في ذكرى ثورة 30 يونيو.. أين وقف الأزهر من الدولة وما سر بيان الوصايا العشر؟


٩ سنوات مرت على ثورة ٣٠ يونيو التى نقلت مصر إلى مرحلة جديدة من البناء والتنمية وخلصتها من سطوة جماعة الإخوان ومحاولتها سرقة البلد نحو تحقيق مصالح التنظيم الدولي دون النظر إلي ما يتطلع إليه المصريون من حرية واستقلال.
أحداث عصيبة مرت بها مصر في طريق الخلاص من الإرهاب، لم يكن الأزهر الشريف بعيدا عن أحداثها، حيث لعب دورا أساسيا فى مساندة الدولة المصرية وشعبها أمام سطوة جماعة الإخوان ومكتب إرشادها.
محاولة الفتنة
وفي موقف واضح لا مجال فيه للتشكيك، انحاز الأزهر الشريف إلى مطالب الشعب ووقف بجانب مطالبه فى التخلص من سطوة جماعة الإخوان التى صور أنصارها المطالب الشعبية وقتها على أنها حرب ضد الإسلام، في محاولة لإثارة الفتنة بين أفراد الشعب الواحد.
إلا أن وقوف الأزهر في صف إرادة الشعب الذي كان غضبه قد وصل مداه، قطع التنظيم الإرهابي الطريق وحسم الأمر لصالح صيانة الدماء المصرية حتى تصل سفينة الوطن إلى بر الأمان.
تلك الفتنة التى حذر منها الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، في بيان رسمي يوم ٢يوليو عام ٢٠١٣، معتبرا أنها فتنة تجر البلاد إلى هاوية خطيرة ومستنقع كريه يشوه وجه مصر العظيم، قائلاً: «أحذركم من فتنة مهلكة، تذهب بوحدتكم، فتنة تصرف قواتنا المسلحة الباسلة عن مهمتها الوطنية الأصلية، وأن الدين والوطنية براء من أى دم يسفك وبراء من كل من يشارك فى كل قطرة دم تسفك».
كما طالب الجميع بتحمل مسئولياته أمام الله والوطن والتاريخ فى اتخاذ خطوات جادة وفاعلة للخروج العاجل من هذه الأزمة، تقديراً لصوت الشعب الذى فاجأ العالم بإلهام حضارى جديد من خلال تعبيره الراقى عن مطالبه، وحقناً للدماء، وصوناً للأعراض والأموال، وحفاظاً على الأمن القومى من التعرض للمخاطر المحدقة به داخلياً وخارجياً.
خطاب 3 يوليو
أدرك الرئيس عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع فى ذلك الوقت، قيمة التنسيق بين مؤسستي الأزهر والكنيسة للحفاظ على النسيج الوطني من التشرذم والفتنة التى سعي إليها تنظيم الإخوان ، فدعا خلال خطابه الشهير في ٣ يوليو، الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، لعقد اجتماعًا مع عدد من الشخصيات، بحضور البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وممثلين عن حزب النور، وحركة تمرد، لإعلان بيان عزل الرئيس الإخوانى الأسبق محمد مرسى، وإنهاء لهيمنة الجماعة التى لم تعبأ بدماء المصريين.
مباركة الأزهر
عقب إلقاء الرئيس السيسي، وكانت وقتها يتولي منصب وزير الدفاع، بيان 3 يوليو، وضع الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، 4 أسس بنى عليها موقف الأزهر من ثورة 30 يونيو، وهو ما اعتبر مباركة وسند شرعى لمؤسسات الدولة الوطنية للخروج على حكم الإخوان الذي لم يبدي أي اهتماما لدماء المصريين التى سالت فى طريق التعبير عن رفضه ومعارضتهم لحكم الجماعة.
وأكد الإمام الأكبر، أن مصر أغلى من أن تُسفك فيها دماء أبنائها تحت أى شعار، وأن موقف الأزهر هو الانحياز لشعب مصر الأصيل، والحفاظ على وحدة المصريين وحُرمة الدم المصرى، لافتاً إلى أن ذلك هو منهج الأزهر وتاريخه دائماً، ومصر تستحق من الجميع موقفاً وطنياً صادقاً.
كما أكد خلال البيان، أن مصر أغلى من أن تُسفك فيها دماء أبنائها تحت أى شعار، وأن موقف الأزهر هو الانحياز لشعب مصر الأصيل، والحفاظ على وحدة المصريين وحُرمة الدم المصرى، لافتاً إلى أن ذلك هو منهج الأزهر وتاريخه دائماً، ومصر تستحق من الجميع موقفاً وطنياً صادقاً.
تضمنت تلك الأسس التأكيد على أن دعم الثورة كان منعا لصدام المصريين بسبب تصارع القوى السياسية وتعنت جماعة الإخوان، والوقوف حائلا ضد أى محاولة طائفية لخلق فتنة بين نسيج الوطن الواحد ومنع سيلان الدم المصرى.
واعتمد شيخ الأزهر فى بيان مساندة ثورة 30 يونيو على قانون الشرع الإسلامى الذى يقضى بأن ارتكاب أخف الضررين واجب شرعى، كما دعم قرار إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يحتكم فيها الشعب إلى صندوق انتخاب يضمن نزاهته كلا من القضاء والجيش والشرطة.
الوصايا العشر
أصدر الإمام الأكبر، بعد ذلك بيانا آخر عرف إعلاميا باسم "بيان الوصايا العشر أو إبراء الذمة، جاء فيه:
"إنَّ الأزهر الشريف كمؤسَّسة علميَّة ووطنيَّة، حارسة للقيم، جامعة للوطن وأبنائه جميعاً، طوال تاريخها العريق - تتوجَّه إلى المواطنين كافة، أفراداً وجماعات، مسئولين وناشطين، وأحزاباً ومستقلين، بالنصائح العشر التالية؛ قياماً بالواجب الوطنى فى اللحظة الراهنة:
اجتمعت كلمة الأطياف الوطنية المصرية السياسية والفكرية والدينية على ما تضمَّنته وثيقة الأزهر الأولى بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، على أنَّ الدولة التى يُريدها الشعب المصرى وتُؤيِّدها الشريعة الإسلامية هى الدولة الوطنية الديمقراطية الدستورية الحديثة.
والوضع المؤقت الذي بدأ يوم الرابع من يوليو الحالى وأفضى إليه الحراك الشعبى الأخير، وارتَأت معظم القوى الوطنية ضَرورة اتخاذه، يُوجب علينا أن نذكر بأنَّ الضرورة تُقدَّر بقَدرها، وينبغى ألا تزيد المفترة الانتقالية المؤقتة عن الحد اللازم لتعديل الدستور، وتُجرَى فيها الانتخابات النيابية والرئاسية فى نزاهة وشفافية؛ للإسراع فى العودة إلى الحالة الطبيعية الديمقراطية الدستورية التى ارتضاها الشعب".
دعم القوات المسلحة
لم يغفل الأزهر الشريف وشيخه الإمام الطيب، دعم القوات المسلحة المصرية، والذي حاولت جماعة الإخوان وأنصارها خلال تلك الفترة، النيل منها والتشكيك في وطنيتها، مؤكدا على وجنينها ودورها فى حماية حدود الوطن.
وقام الأزهر بمساندة ودعم جهود القوات المسلحة، والشرطة المصرية، فى حربهما المستمرة ضد الإرهاب، وقاد الأزهر مسيرة تجديد الخطاب الدينى، والتجديد المستمر للمناهج التعليمية، بما يتوافق مع متطلبات العصر.