خط أحمر
الثلاثاء، 16 أبريل 2024 09:58 صـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

محمد محفوظ يكتب: عالِم في زمن العوالِم

خط أحمر

من زمن الكبار أم كلثوم والعندليب والأبنودي والعقاد والشيخ الشعراوي وزويل وفاروق الباز، جميعهم أسماء لمعت في زمن جميل فات ولن يعود ثانية، ولم يتبقَّ منه سوى ذكريات نتحسر عليها اليوم، إلى زمن بات يلمع فيه العوالِم و الأقزام والشراذمة!

فمن ذاك الزمن الجميل زمن الريادة والقيادة إلى زمن الانفلات الأخلاقي والانحطاط القيمي، زمن تريند الفضائح و التسريبات على شاشات الفضائيات، وأثير الإذاعات وصفحات الجرائد الورقية والمنصات الرقمية.

فبعدما كانت أنباء العلماء تتصدر عناوين الصحف، باتت أخبار العوالِم تتسيد الموقف وتتصدر المشهد الإعلامي، بل وأصبحت بعض الصحف تتصيد أي خبر سلبي للعلماء للتقليل من شأنهم ومن إنجازاتهم والتحقير من أي شيء يراه الناس جميلًا، فالانحطاط و الانحراف أصبحا من سمات النجاح وصناعة التريند على الشبكات الاجتماعية ووسائل التواصل الاجتماعي.

فالشراذمة في هذه الأيام هم من يتصدرون المشهد وهم من يصنعون الحدث ويحققون التريند ويحصلون على الأكثر مشاهدة، فأنا لم أندهش أبدًا وأظنك عزيزي مثلي مما يحدث اليوم وما سيحدث غدًا في هذا الزمن الذي تطفو فيه الرزائل وتنشط فيه القبائح، ويتصدر مثل هؤلاء المشهد ويركبون الموجة ويعلون بأخبارهم وفضائحهم فوق كل ما هو نافع ونفيس.

فهل سمع أحدكم عن العالم المصري الدكتور أحمد محمد سالمان الذي يعد نموذجًا مشرفًا من طيور مصر المهاجرة، التي نجحت في رفع اسم مصر عاليًا في ركاب الدول المتقدمة، وهو أستاذ المناعة المصري بجامعة أكسفورد، ويحظى باهتمام بالغ من كافة وسائل الإعلام بل والرأي العام العالمي وتتصدر أخباره كل وكالات الأنباء الدولية؛ وذلك بعد أن تم الإعلان عن جهوده ومشاركته ضمن الفريق البحثي الذي من المُنتظر أن ينقذ البشرية جمعاء بالمساهمة في اكتشاف لقاح لفيروس كورونا المستجد الذي فتك بما يقرب من 2.5 مليون فرد حول العالم.

للأسف الكثير منا لا يسمع ولا يعرف عنه أي شيء، وهذا هو حال العلماء في زمن العوالِم، وربما لا يجد هذا العالِم الفذ -كغيره من العلماء- مكانًا له داخل البلاد، ولذا يهاجر وينجح خارجها كما حدث مع العلماء الكبار قبل ذلك أمثال د. أحمد زويل، د. فاروق الباز، د. مصطفى السيد وغيرهم، وكأن البيئة المصرية باتت طاردة لمثل هذه العقول التي تبني، وأصبحت بيئة جاذبة للعقول التي تهدف للهدم و التخريب الأخلاقي والقيمي.

فتجد العوالِم يأتين من شتى بقاع الأرض لكي ينجحن داخل مصر، مثلما حدث مع الراقصة الأرمينية صوفينار والراقصة جوهرة وغيرهن من العوالِم اللاتي استطعن أن ينجحن داخل مصر، وآخر هؤلاء العوالِم هي الراقصة البرازيلية لورديانا التي أصبحت حديث السوشيال ميديا بسبب رقصتها بأحد مراكز التجميل، حيث بدأ الجمهور في البحث عن المقطع الشهير للراقصة حتى تضاعف عدد المتابعين على موقع "إنستجرام" خلال ساعات قليلة من انتشار مقطع الفيديو ليصل إلى ما يزيد عن 500 ألف متابع، كما يبدو لنا أن مقطع الراقصة البرازيلية كان أكثر تأثيرًا فقد انتقل هذا التأثير إلى طلاب إحدى المدارس الثانوية عندما قاموا بعرض هذا المقطع للراقصة «لورديانا» على السبورة الذكية في أحد فصول المدرسة بمحافظة البحيرة التي تعد محافظة ريفية، مما يدلل على المستوى المتدني الذي وصل إليه أبناء هذا الجيل.

وتحت شعار الحرية الشخصية تصبح ثقافة العري هي الثقافة المميزة و السائدة عند نجوم المجتمع كما نرى جميعًا ما يحدث الآن في مهرجان العري، وأيضًا تحت شعار حرية الرأي التي لا تُستخدم أحيانًا إلا في هدم الثوابت الدينية يخرج علينا البحيري ويعلن أن عدم الإيمان برسالة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- هو ليس كفرًا بالله، وكأن البحيري بمكره يريد أن ينضم لماكرون. واستكمالًا لسلسلة الشذوذ الفكري يخرج علينا شخص آخر من أصحاب هذا الفكر المنحرف ليسخر من العلماء ومقدمي إذاعة القرآن الكريم التي تعد واحدة من بقايا الزمن الجميل، متناسيًا دورها الكبير في التربية الدينية للأسر المصرية فضلًا عن دورها الحضاري والثقافي والفكري ليس في مصر فقط بل في الوطن العربي بأسره.

ودعني أخبرك يا هذا أن تلك الإذاعة التي نشأت في أوائل الستينيات من القرن الماضي وتربى على برامجها أجيال وأجيال كان هناك سبب في إنشائها، ففي أوائل الستينيات من القرن الماضي انتشرت طبعة مذهبة من المصحف الشريف بورق فاخر وتنسيق وإخراج متميز، ولكن اكتُشف أن بها تحريفات مقصودة منها على سبيل المثال: قوله تعالى: "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" وتم طباعتها في النسخة المذهبة مع حذف كلمة "غير" فأصبحت الآية تعطي عكس معناها تمامًا.

وباقتراح من الدكتور عبد القادر حاتم، المشرف على وزارة الإعلام عام 1964 على الرئيس جمال عبد الناصر، لتكون بمثابة أول تسجيل صوتي للقرآن، التي وصل إرسالها إلى الملايين من المسلمين فى الدول العربية والإسلامية في آسيا وشمال إفريقيا، لتصحح مفاهيم مغلوطة حول الدين الإسلامي وترسخ ثوابته وتعلم النشء تعاليمه وأحكامه.

ودعني أخبرك باعتبار أنك (أراجوز) مهمتك إضحاك المتفرجين دون اعتبار لأي شيء، أن المهرِّج لا يستطيع النجاح لولا وجود الجمهور، ولا تستطيع الراقصة أن تنجح بأي مجتمع لولا وجود من يُتقن التطبيل لها، ولم ولن ينجح العالِم ويستفيق من غفوته طالما أصبح النجاح هو حليف العوالِم فقط في زمن أصبح فيه الفرد لا يفكر بعقله وبات ما يحرك فكره هو (هزّ) العوالِم.

ولك أن تتخيل عزيزي أن ما أحزنني مثلما أحزن الملايين من الجماهير هو أن فيديو الراقصة البرازيلية لورديانا لم يكن كاملًا حيث كانت مدته دقيقه وأربعة عشر ثانية فقط، فنحن في انتظار بقية الفيديو كي ننعم جميعًا بالهدوء والسكينة ونقبل على الانتخابات بصدر رحب.!

محمد محفوظ عالِم في زمن العوالِم خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك مصر