الدكتور عبدالله المغازي يكتب ...... إلغاء الندب الكلي والجزئي للقضاة اول طريق استقلال القضاء


الندب الكلي او الجزئي للقضاه يتعارض مع مبدأ استقلال القضاء وهو مبدأ المباديء فوق الدستورية حيث ان فكرة المبادئ فوق الدستورية او ما يعرف بالفرنسية les principes supra constitutionnels
و يقصد بذلك المبادئ العامة المتعلقه بالحقوق و الحريات الاساسية و الضمانات القانونية و القضائية المتعلقه بحمايه تلك الحقوق و هى ملزمة ليس فقط للسلطات العامة للدوله بل للسلطة التاسيسية التى تقوم باعداد او تعديل النصوص الدستورية.
مفهوم مبدأ استقلال القضاء ومظاهرة والنص عليه بالموثيق الدولية
مبدأ استقلال القضاء يعني تحرر سلطته من أي تدخل من جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعدم خضوع القضاة لغير القانون. فواجب القاضي في تطبيق القانون يقتضي منه معرفة ارادة المشرع على الوجه الصحيح، وهو ما لا يتأتى الا اذا كان كامل الحرية في استخلاص هذه الارادة غير متأثر بفكرة معينة وغير خاضع لتدخل من هاتين السلطتين.
مظاهر مبدأ إستقلال القضاء
1. الاستقلال المالي: الذي يعني أن يكون للسلطة القضائية ميزانية مالية مستقلة، وأن يتمتع القضاة برواتب تكفيهم لعيش حياة كريمة دون الشعور بضغط الحاجة المالية.
2. الاستقلال الإداري: والمتمثل باستقلال السلطة القضائية عن السلطات الاخرى فيما يتعلق بشؤون القضاة وعملهم، ومن مصاديق هذا الاستقلال: تعيين القضاة وترقيتهم، نقل القضاة وندبهم، الإشراف على عمل القضاة، المساءلة الانضباطية للقضاة وعزل القضاة. والمصاديق المذكورة جميعها يجب أن تكون من مختصات السلطة القضائية لوحدها دون تدخل من نظيراتها.
3. الاستقلال الوظيفي: أي استقلال القاضي في اصدار الاحكام والقرارات فالقضاة وهم يباشرون أعمال وظيفتهم القضائية فأنهم لا يخضعون في ذلك الا للقانون وحده دون أي تدخل في هذه الوظيفة من قبل السلطتين الأخريين .
مبدأ استقلال القضاء بالمواثيق الدولية
ولما كان استقلال القضاء أساس للعدل والعدل أساس ملك، وعلى هدى ذلك سارت مختلف التشريعات الوضعية والمواثيق الحقوقية الدولية، التي ما فتئت تحث الدول على ضمان استقلال السلطة القضائية، باعتباره الضامن للمحاكمة العادلة، وللعدل بالمحصلة، ومن ذلك :-
البند الأول من مبادئ الأمم المتحدة بشأن استقلال القضاء، حيث جاء فيه ما يلي : (تكفل الدولة استقلال السلطة القضائية و ينص عليه دستور البلد أو قوانينه، ومن واجب جميع المؤسسات الحكومية وغيرها من المؤسسات احترام ومراعاة استقلال السلطة القضائية.)
كما جاء في المبدأ الأول من مبادئ بنغالور للسلوك القضائي – مجموعة النزاهة القضائية بالهند 2001- ما يلي : ( إن الاستقلال القضائي شرط مسبق لحكم القانون وضمانة أساسية لمحاكمة عادلة...).
كما نصت المادة الأولى من الميثاق العالمي للقضاة، على أن: (استقلال القاضي مبدأ لا غنى عنه لحياد القضاء واحترام القانون، ويتعين على جميع المؤسسات والسلطات سواء كانت وطنية أو دولية احترام وحماية والدفاع عن هذا الاستقلال)، كما نصت المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية على أنه : ( من حق كل فرد ... أن تكون قضيته محل نظر عادل وعلني من قبل محكمة مختصة ومستقلة وحيادية ...)،
ونصت المادة 26 من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، على أنه : (يتعين على الدول الأطراف في هذا الميثاق ضمان استقلال المحاكم)،
فجميع هذه المواثيق الحقوقية توجب على الدول ضمان استقلال فعلي للسلطة القضائية باعتباره المسلك الوحيد لتحقيق العدل، مع الإشارة هنا إلى أن الاستقلال الفعلي للسلطة القضائية لا يتحقق إلا باستجماع ثلاث مستويات من الاستقلالية حسب ما نص عليه المبدأ الأول من مبادئ بنغالور للسلوك القضائي، والمادة 13 من الميثاق العالمي للقضاة، إذ لا استقلال فعلي للسلطة القضائية إلا بتحقق استقلال مؤسساتي، وآخر فردي، وثالث اقتصادي، فقد جاء في المبدأ الأول من مبادئ بنغالور للسلوك القضائي، ما يلي(...على القاضي أن يدعم ويكون مثلا أعلى للاستقلال القضائي في كل من ناحيتيه الفردية والمؤسساتية على حد سواء)، فيما نصت المادة 13 من الميثاق العالمي للقضاة، على أنه : ( يجب أن يحصل القاضي على الأجر الكافي لتأمين استقلاله الاقتصادي...)، ولكل مستوى من الاستقلال مقوماته.
فكان استقلال السلطة القضائية الركن الأساس في المحاكمة العادلة على عهد الخلفاء والتابعين، فها هو الخليفة أبو جعفر المنصور يكتب إلى سوار بن عبد الله قاضي البصرة قائلا : " انظر الأرض التي تخاصم فيها فلان القائد وفلان التاجر فادفعها إلى القائد"، فرد القاضي سوار بكتاب قائلا :" إن البينة قد قامت عندي أنها للتاجر فلست أخرجها من يده إلا ببينة "، فكان ذلك عنوانا لاستقلال القاضي في اتخاذ القرار رغم تعليمات الخليفة، فما كان من الخليفة إلا أن قال : " ملأتها والله عدلا وصار قضاتي تردني إلى الحق"، وفي الأثر الكثير من الأحداث المشابهة..
الندب الكلي او الجزئي احد معوقات استقلال القضاء .
الندب الكلي او الجزئي للقضاه الي جهات غير قضائية اي تحول رجال القضاء الجالس علي منصة القضاء لا يخضع الا للضميره والقانون الي خضوعه لتعليمات رئيس الجهة التي يندب اليها والمقابل المادي للندب قد يكون سبب للتميز بين القضاه انفسهم ومن ثم يكون عامل ضغط علي القضاه يمس استقلالهم فضلا عن عدم تفرغهم يسبب تكدس للقضايا الامر الذي يتضح اهمية اصدار قانون تطبيقا لنصوص الدستور الحالي الذي امهل المشرع خمس سنوات لاصداره فأضاعها ولم يصدره حتي الان ومازال مجرد مقترح ومشروع لم يصدر حتي الان .
النصوص الدستوري الالغاء الندب الكلي والجزئي للقضاه لغير الجهات القضائية ومميزاتها
حيث وردت النصوص الدستورية علي التوالي منها نص المادة 185 من الدستور
تقوم كل جهة, أو هيئة قضائية علي شؤونها, ويكون لكل منها موازنة مستقلة, يناقشها مجلس النواب بكامل عناصرها, وتدرج بعد إقرارها في الموازنة العامة للدولة رقما واحدا, ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشئونها.
كما جاءت نص المادة(186) تنص علي ..القضاة مستقلون غير قابلين للعزل, لا سلطان عليهم في عملهم لغير القانون, وهم متساوون في الحقوق والواجبات, ويحدد القانون شروط وإجراءات تعيينهم, وإعاراتهم, وتقاعدهم, وينظم مساءلتهم تأديبيا, ولا يجوز ندبهم كليا أو جزئيا إلا للجهات وفي الأعمال التي يحددها القانون, وذلك كله بما يحفظ استقلال القضاء والقضاة, وحيدتهم ويحول دون تعارض المصالح. ويبين القانون الحقوق والواجبات والضمانات المقررة لهم.
كما نصت ال مادة(239)علي ان ...يصدر مجلس النواب قانونا بتنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية, بما يضمن إلغاء الندب الكلي والجزئي لغير الجهات القضائية أواللجان ذات الاختصاص القضائي أو لإدارة شئون العدالة أو الإشراف علي الانتخابات, وذلك خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور.
ورغم تلك النصوص الدستورية المبهرة نجد انفسنا بين واقع قانونى ينبيء عن انتقائية غير عادله والمأمول الذى كنا ننتظره من برلمان الذي يحوى بعض القامات كبيرة من الناحية القانونية والسياسية لكنها صامته ايذاء المماطلة في اصدار تشريع من أهم وأخطر التشريعات ف الدستور المصرى المعدل فى 2014 والذى يلزم مجلس النواب بإلغاء "الكلى والجزئى للقضاة الا فى حالات استثناها الدستور الجديد على سبيل الحصر لا المثال.
ورغم انه من القوانين الهامة التى ألزم الدستور بضرورة إصدارها من قبل مجلس النواب، بصفته صاحب الإختصاص فى التشريع، خلال مهلة محددة وهى خلال خمس سنوات من صدور الدستور فى يناير 2014 ونحن الآن في يناير 2019 ، وحتى الآن مازال مجرد مشروع تم عرضه علي مجلس الدولة لابداء الرأي فيه فحسب ومتطلبات البرلمان المصري .
وقد أحسن الدستور المصرى الجديد من خلال النصوص سالفة الذكر التي مفادها التزام الدولة بالعمل على سرعة الفصل فى القضايا، عندما جدد العهد كذلك، فى باب الأحكام العامة للسلطة القضائية، مؤكداً على استقلالها وحظر التدخل فى شؤون العدالة أو القضايا واعتبرها جريمة لا تسقط بالتقادم، وعلى استقلال موازنة كل جهة أو هيئة قضائية لتقوم على شؤونها، والتأكيد على استقلال القضاة وعدم قابليتهم للعزل، وبأنه لا سلطان عليهم فى عملهم لغير القانون، وأن يكونوا جميعاً متساوين فى الحقوق والواجبات، وأنه لا يجوز ندبهم كلياً أو جزئياً إلا للجهات والأعمال التى حددها الدستور، بما يحفظ استقلال القضاء والقضاة وصونهم ودون تعارض المصالح، كما حدد اختصاصات القضاء والنيابة العامة، وقضاء مجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا والهيئات القضائية الأخرى وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية، واعتبر المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية فى تحقيق العدالة وسيادة القانون وممارستها مستقلة، والخبراء القضائيين والطب الشرعى والشهر العقارى وحمايتهم بالاستقلال والضمانات اللازمة لأداء عملهم.
■ كل ذلك كان حسناً بنصوص الدستور ليؤكد على التقاليد القضائية الراسخة، واستقلال أعضائه، وضماناتهم والمساواة بينهم فى الحقوق والواجبات، حتى يتحقق العدل بينهم، لأن فاقد الشىء لا يعطيه، لكن الذى كان أكثر حسناً، ذلك النص الدستورى الذى أتى به لأول مرة بالمادة 239 فى الأحكام الانتقالية بإلزام مجلس النواب بإصدار قانون بقواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، بما يضمن إلغاء الندب كلياً أو جزئياً إلى جهات غير قضائية أو اللجان ذات الاختصاص القضائى أو إدارة شؤون العدالة أو الإشراف على الانتخابات، وأن يكون إصدار القانون خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بالدستور أى حتى 18 يناير 2019، ولم يصدر القانون حتى الآن، ولم يتبقي سوي ايام علي انتهاء المهلة ولا نري سبب تقاعس المجلس انتظارنهاية المهلة لاصدار تشريع من اخطر واهم التشريعات في مدة زمنية قصيرة .
■ والذى يقف على فلسفة النص الدستورى الذى يأتى لأول مرة، هو الحرص على تفرغ القضاة لأداء عملهم، وإلغاء الندب الكلى والجزئى لغير الجهات أو اللجان أو الأعمال التى حددها الدستور حصرياً فى شؤون العدالة، وإلغائه أيضاً إلى الجهات الإدارية غير القضائية من الوزارات والهيئات مهما كان علوها وسيادتها وأن ذلك تأكيداً لتحقيق العدالة الناجزة وسرعة الفصل فى المنازعات.
■ وهو خطاب دستورى يتضمن التزاماً على عاتق الحكومة ومجلس النواب، ليصدر خلال الأجل الذى حدده الدستور حتى ولو لم تتقدم الحكومة بالمشروع، خلال خمس سنوات من تاريخ العمل بالدستور حيث ينتهى الأجل فى 17 يناير 2019، وهو التزام لا فكاك منه، ولا يصح الالتفاف حوله، أو تفسير إدارة شؤون العدالة على غير مقتضاها، لأنها قد وردت تحديداً فى باب السلطة القضائية والجهات والهيئات القضائية وحدها دون غيرها.
■ وكانت مدة الخمس سنوات التى انقضت كافية وكفيلة لأن تستعد جهات الدولة لاختبار وتأهيل من تراه صالحاً لتقديم الاستشارة اللازمة وكانت كافية كذلك، لتستعد الجهات والهيئات القضائية لتعويض رجال القضاء عما يفقدون مقابل ندبهم، بشرط مساواتهم بزملائهم جميعاً فى الحقوق والواجبات كنص الدستور، لاستنهاض الهمة فى تحقيق العدالة الناجزة والتفرغ لأداء مسؤولياتهم.. ويترقب رجال القضاء والرأى العام.. صدور هذا القانون الذى أوجب الدستور صدوره.. فيما لا يجاوز 18 يناير القادم وإنا لمنتظرون !!.
اسباب المماطلة في اصدار قانون الغاء الندب الكلي والجزئي للقضاه
ولا شك أن التأخير والمماطلة في اصدار قانونا إلغاء ندب القضاء للجهات الحكومية التزام دستوري لا يمكن للبرلمان تجاهلة الا انه يعانى الإحراج الشديد من قضية تعارض المصالح بصورة واضحه فلا يخفي علي احد ان الأمين العام ومساعده بالبرلمان وغيرهم من المستشارين الأجلاء المحترمين منتدبون فى مجلس النواب ، والحق هذا ليس ذنبهم فهم يقومون بعملهم على أكمل وجه ولكن الإحراج الذى يعانيه رئيس مجلس النواب والأعضاء،يمنعهم من الإسراع في تطبيق وإعلاء كلمة القانون والدستور بما يتعارض اصلا مع الخطه المعلنه من الدولة المصرية بإلغاء انتداب كافة المستشارين فى أجهزة الدوله الا ما سمح به الدستور المصرى صراحة فى نص الماده (239) انفة الذكر .
كما اننا نري واضحا من فكرة تعارض المصالح باتت واضحه وضوح الشمس في كبد السماء إذ أن الحكومة بكل وزاراتها وأجهزتها تعج بالساده المستشارين وكذلك بالقطع مجلس الوزراء وطبعا البرلمان المصري وجملة ذلك نجد تباطيء في اصدار القانون وحينما صيغ القانون كمشروع امام مجلس الدولة نجدها جاء معيب لافراغ النص الدستوري من مضمونة .
وجدير بالذكر ان الغاء الندب الكلي والجزئي للقضاة هو أحد اولي خطوات الوصول الي استقلال القضاء كأحد المباديء فوق دستورية لكي لا يكون هناك سلطان علي القاضي سوي ضميره عند تطبيق القانون اذ ان استقلال القضاء مازال يحتاج لكثير من الجهد للوصول الي الاستقلاب الكامل بعدم تدخل السلطة التنفيذية من خلال وزير العدل الذي يترأس النيابة العامة رغم كونها احد مكونات السلطة القضائية ، والتفتيش علي المحاكم وقرارات الاعتقال التي لها الصبغة القضائية لتعلقها بالحريات .
والاستقلال الاداري والاقتصادي وفقا للمواثيق الدولية التي استقرت علي انه يتعين على السلطات الأخرى في الدولة تزويد الجهاز القضائي بالوسائل اللازمة والملائمة لأداء وظيفته، ويجب أن تتاح للسلطة القضائية الفرصة في أن تشارك أو تكون على علم بالقرارات المتخذة فيما يتعلق بهذه المسألة)، بل والأكثر من ذلك فالمواثيق الدولية جعلت تمويل السلطة القضائية ذو أولوية حتى في حال وجود معوقات اقتصاديه الامر الذي يكون معه اصدار قانون للالغاء الندب الكلي والجزائي للقضاه احد اولي ركائز استقلال القضاء وليس الاخير بوطننا .
اهم عيوب مشروع قانون الغاء الندب الكلي والجزئي للقضاه
سنتناول اهم عيوب مشروع القانون لما اصابه من عيوب يجب تداركها قبل اصداره والتي اكد عليها قسم التشريع بمجلس الدولة واشار اليها المستشار عبدالرازق مهران، رئيس المكتب الفني لقسم التشريع بمجلس الدولة والتي نتفق معها لاتفاقها مع صحيح القانون والدستور علي النحو الاتي :-
اولا:- مخالفات صريحة لنصوص الدستور
تجاهل الجهات والهيئات القضائية المعنية بالمخالفة للميثاق العالمي للقضاه والدستور الحالي
نصت المادة 14 من الميثاق العالمي للقضاة على أنه:( يتعين على السلطات الأخرى في الدولة تزويد الجهاز القضائي بالوسائل اللازمة والملائمة لأداء وظيفته، ويجب أن تتاح للسلطة القضائية الفرصة في أن تشارك أو تكون على علم بالقرارات المتخذة فيما يتعلق بهذه المسألة)
كما ان نص المادة 185 من الدستور الحالي
ومن ثم فأن المخالفة الدستورية للمشروع في اجراء جوهري وضمانه من ضمانات استقلال القضاء عرض كافة القوانين او القرارت التي تمس السلطة القضائية الامر الذي يتعين عرض المشروع علي المجلس الاعلي للقضاء رسميا وابداء رأيه فيه والتعديلات التي تحقق مزيد من الاستقلال .
تدخل السلطة التنفيذية –رئيس مجلس الوزراء في ندب القضاة وزيادة مدته
حيث جاءت المادة الثانية من مشروع القانون لرئيس مجلس الوزراء "تحديد مجالات الندب لإدارة شئون العدالة " !!!! بالمخالفة لنص المادة 239 من الدستور التي تنص صراحة نص الماده (239) (على أن يصدر مجلس النواب قانونًا بتنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، بما يضمن إلغاء الندب الكلى والجزئى لغير الجهات القضائية أواللجان ذات الاختصاص القضائى أو لإدارة شئون العدالة أو الإشراف على الانتخابات، وذلك خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور)
ومفادها ان الدستور جعل المشرع فقط من له حق تحديد الجهات والاعمال التي يجوز بها الندب علي سبيل الاستثناء دون تدخل السلطة التنفيذيه بينما مشروع القانون يفرغ النص الدستوري من فحواه الأمر الذي لا يجوز معه للسلطة التشريعية أن تتنصل من اختصاصها المنوط بها أو جزء منه وتعهد به إلى سلطة أخرى .
- و- كما جاءت المادة (6) من القانون ، والذي تضمن " جعل زيادة مدة الندب الكلي على أربع سنوات متصلة مشروط بقرار يصدر عن رئيس مجلس الوزراء وفق تقديره " وهو يخالف الدستور ، ذلك لأن رئيس الوزراء يندرج ضمن السلطة التنفيذية مما يهدر مبدأ استقلال القضاء الغاية من الغاء الندب وهو ما ما لا يتفق مع غاية وفلسفة التشريع الدستوري ، أن يكون تقدير استمرار الندب بأرادة السلطة التنفيذية" ، وإنما يجب أن يكون ذلك من السلطة القضائية ذاتها .
اجازة الندب لجهة غير قضائية في مخالفة صريحة للدستور
حيث جاءنص المادة (4) من مشروع القانون فيما تضمنه من "إجازة الندب لوزارة العدل " ، وذلك بحسبان أن مشروع القانون جاء في سياق تنفيذ ما تضمنه دستور 2014 ، من إلغاء للندب الكلي والجزئي لغير الجهات القضائية وفقا لنص المادة 239 المشار اليها سلفا .
ولا شك ان وزارة العدل تابعة الي السلطة التنفيذيه ولا يمكن اعتبارها الجهات القضائية ولا ينال من ذلك محاولة استغلال مصطلح ادارة شئون العدالة التي هي من صميم اختصاص السلطة القضائية دون سواها وهو نطاقٌ مغاير تمامًا لاختصاصات وزارة العدل كونها جزءًا من السلطة التنفيذية التي حدَّدَت لها النصوص الدستورية نطاقًا لممارسة اختصاصاتها التنفيذية ليس من بينها إدارة شئون العدالة.
ثانيا صياغة المشروع بنصوصة خالفت اردة المشرع الدستوري
مشروع القانون جعل الندب اصل وحظره استثناء علي غير ارادة المشرع الدستوري
فقد جاء مشروع القانون بتعدد الجهات التي لايجوز بها الندب اليها الامر الذي مفاده مادون تلك الجهات يجوز لها الندب الامر الذي يقتل فكرة الغاء ندب القضاه في مهداها بما يجعلها مخالف لارادة المشرع الدستوري اذ جعل الجهات المحظور عليها الندب اليها استثناء من الاصل بما يفرغ النص الدستوري من مضمونه ..
2-مصطلح ادارة شئون العدالة فضفاض ينبغي تحديده بالقانون .
حيث ورد المصطلح بالدستور وكان ينبغي علي مشروع القانون وفقا لفلسفة وإرادة المشرع الدستوري تعريف المصطلح وتفسيره بمعيار ضيق اذ ان المشرع الدستوري يبتغي الغاء الندب الكلي والجزئي الا في اضيق نطاق اي يكون استثناء من الاصل بما لا يجوزالقياس عليه او التوسع في تفسيرة بينما الفقرة الثانية من المادة الثانية جاءت بالمصطلح كما هو دون تعريفه وتحديده بما يفتح الباب علي مصرعية مجددا للندب القضاة تحت مضلت قانون حظره !!!
واخيرا فأن تنظيم مدة الندب الكلي الوارد بمشروع القانون بالمادة التاسعة جاءت بتمييز بين القضاة المنتدبين للجهات قضائية قبل العمل بهذا القانون والقضاه المنتدبين لغير جهات قضائية اذ اعتد بالمدة ماقبل اصدار القانون للفئة الاولي دون الثانية .
وتناولت الملاحظات على القانون ، نص المادة (3) أنه يثير إشكالية في تحديد المقصود بلفظ "الجهة الواحدة" عند تعداد الاستثناءات التى يمكن ندب القاضي لها الواردة في دستور 2014 ، وذلك في حالة ما إذا ما كان ندب القاضي ، يتم تنفيذًا لنص في أي من القوانين السارية المعمول بها؛ الأمر الذي قد يُتَصَوَّرُ معه تِعددُ جهات أو مجالات الندب ، بالرغم أنها جهة واحدة منصوص عليها حصرًا على سبيل الاستثناء.
الامر الذي نري معه ان القانون اذا ما صدر علي ذلك النحو سيكون مفرغا من مضمونه ولن يأتي بثمارة من تحقيق استقلال القضاء في المقام الاول وتحقيق الفصل بين السلطات بعدم جعل السلطة التنفيذية تدخل في اختصاص السلطة القضائة .
كما ان مرفق القضاء المكدس بالقضايا نتيجة كثرتها بالنسبة لعدد القضاه سنجد تفرغ القاضي لواجبه المقدس في اصدار الاحكام للفصل بين المتقاضين دون ان يشغله الاعمال الموكلة اليها التي لها الكثير من رجال القانون القيام بها من اساتذة الجامعات العاملين والمتفرغين وهما من درسوا القانون بالجامعات للقضاة ومن ثم فلن تعجز تلك الجهات علي انتداب اساتذة القانون كبديل كفء عن رجال القضاء الجالس علي منصة العدالة وبمحرابه المقدس .
كخلاصة يمكن القول أن الاستقلال المؤسساتي الفعلي للسلطة القضائية كل لا يتجزأ، لأن تجزئته هي ما يفتح الباب أمام توغل السلطة التنفيذية في عملية صنع القرار القضائي، وتنتفي معه بالتالي معايير المحاكمة العادلة.
مرحلة ما بعد اصدار قانون الغاء ندب القضاة وفقا لارادة المشرع الدستوري قبل نصوصه
التفكير فيما بعد الإصدار وكيف ستجرى الأمور والنتائج التي ستترتب على إلغاء الندب وكذلك لابد من توضيح فلسفة تطبيق القانون عند بعض الجهات التى ينتدب بها قضاة ومصير لجان فض المنازعات، ومصير المستشارين بالوزارات والهيئات الأخرى والشركات القابضة وغيرهما ، مطالبا بتوضيح هل سيبقى مجلس الوزراء بدون مستشارين من عدمه رغم أن الحلول كثيره جدا فى بلد لا ينضب من أبناءه المتميزين في كل مكان .
وعلينا أن نؤكد مرارا وتكرارا أن قانون تنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، هو استحقاق دستورى للقضاة المنتدبين انفسهم فاستقلالهم حق لهم ولشعب المصري ، لذلك نأمل ان يتلافي المشروع الملاحظات التي ابديناه والتي تأكدت بتطابقها مع ملاحظات قسم الفتوي بمجلس الدولة .
كما اننا نري ان القانون لابد من النص علي البدائل الجهات الغير قضائية يكون لها الاستعان برجال القانون المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة وعلي راسهم اساتذة القانون بالجامعات والمتفرغون فأنهم من درسوا وتعلم علي ايدهم رجال القضاء وذلك لصالح الجهات الغير قضائية التي كانت تستعين بالقضاه ويجب النص صراحة علي ان المقصود برجال القضاء المحظور عليهم الانتداب كل من ينتمي للهيئات القضائية سواء قضاة المنصة او النيابات او هيئة قضايا الدولة كضمانة لهم .
واخيرا فاننا لا ننتقد البرلمان الا من منطلق اننا نبتغي منه الافضل دائما لذلك لانغفل له انه استطاع البرلمان خلال دورين انعقاد ونصف، إنجازها والتى كان أهمها الهيئة الوطنية للانتخابات وقانون بناء وترميم الكنائس ، الا اننا نعتب عليه الولادة متعثرة من بينها العدالة الإنتقالية وقانون المحليات الذى لم يتم إقرارها على الرغم من إنتهاء اللجنة المختصة - لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان- من مناقشته والانتهاء منه تقريبا لكن فى عجيبه من عجائب البرلمان ولأسباب نعلمها يخشى إصدار القانون قبل الضوء الأخضر من السلطة التنفيذية التى تسأل أعلى مسؤل فيها فى إحدى المؤتمرات والندوات عن ما هى أسباب تأخر البرلمان المصري فى اصدار هذا القانون حتى الان !!! ، وأشهد للجنة الإدارة المحلية بالبرلمان بالكفاءة العالية لكن اعاتبها لاذعانها للأمر الواقع متجاهلة حقها الدستورى الأصيل في الإصرار على تمرير القانون وفضح بطء الحكومه فى التعليق وعدم ممارسة حقها فى المناقشات على مشروع قانون الإدارة المحلية المقدم من لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان رغم علمى بل يقينى بحضور ممثل الحكومه المصريه المناقشات و التى شرفت انا ايضا بصفتى أحد الخبراء وعضو سابق بمجلس النواب بالحضور وإبداء رأى بكل حرية فى مشروع القانون وغيرها من المشروعات التى تحيلها الحكومة للبرلمان ورغم اهمية تلك التشريعات الا اننا نري ان قانون الغاء ندب القضاه كأحد ضمانت استقلال القضاه كأحد المباديء التي سميت بأنها مباديء فوق دستورية .