خط أحمر
الخميس، 25 أبريل 2024 11:05 صـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

محمد محفوظ يكتب: مهرجان سيدك ”البلبوص”

خط أحمر

لم يكن الإله "بوذا" عند البوذيين فقط هو الغريب؛ ولكن كان الأغرب هو "الإله البلبوص" من إحدى الديانات الغريبة لدى الهنود؛ حيث يذهب محبيه إلى معبد سيدي "البلبوص" دون ملابس تمامًا، ويأتي كلّ منهم بريشة طائر الطاووس، وكوب مياه ضخم، ويقوم الجميع برش المياه على أكبر عدد؛ حتى ينال رضا الإله البلبوص!

ومن معبد سيدي" البلبوص" بالهند، إلى مهرجان سيدك "البلبوص" في مدينة الجونة، فهنا يتنافس الجميع للفت الأنظار حتى وإن أصبح "بلبوص"، لا أريد أن أتحدث هنا عن التنافس والصراع في العري للفت الأنظار، ولكن أتحدث عن الإفلاس والعقم الفكري، فتستطيع أن تطلق عليهم "بلابيص الفكر"، فالمنافسة هنا تكمن بين الجواهرجية، أو الترزية ومصممي الأزياء، والحلاقين فقط، بعيدًا كل البعد عما يسمى بمهرجان السينما.

فشتان بين حفلين في وقت واحد، كان الأول في لندن وهو حفل توزيع جوائز "إيرث شوت" الخاصة بمجال البيئة، برعاية الأمير وليام الذي قال: "إن العقول والأدمغة العظيمة عليها أن تحاول إصلاح الكوكب لا أن تحاول إيجاد مكان آخر لتذهب وتعيش به"، فبهذه الكلمات وبهذه الفكرة العظيمة استطاع الأمير وليام أن يلفت أنظار العالم لهذا الحفل الذي حل به النجم المصري العالمي محمد صلاح، وكان سفيرًا حقيقيًّا لمصر والعرب أجمع.
أما الحفل الثاني فكان مهرجان سيدك "البلبوص" الذي يقيمه آل ساويرس، والذي خرج علينا السيد نجيب ساويرس مدافعا عن محمد رمضان: " عايز أقول للي زعلان إنه جالنا ما يجيش"، لتشعر وكأنك في "حنة أم سماح" وليس في مهرجان يمثل بلد عريق وصاحب حضارة.

أيضًا إذا كانت المواقع العالمية تتحدث عن حفل "إيرث شوت" المرصع بالنجوم لجوائز جائزة الأمير ويليام، وكان قصر ألكسندرا بالاس يعج بأسماء بارزة لحفل تسليم الجائزة الافتتاحي، إلا أن بمهرجان سيدك "البلبوص" كانت المواقع المصرية والعربية تتحدث عن فستان نجلاء بدر وحسن أبو الروس ومحمد رمضان ومن على شاكلتهم ممن يتنافسون على الإساءة لبلادهم.

وفي مشهد آخر من مهرجان سيدك "البلبوص" تجد النجم أحمد السقا في إحدى الندوات التي أقيمت له على هامش المهرجان وضع أمامه على المنصة ما يقرب من 30 ميكرفون لم يكن من بينهم ميكروفونًا واحدًا يمثل جهة أجنبية بلغة مختلفة، ولكهنم جميعًا كانوا لجهات تتحدث فقط العربية، مما يدل على إننا بالفعل لا نخاطب سوى أنفسنا، لتشعر بأن هناك سنين ضوئية بين الحفلات والمهرجانات العالمية وبين مهرجان سيدك "البلبوص"، فالفائز الوحيد من هذا المهرجان هو آل سويرس والدعاية لمنتجعهم الخاص "الجونة"، ليصبح شعار الجميع في المهرجان (كل جونة وانتم طيبين)، وكأننا في حفل تكريم لأصدقاء الأسرة، أو كما قلت "حنة أم سماح" وجاء البعض ليبارك لها بقميص النوم وكأنها "بلبوص".


فعلى الرغم يا عزيزي من أن هذا هو المهرجان السينمائي الخامس للجونة، إلا أنك لا تتذكر أو تعرف اسمًا واحدًا من تلك الأفلام السينمائية المشاركة في حنة "آل ساويرس" على مدار الخمس دورات، لكنك بالطبع تتذكر قبلات الفيشاوي، وبطانة رانيا يوسف، و المنافسة الشرسة بين الفنانات الأكثر جرأة وإثارة في التعري، ولكن ضيوف المهرجان هذا العام نجحوا دون قصد في أن نعرف بأن هناك فيلم اسمه "ريش" مشاركًا في المهرجان، لم يقصد هؤلاء الضيوف أن نعرف شيئًا عن ذلك الفيلم الفائز هذا العام بجائزتين في مهرجان "كان السينمائي"، ولكن دون وعي منهم عندما أبدَى البعض من هؤلاء الضيوف اعتراضهم على عرض الفيلم لأنه يناقش قضية الفقر، ومبررًا ذلك بأنه يسيء لسمعة مصر أمام العالم!

فهكذا يحاول البعض أن يظهر أمام الآخر وكأنه هو من يمتلك صك الوطنية دون غيره متهمًا الآخر بـ "التخوين"، فالمدهش هو أن هؤلاء الفنانين لم يحرك لهم ساكنًا مما يحدث في مهرجان سيدك "البلبوص"، ولكن ما حرك الوطنية بداخلهم هو مشاهد الفقر التي لا تتناسب مع الجو اللطيف والنسيم العليل في الجونة، وكأنها مشاهد إنكار واقع المصريين، وربما تناسى هؤلاء الفنانين أن هناك 100 مليون نسمة في مصر، يعيش منهم 29.7% أي حوالي 30 مليون مواطن مصري تحت خط الفقر بحسب آخر تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة، ولذا نجد الدولة تعمل جاهدة في تقديم الحلول والمبادرات كمبادرة "حياة كريمة" للوقوف بجانب هؤلاء الفقراء.

أيضًا لم يكترث هؤلاء الفنانين للفكرة التي يناقشها فيلم "ريش" الذي كان وراء تتويج السينما المصرية للمرة الأولى في تاريخها بجائزة من مهرجان “كان” عن عمل فني محدد، وهي تسليط الضوء على "المرأة المعيلة"، وأن الأرقام الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أعلنت أن هناك أكثر من ثلاثة ملايين أسرة مصرية تعولها نساء، مما يعني أن ما لا يقل عن 15 مليون مصري تضمن بقاءهم على قيد الحياة نساء.

حقًّا أيها القارئ، فعندما نتحدث بأن هؤلاء يختلفون عن هؤلاء، رغم أن كثير من هؤلاء كانو في الأساس من هؤلاء، إلا أن حب الظهور والتميز جعلهم يتناسوا أنه يجب أن نكون جميعًا صورة مشرفة لوطن شرقي عربي له عادات وتقاليد وثقافة يشهد لها الجميع عبر العصور، فكان الأفضل للقائمين على المهرجان تقديم النماذج التي يحتذى بها في الفن الهادف، وليس تقديم بعض النماذج التي تسيء للمكان، حتى خرج علينا السيد نجيب ساويرس منتقدًا كل من ينتقد المهرجان ويرد عليهم بعبارة "موتوا بغيظكم"، "وأن الكلاب تعوي والقافلة تسير"، وقال أيضًا مستشهدًا بمحمد رمضان "اللي بيرفع اسم مصر لازم نحبه"، وكأنه يتحدث عن زويل أو فاروق الباز أو محمد صلاح أو عمر الشريف وسمير غانم ، ليجعلني أتساءل: متى رفع محمد رمضان اسم مصر بالخارج؟! هل تناسى السيد نجيب ما فعله محمد رمضان عندما طالعتنا المواقع الإخبارية للكيان الصهيوني بآخر لقطاته وفيديوهاته (الساقطة) وهو يحتضن المطرب اليهودي "أومير أدام"، ومع فنان يهودي آخر وهو "إيلاد أسلا".

وأخيرًا أريدك أن تعرف أنني لا أشكك في وطنية أحد أو أنني أود من تقليل شأن البعض، ولكن ما أود قوله هو أن "مصر" فوق الجميع، ويجب علينا جميعًا وضع اسم "مصر" فوق المصلحة الخاصة دائمًا، فقد رأيت من قبل أثناء زيارتي لمهرجان "كان" بفرنسا في مايو 2019 كيفية الدقة في التنظيم، و الإعلان عن أسماء عالمية من معظم أنحاء العالم لإنجاح المهرجان، مما جعلني أتسائل مرة أخرى : لماذا لا يقام كتلك المهرجانات العالمية بشكل لائق يتناسب مع مكانة مصر العظيمة التي تمتلك الآثار والتاريخ والحضارة، والتي يطلق عليها الجميع "هوليود الشرق"؛ نظرًا لمكانتها العالية التي تستحق أن تكون عليها بعيدًا عن مهرجان سيدك "البلبوص"!

محمد محفوظ مهرجان سيدك البلبوص خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك مصر