المهندس السيد طوبا يكتب.. اغتصاب العقول


حدث إبان الاحتلال البريطانى للهند أن كان يمر السفير البريطانى فى سيارته وسط مدينة نيودلهى العاصمة بصحبة القنصل العام فراى أحد الشباب الهنود يركل بقرة بقدمه فأمر السفير سائقه بالتوقف فورا ونزل مسرعا يتمسح فى البقرة ويغتسل ببولها وهنا قام الهنود بالسجود للبقرة آلهتهم ثم انهالوا ضربا مبرحا على الشاب الذى ركل آلهتهم وعند عودته لسيارته اندهش القنصل وسأله عن سبب فعله فأجابه السفير الخبيث بأن ركلة الشاب للبقرة تعنى صحوة وإذا استيقظت الهند من وهم عبادة البقر سوف تسبقنا بخمسين عاما لذا أردت أن يدوم اعتقادهم بقدسية وإلهية البقرة حتى لا تتضرر مصالح بريطانيا العظمى فى الهند وهو ما يطلق عليه خبراء السياسة فن اغتصاب العقول.
وتلك مدرسة وفكر ما زال يمارسه ويتقنه الغرب مع الشرق الأوسط فترى أمريكا مثلا تدعم السنة وفى نفس الوقت تؤيد الشيعة حتى يظل ما يسمى الصراع السنى الشيعى الى أبد الدهر كما أن بريطانيا وقبل جلائها عن معظم بلدان الشرق الأوسط أن أوجدت مناطق حدودية متنازع عليها فإذا ما شعرت يوما باستقرار المنطقة تثير الخلاف حول أحد من المناطق الحدودية المتنازع عليها فتنشأ الخلافات والتى قد تصل إلى الحروب ثم تنشئ أمريكا القاعدة وتدربها وتزودها بالسلاح والعتاد بأموال العرب ثم تشن الحرب عليها أيضا بأموال العرب وكذلك داعش التى انشقت الأرض عنها بكل جنودها المدربين على القتال من مختلف الجنسيات وعتادها فتنشر الفزع بين دول المنطقة ثم تتعهد هى وبريطانيا وبعض الدول بحربها والقضاء عليها أيضا بأموال العرب ثم تبتكر أمريكا وبريطانيا أكذوبة أسلحة الدمار الشامل ويجيشا الجيوش ويشحنا العتاد والأسلحة والأساطيل ليشنا أقذر حرب على العراق فيقتلا مليونى إنسان ويصيبا ويشردا ملايين عديدة من البشر ويهدما اقتصاد أقوى دول المنطقة.
كل ذلك تحت أكذوبة أسلحة الدمار الشامل والتى أثبتت بعثات الأمم المتحدة كذب الادعاء بوجودها ثم يخرج بوش وبلير سالمين مكرمين بدلا من إعدامهما لجرائم الحرب وإبادة البشرية التى ارتكباها فى العراق ثم يعود مثلث الشر العالمى أمريكا وبريطانيا وإسرائيل ليبتكروا سياسة الشرق الأوسط الجديد ويبدأوا فى تقسيم الدول فى العراق والسودان وليبيا واليمن وسوريا بغية تفتيتها ودوام انقسامها وتناحرها فينشغلون عن العدو الأساسى بفلسطين المحتلة وكلما وجد مثلث الشر صحوة أو استنارة بأحد البلدان أشعلوا فيها الخلافات الحدودية أو المذهبية أو ادعوا إبادة المسيحيين وغيرها من الآلاعيب الخبيثة مثل اغراقها فى الديون وطلبها كميات هائلة من السلاح لحفظ أمنها واستقرارها وبصفتهم المنتجين والمصنعين لتلك الأسلحة فتبقى دائما مفاتيح اللعبة بأيديهم وكل تلك المسرحيات إنما هى اغتصاب للعقول والمبادئ والقيم وكافة شعوب المنطقة وأتمنى أن يعى ويفهم العرب ما يحاك لهم من النظام العالمى الجديد ولا بد من استيقاظ بعد الغفلة.