خط أحمر
الجمعة، 26 أبريل 2024 05:51 مـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

محمد عبد اللطيف يكتب.. «البتكوين.. القبيحة بمفاتن مغشوشة»

خط أحمر

لم يجل بخاطرى أن مقالنا السابق عن مخاطر وتصنيع العملات الرقمية الـ "بتكوين" على الاقتصاد والأمن القومى ، سيجد اهتماماً واسعاً فى العديد من الدوائر ، فبعد ساعات من النشر ، جاءنى على الخاص ما أثلج صدرى، وحفزنى على مواصلة الكتابة فى تلك القضية المهمة ـ حسب ظنى ـ لكننى سأنوه ،فقط ،عن المتاح والمباح مما وصلنى، منه الاتجاه نحو مناقشة الموضوع تحت قبة  مجلس النواب، فضلاً عن القبض ،أول أمس، على مجموعة تمثل نموذجاً مصغر لهذه النوعية من الأنشطة المشبوهة، تخصصوا فى  التربح والاستيلاء على الأموال عن طريق التحويلات الإلكترونية والحجوزات وبيع الخدمات والكورسات ، والتحقيقات لم تنه بعد.

ما حدث جعلنى أتذكر تلك القصة... فى منتصف تسعينيات القرن الماضى، نشرت تحقيقاً بمجلة "صباح الخير"عن "بورصة سرية" تدير نشاطها من قلب القاهرة، ومتصلة بدوائر أجنبية ، عبارة عن مكاتب سمسرة فى العواصم الغربية "بيع ـ شراءـ مضاربات " بلغ حجم التعاملات الغامضةـ وقتهاـ  مئات الملايين من الدولارات وبقية العملات الأخرى، البورصة كان يديرها  نجل رئيس وزراء سابق ،كان ذائع الصيت باعتباره واحداً من أهم رؤساء الوزراء فى تاريخ مصر، استجلب النجل من هونج كونج، خبراء متخصصين فى هذا المجال، قامت الدنيا ولم تقعد، لأن تفجير القضية والكشف عن ملابستها وتأثيرها السلبى على الاقتصاد الوطنى ،تزامن مع سقوط امبراطورية شركات توظيف الأموال، وبداية دخول الحواسب الآلية عن طريق شركة سلسبيل الاخوانية،أيضاً،بداية اصطحاب هذه النوعية من الأثرياء الجدد للبلطجية كحراس لهم ما لفت الأنظار اليهم والى أنشطتهم التى لم تكن معلومة ، حينها تقابلت مع اللواء عز الدين الأحمدى مساعد وزير الداخلية للأموال العامة، والعقيد، وقتها، محمد فراج مديرة ادارة مكافحة جرائم النقد، خرجت من الحديث معهما بيقين لم تمحوه عوامل الزمن، ومفاده أن الصراع بين الأجهزة الأمنية والشبكات المنظمة، لا يتوقف ، خاصة مع التطور التكنولوجى ، فتلك الأجهزة لديها من البراعة ، لمواجهة الأساليب المبتكرة فى استغلال التكنولوجيا للاضرار بالمصالح القومية.. على أى حال كانت تلك القضية بداية الخيط الذى قاد لبقية المغامرين والشبكات الأخرى، عندما اكتملت كل خيوط تورطهم فى الجرائم الاقتصادية ، وأسدل الستار على هذا النشاط المشبوه ،الذى يحقق الثراء السريع للمغامرين ويضر بمصالح البلاد العليا .  

شغفى بمتابعة ملف تجارة وتصنيع العملات الوهمية على الشبكة العنكبوتية ، دفعنى للغوص بجدية فى التفاصيل الخاصة به ، فهذا النشاط لم يطف على السطح اعتباطاً ،أى بصورة عشوائية، لكنه نشأ بالأساس فى إطار تطور أساليب الجريمة المنظمة، لصالح مافيا تجارة السلاح والمخدرات، وهى شبكات دولية متصلة بالمنظمات الإرهابية، وبعض الحكومات المارقة وأجهزة الاستخبارات ، كما أنها تتخفى خلف جدار سميك من السرية ، للهرب من الملاحقات الدولية، والتحايل على القوانين المجرمة لتلك الأنشطة الغامضة .

فى مصر تعمل عدة شركات تحت ستار البرمجيات وبيع باقات الانترنت ، والاتجار فى الهواتف، وأجهزة الحاسب، وتقدم بعضها اغراءات بتقديم تخفيضات تصل الى 50% من قيمة الاشتراك فى باقات شحن  الانترنت، كيف ؟ ..لا أعرف !

اللافت، أن احدى الشركات ذائعة الصيت فى هذا المجال تعلن ببجاحة على موقعها الإلكتروني عن تقديم خدمات فى عدة مجالات منها دراسة اللغة  والاستشارات القانونية وأن لديها مستشارون ومحامون بالاستئناف العالى، وأنا هنا لا أعرف ،أيضاً، مالعلاقة بين الأعمال القانونية والبرمجيات وتقديم خدمات الإنترنت وبيع الهواتف بالحصول على كورسات لغة ، جانب آخر يلفت الانتباه ،كل الشركات العاملة فى تلك الأنشطة تضع غلاف محكم من السرية على أعضائها، عبر تكوين مجموعات مغلقة، يتحادثون فيما بينهم لمعرفة مؤشر الصعود والهبوط للعملات الرقمية حول العالم ،بل بلغ الأمر مدى غير مسبوق فى البجاحة ، جراء عدم وجود قوانين تجرم تلك الأنشطة، وتتمثل البجاحة فى الإعلان عبر لوحات على مواقع  تلك الشركات عن الأسعار اليومية للعملات الوهمية بالجنيه المصرى والعملات الأجنبية، ألم يكن كل هذا العبث وبيع الوهم يحتاج إلى تدخل عاجل وسريع ، باستصدار أوامر قضائية ، للبحث فى حجم التعاملات البنكية التى تمت خلال العامين الماضيين، فى تلك اللحظة سيتبين للقاصى والدانى ، كيف تورطت شركات بيع وتصنيع البتكوين مع المافيا، وساعتها سنكون أمام ملف متخم بالعلاقات المشبوهة، وستعرف جهات التحقيق، من الذى أرسل ومن هو المرسل إليه.

المتابعة قادت إلى معرفة لغز افتضاح أمر بعض هؤلاء المغامرون، هناك بعض الشركاء تخارجوا فى سرية وحصل كل منهم على نصيبه من المال الحرام دون ضجيج، ثم اتجه كل منهم لانشاء شركة تخصه لأنهم فهموا سر اللعبة، وعرفوا "الفولة"، بحسب التعبير الشعبى، هؤلاء بدأوا تغليف نشاطهم على مواقعهم ، بستار مغاير، مثل تأسيس  وتصميم المواقع الإلكترونية للشركات، خاصة العاملة فى مجال الفندقة والسياحة وبعض سلاسل الصيدليات، كما لجأوا للاستعانة بالمحترفين فى التصميم لتصنيع العملات الأخرى المشابهة للبكتوين، لكنهم يقومون بالترويج غير المباشر لأنشطتهم بالإعلان عن الأسعار، وتقديم معلومات عن العملات لتحقيق نسبة مشاهدة للفيديوهات وطرق التعدين والتعريف بالعملة ،بالضبط مثل القبيحة التى تروج لمفاتن ليس فيها ، بما يحقق " ضرب عصفورين بحجر واحد " ، أما البعض الآخر فـ "عزت "عليه نفسه أن يعطى شركاءه أنصبتهم ، فرست سفينته على شاطئ الفضائح، وخرج منها ما خرج ، حدث عنه ولا حرج ، ومنهم من يستخدم الأساليب القديمة التى عفا عليها الزمن، للايحاء بأنهم مسنودين من الكبار، دون دراية بأن مثل هذه الأحاديث لن تلقى مصداقية لدى الغالبية.

محمد عبد اللطيف البتكوين خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك مصر