كان أنور وجدي مثالاً للفنان المحب لفنه ومالخلص له، فكان ممثلاً ومخرجًا ومنتجًا لأعمال حققت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا حتي يومنا هذا.

ورغم مسيرته السينمائية الحافلة التي تتجاوز الـ70 فيلمًا، إلا أنه حقق ذلك في فترة زمنية قليلة؛ لأن الموت لم يُمهله كثيرًا، حيث توفي عن عمر 51 عامًا بسبب مرض وراثي نادر عام 1955.

مسيرة حافلة

كان أنور وجدي صاحب موهبة كبيرة وأحد نجوم السينما المصرية في عصرها الذهبي، ومن كبار صناعها منذ بداية الأربعينيات وحتى رحيله في منتصف الخمسينيات، كتب وأنتج وأخرج العديد من أفلامه التي كان نجمها وبطلها الأول مثل "ليلى بنت الفقراء" و"طلاق سعاد هانم" و"أربع بنات وضابط"، كما أنتج وأخرج وكتب أفلاماً لنجوم آخرين مثل "ليلة الحنة".

ويعد أنور وجدي الممثل الوحيد الذي مثل مع ثلاثة من أهم نجوم الغناء وهن: أم كلثوم، وأسمهان، وليلى مراد.

البداية من المسرح

بدأ أنور وجدي حياته الفنية على خشبة المسرح وعمل لفترة بفرقة رمسيس المسرحية، فبعد أن فشلت محاولة أنور وجدي للسفر لهوليوود، ظل يراوده حلم التمثيل فاتجه إلى شارع عماد الدين ليتمكّن من رؤية فناني العصر لعله يحصل على الفرصة، ومع ميلاد فرقة رمسيس قرر أن ينضم إليها، فكان يتسكّع كثيراً أمام أبواب المسرح عسى أن يقتنص الفرصة من خلال لقائه بأحد النجوم، وتصادف أثناء تسكعه أمام كواليس المسرح الخلفية قابل الفنان يوسف وهبي من البروفات واقترب منه وتوسل إليه أن يأخذه ليعمل معه في مسرح رمسيس، لكن يوسف وهبي كان في عجلة من أمره لارتباطه بموعد مهم فتركه دون أن يعبأ بما طلبه منه.

لم ييأس أنور وجدي وتوسّل إلى قاسم وجدي الريجسير أن يقدمه إلى يوسف وهبي، وبالفعل حدث أن عمل في مسرح رمسيس وكان أجره ثلاثة جنيهات في الشهر، وأصبح يسلم الأوردرات للفنانين وسكرتير خاص ليوسف وهبه.

كان أول ظهور له حينما قام بدور ضابط روماني صامت في مسرحية «يوليوس قيصر»، وكان أجره حينذاك 4 جنيهات شهريًا، ما مكّنه من الاشتراك في أجرة غرفة فوق السطح مع زميل كفاحه الفنان عبد السلام النابلسي، وأثناء ذلك كتب بعض المسرحيات، ذات الفصل الواحد لفرقة بديعة مصابني مقابل 2 أو 3 جنيهات للمسرحية.

اتجه وجدي بعد ذلك للسينما، وكان أول فيلم يقوم به "جناية نص الليل" للمخرج محمد صبري إنتاج عام 1930م، وقدم بعد ذلك فيلم "أولاد الذوات" (1932م)، والدفاع (1935م)، وبياعة التفاح (1939م)، وانتصار الشباب (1941م)، وليلى بنت الريف (1941م)، واشتهر في تلك الفترة بدور الشاب الثري المستهتر.

تعامل أنور وجدي مع مجموعة مه أهم مخرجين تلك الفترة، منهم:أحمد جلال، وأحمد سالم، وتوجو مزراحي وأحمد بدرخان.

إنتاج ضخم

أسس أنور وجدي شركة الأفلام المتحدة للأنتاج والتوزيع السنيمائي عام 1945م وقدم من خلالها حوالي 20 فيلما من أشهرها سلسلة الأفلام التي قام ببطولتها مع ليلى مراد (قلبي دليلي 1947م)، عنبر (1948م)، غزل البنات (1949م)..وأفلام أخرى، وقدم أيضا الطفلة المعجزة فيروز في ثلاثة أفلام من أنتاجه (ياسمين 1950م)، فيروز هانم (1951م)، دهب (1953م)، وكان فيلم أربع بنات وضابط (1954م) آخر الأفلام التي أنتجها.

اشترك أنور وجدي في 6 أفلام من أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية وهي: العزيمة (1932م)، غزل البنات (1949م)، ريا وسكينة (1953م)، أمير الانتقام (1950م)، الوحش (1954م)، غرام وانتقام (1944م)، وكان بطلاً في 4 أفلام منهم.

تزوج أنور وجدي 3 مرات (إلهام حسين، ليلى مراد، ليلى فوزي)، ولم ينجب أولادا.

مرض وراثي ينهي مسيرته

كان أنور وجدي مصاب بمرض وراثي في الكلى مات بسببه والده وشقيقاته الثلاث، وهو مرض الكلية متعددة الكيسات، كان في بداية الخمسينيات من عمره عندما بدأ يشعر بأعراض المرض، لكنه كان يتناساها لكن مع تعرضه لأزمة صحية نصحه الأطباء بضرورة السفر إلى فرنسا، وعرض نفسه على الأطباء ولكن المرض لم يكن له علاج في ذلك الوقت.

لم تمض فترة طويلة على عودته للقاهرة فسرعان بعد أشهر قليلة أن عاودته آلام المرض، وأصيب بأزمة صحية شديدة نقل على إثرها إلى مستشفى دار الشفاء، وساءت صحته للغاية فنصحه الأطباء بالسفر إلى السويد، حيث سمع أن هناك طبيب اخترع جهازاً جديداً لغسيل الكلى، وكان الأول من نوعه وبالفعل سافر أنور إلى هناك، وأجرى الأطباء جراحة دقيقة لأنور وجدي لم تُفلح في إنقاذه حيث تدهورت حالته، وتأكد الأطباء أنه لا أمل في شفائه حتى بمساعدة الكلية الصناعية، وفقد بصره في أواخر أيامه، وكذلك عانى من فقدان الذاكرة المؤقت.

لفظ أنفاسه الأخيرة، وهو لم يكمل 51عاماً في 14 مايو 1955م، وذلك بالعاصمة السويدية ستوكهولم وكانت وفاته صدمة ومفاجئة كبيرة لكل محبيه.