الطفل احترام حدوده وحدود الآخرين كذلك.
ثانيًا: أهمية تعليم الحدود الشخصية، وتتضمن ما يلي:
الحماية من الاستغلال أو الإساءة جسديًا أو عاطفيًا أو نفسيًا.
تعزيز الثقة بالنفس من خلال تنمية القدرة على رفض ما يؤذيه دون خوف أو خجل.
تحسين العلاقات الاجتماعية عبر الفهم المتبادل لاحترام المساحة الشخصية.
دعم النمو العاطفي والتعبير الصحيح عن المشاعر.
ثالثًا: طرق تعليم الحدود الشخصية
التحدث بلغة مبسطة وواضحة
باستخدام أمثلة من الحياة اليومية مثل:من حقك أن ترفض إذا شعرت بالضيق.
إذا لم تحب أن يعانقك أحد أو يقبلك، ارفض هذا العناق أو التقبيل.
إذا لم تجد مكانًا للجلوس، لا تجلس على قدم أحد، وقل "لا" بأدب.
تعليم الطفل أسماء أجزاء جسده الصحيحة بلغة مناسبة لعمره، وشرح أن بعض الأجزاء الخاصة لا يجب أن يلمسها أحد إلا في حالات طبية محددة وبوجود الوالدين.
تعليم الفرق بين اللمسة الآمنة وغير الآمنة
مثلًا: لمسة الطبيب بحضور الأم آمنة، أما لمسة أي شخص غريب لجسده، خاصة في الأماكن الخاصة، فهي غير آمنة.تعليم الطفل مهارة الرفض
باستخدام كلمة "لا" بطريقة قوية وواثقة دون صراخ أو عنف.الاستماع لمشاعره واحترامها
فعندما يعبر عن انزعاجه من تصرفٍ ما، لا نقلل من شعوره، بل نشجعه على التعبير عمّا بداخله بصراحة وبدون خوف.
رابعًا: تعزيز احترام الذات لدى الطفل، ويكون من خلال:
التشجيع المستمر
ومدح السلوك، وليس فقط النتائج، مثل: "أنا فخور لأنك قلت رأيك بوضوح".الاستماع الفعّال
بأن يشعر الطفل أن رأيه مهم، وأننا نأخذ مشاعره وأحاسيسه بمحمل الجد.منحه حرية اتخاذ القرار
كأن نترك له حرية:اختيار ملابسه أو طعامه.
اختيار نوع الرياضة المفضلة لديه.
فهذا يعزز استقلاليته، ويزيد شعوره بقيمته، وينمي عنده:(أ) تحمّل المسؤولية.
(ب) تحمّل نتائج اختياره.
استخدام القصص والألعاب
قصص الأطفال مع استخدام المجسمات أداة ممتازة لتوصيل المفاهيم الأخلاقية، وتساعدهم في معرفة حدود التعامل مع الآخرين بأسلوب مبسط.
خامسًا: دور الأسرة والمدرسة
أ. الأسرة:
الأسرة هي البيئة الأولى التي يتعلّم فيها الطفل القيم والمبادئ واحترام الذات والحدود.
لذا يجب أن تكون بيئة مليئة بالأمان والحب والاستماع له، والصبر على ما يقوم به من أفعال.
ب. المدرسة:
للمدرسة دور أساسي وفعّال في تثبيت القيم لدى الطفل، ويجب أن تعزز ذلك من خلال الأنشطة الصيفية المتنوعة مثل:
المعسكرات.
الرحلات التعليمية والترفيهية.
المسرحيات التوعوية.
برامج الدعم النفسي والديني والاجتماعي المقدمة للطفل.
أخيرًا
كلما تعلّم الطفل مبكرًا أن له حقًا في حماية جسده والتعبير عن مشاعره وما يدور بداخله دون خوف، كان أكثر قدرة على حماية نفسه واحترام ذاته، ومن ثم احترام الآخرين.
هذه المهارة ليست فقط أداة وقائية، بل هي أساس لصحة نفسية قوية تنمو معه مدى الحياة.
دمتم سالمين.