خط أحمر
السبت، 3 مايو 2025 02:02 مـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

جمال رشدي يكتب: ماردونا وحكاية من التاريخ

خط أحمر

التاريخ يصنعه من هم يفكرون خارج واقع التاريخ ولهذا نجد معظم العباقرة والمبدعين الذين سطروا التاريخ اتهموا من واقع هذا التاريخ بالجنون، لان ما يفكرون به للمستقبل هو حلم يثير في كثير من الأحيان الضحك والسخرية لدي العامة الذين هم يقبعون داخل جدران الواقع ولا يريدون أن يتواجدوا خارجه خوفًا من المجهول الذي في الغالب يتواجد فيه العباقرة بأحلامهم وأمنياتهم.

في عام 1984 كانت مدينة نابولي الايطالية أفقر مدن ايطاليا وأوروبا، مجرده تمامًا من كل عوامل التنمية، فالفقر والجوع يكتسي سكانها تحت حماية مافيا وعصابات الجريمة والمخدرات، وفي تلك المدينة كان هناك نادي رياضي باسم المدينة نادي " نابولي "، هذا النادي يمثل حال المدينة في الفقر الكروي، تارة يهبط من الدوري الممتاز، وتارة يتواجد ليكون حصالة أهداف لباقي فرق الدوري.

ورغم ذلك الفقر المدقق الكاسح لكن هناك شخص اسمه " فيرلاينو " يمتلك عبقرية الحلم داخل جدران المجهول، بأن ينقل تلك المدينة إلي أعظم مدن ايطاليا وارويا بل والعالم، هنا الجنون الذي سيتهم به سكان الواقع هذا الرجل العبقري، لأنه فكر فيما لا يمكن قبوله أو التخطيط له.

"فيرلاينو" هو رئيس نادي نابولي قام صباح احد الأيام باكرًا بأحلام اليقظة التي طاردت نومه وقرر الذهاب لمقابلة عمدة مدينة نابولي، وبعد أن تناول مشروب الضيافة قال له أعطني 15 مليون دولار حتي اصنع من نابولي أعظم مدن العالم، ضحك عمدة المدينة واعتقد أن رئيس النادي يمزح ويريد اطلاق احد النكت الضاحكة، ولكن مع تأكيد رئيس النادي لطلبه، صمت العمدة كثيرًا لمحاولة قرائه تصميم وجدية رئيس النادي التي ظهرت علي تعبيرات وجهة وإيماءات جسده.

وهنا بدء رئيس النادي في سرد الحلم المجهول المجنون، وقال للعمدة سأشتري اللاعب ماردونا الذي سيحول مدينة نابولي إلي أعظم مدن العالم، تعجب عمدة المدينة من كلمات رئيس النادي فمن المنظور العقلي كيف للاعب كرة لا يمتلك إلا حذائه ومن وراءه صحيات وتصفيق بعض الصبية والمشجعين أن يصنع مجد لتلك المدينة، التي تترنح تحت سطوة الفقر والعصابات الإجرامية.

ووسط إلحاح من رئيس النادي فكر عمدة المدينة في طريقة للتخلص من جنونه، وقال له لا املك ذلك المبلغ بل القليل منه اعتقادًا منه باستسلام رئيس النادي والتخلي عن فكرته، ولكن كانت إجابة رئيس النادي حاضرة وقاطعه وقال له جهز لي هذا المبلغ الصغير فخلال أيام معدودة سآخذه منك.

وذهب رئيس النادي وأعلن لجماهير مدينة نابولي انه يحتاج إلي مبلغ 15 مليون دولار لشراء ماردونا، وان عمدة المدينة لا يمتلك منه إلا القليل وطلب من جماهير النادي التبرع وجمع المبلغ، وتكالب الجميع علي الدفع ولما لا فعشرة أو مائة دولار لا قيمة لها أمام مشاهدة شخص ماردونا لو مرة واحدة علي ارض ملعبهم.

وخلال وقت وجيز تم تجميع المبلغ وترقب عمدة المدينة الخطوات المجنونة التي سيتخذها رئيس النادي، وخلال أيام كان ماردونا يوقع عقده مع رئيس النادي علي متن قارب علي سواحل المدينة، وعند دخول ماردونا أبواب المدينة كان هناك 65 ألف مشجع يستقبلونه وهو العدد الأكبر في تاريخ كرة القدم في العالم.

وفور إعلان الصفقة في وسائل الأعلام العالمية توافد المراسلين والصحفيين من مختلف دول العالم واكتظت المدينة بالسياح من كل حدب وصوب، وخلال عام تطور قطاع السياحة بشكل غير متوقع، فانتشرت الفنادق والمطاعم والمرافق السياحية وتوافد المستثمرون علي المدينة من كل بقاع الأرض، وأقيمت المصانع والمؤسسات لطباعة صور وقميص ماردونا واكتسحت المدينة بكل صور ماردونا وأطلق اسمه علي معظم منشات المدينة.

وفي غضون عامين فقط من تواجد ماردونا في المدينة، تحول الحلم المجنون لرئيس النادي العبقري إلي واقع عظيم واصبحت نابولي أفضل مدن ايطاليا وتخلصت من الفقر والجوع والتشرد وسارت عنوان للتنمية والبناء وقادت ايطاليا إلي تنمية كبيرة وأصبح نادي نابولي اقوي أندية العالم وحصل بقدم ماردونا علي لقب الدوري الايطالي مرتين ولقب كأس الاتحاد الأوربي.

ونجحت عبقرية رئيس النادي المجنونة، ورحل ماردونا بعد سنوات وبعده رحل رئيس النادي ولكن بقيت فكرته التي صنعت المجد لمدينة نابولي وايطاليا، وقبل أن اختم مقالي هنا الفرق بين من يصنعون التاريخ وبين من يحاربون صناع التاريخ.

طاهر أبو زيد اللاعب المصري الفذ تقاسم الحذاء الذهبي لأفضل هداف مع الأسطورة ماردونا في كأس العالم للشباب عام1981، ظل طاهر أبو زيد في مصر يحارب من المدربين والمسئولين، وفي الأخير تم الإطاحة به من نادي الأهلي دون سبب تحت مظلة موروث متجمد اسمه مبادئ وقيم النادي، وأصبح ماردونا شريكة في التتويج أعظم أساطير كرة القدم في العالم وصنع المجد العظيم.

جمال رشدي ماردونا حكاية التاريخ خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة