أكد الإعلامي محمد موسى أن الوثيقة البريطانية السرية التي كُشف عنها مؤخرًا، والمؤرخة بعام 1994، تمثل دليلًا موثقًا على رؤية مصرية مبكرة وحكيمة حذرت من السيناريو الكارثي لانهيار الدولة العراقية، وهي الرؤية التي عبّر عنها بوضوح وزير الخارجية المصري الأسبق عمرو موسى خلال زيارته الرسمية إلى العاصمة البريطانية لندن آنذاك.
وأوضح محمد موسى، خلال تقديم برنامج "خط أحمر" على قناة الحدث اليوم، أن الوثيقة كشفت كيف رفضت مصر الانسياق وراء الضغوط الغربية الداعية لتكثيف العقوبات ضد العراق، مؤكدة أن الإفراط في الضغط لن يؤدي إلى تغيير النظام بقدر ما سيقود إلى تفكيك الدولة ومؤسساتها، وهو ما اعتبره موسى في ذلك الوقت أكثر خطورة من بقاء النظام نفسه.
وأشار الإعلامي محمد موسى إلى أن الدبلوماسية المصرية في تلك المرحلة سبقت الكثيرين في قراءة المشهد الإقليمي بوعي استراتيجي، إذ أدركت أن استهداف الدول من الداخل عبر الحصار والعقوبات لا يؤدي إلى الديمقراطية كما يُروّج، بل إلى الفوضى والخراب والفراغ السياسي، وهو ما حدث لاحقًا بالفعل بعد غزو العراق في 2003.
وشدد موسى على أن موقف مصر لم يكن دفاعًا عن نظام بعينه، بل كان تعبيرًا عن فلسفة وطنية ترفض تدمير الكيانات المركزية في العالم العربي تحت ذرائع التدخل الإنساني أو إعادة الهيكلة السياسية، مضيفًا أن الوثيقة تثبت أن مصر تعاملت مع الملف العراقي من منطلق الحفاظ على استقرار الإقليم وليس مجاراة لأجندات القوى الكبرى.
وختم موسى حديثه مؤكدًا أن هذه الوثيقة تبرز عمق الرؤية المصرية منذ عقود، مشيرًا إلى أن القيادة السياسية الحالية برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي تسير على نفس النهج، برؤية متزنة توازن بين المبادئ والمصالح، وتحمي الأمن القومي العربي من بوابة الدولة الوطنية.