خط أحمر
السبت، 20 أبريل 2024 03:21 صـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

محمد محفوظ يكتب: الكمسري والعسكري 

خط أحمر

أدرك دائماً كغيري من بني الرجال أن الرجولة دلالتها كثيرة وقد لا تحتاج لبرهان، أما الإنسانية فتحتاج لأن نبرهن عليها في كل الأمكنة والأزمنة ولاسيما في المواقف التي تستدعي استحضارها؛ وهذا ما لم يحدث للأسف الشديد في واقعة ". الكمسري مع العسكري" فما حدث يثبت صحة تلك القاعدة التي تقول أن "كل رجل ذكر، ولكن ليس كلُّ ذكرٍ رجلاً"، لأن الذكورة في رأيي وسيلة لإستمرارية الحياة على وجه الأرض فقط .
ولعلك تذكر معي قول الله عز وجل في محكم تنزيله "الرجال قوامون على النساء"، ولم يقل سبحانه وتعالي الذكور قوامون على النساء، ليدلل بذلك على الفروقات الكبيرة بين "الرجولة والذكورة"، وهذا ما حدث في واقعة "الكمسري والعسكري".

فالرجال من وجهة نظري باتوا أربعة أصناف وليس ثلاث فقط كما كان يفهم البعض؛ أولهم رجل تواريه ملابسه الرسمية ولا يساوي في ـــ سوق الرجال ـــ شيئاً، ويتجسد هذا الصنف فيما فعله الكمسري في موقفه مع العسكري ، فمعذرة لا يستطيع لساني أن يطلق عليه كلمة "رجل".

أما النوع الثاني وهو رجل يبدو لك "كاملاً" ولكنه يظهر كأنه نصفَ رجلاً ؛ ويتمثل لك هذا الصنف في واقعة "الكمسري مع العسكري" فيمن قام بتصوير الموقف، فربما أجدك عزيزي متردداً في الحكم عليه مثلي، وتتساءل هل كان من الأجدى أن يقوم بالمساهمة في سداد قيمة التذكرة نيابةً عن العسكري؟! أم خيراً فعل بعدما قام بتصوير تلك الواقعة، مما ساهم من وجهة نظر البعض ولو بشكل غير مباشر في عودة كرامة "العسكري" التي سلبها ذلك "الكمسري" .

بينما الصنف الثالث من أصناف الرجال برأيي هو رجلٌ يساوي رجلاً ، بضبط النفس والثبات الإنفعالي والسداد في القول والفعل، وهو ما وضح في تصرف "العسكري"، الذي تحلى كعادة أبناء قواتنا المسلحة البواسل بأعلى درجات ضبط النفس وأسمي آيات العزة والكرامة، أما النوع الرابع وهو رجلٌ من وجهة نظري يساوي ألف رجلاً في فعله وتصرفه، حتى ولو كان من غير الجنس أو النوع ، وهو ما تجسده بصورة مشرفة ونموذج عظيم الحاجة "صفية"، والتي لقبها الإعلام فيما بعد بــ " سيدة القطار"، فهي سيدة بألف رجل، وتستطيع أن تطلق عليها لقب "رجل"، وبخاصة بعدما غابت "الرجولة" عن من حولها ممن كانوا في مقاعد (المتفرجين).

ولكن دعوني أن أحدثكم هنا عن " الكرامة" فأنا أؤمن دائماً أنه إذا ضاعت "الكرامة" فلا داعى للحياة، فقد أخرج الله إبليس من رحمته، وحرّم عليه جنته، لأنّه لم يعترف بكرامة الإنسان وآداميته، فالفرق بين الإنسان والحيوان برأيي يكمن في "القوانين" ، التي تضبط حياة البشر، أما عوالم "الحيوانات" فلا تخضع لقانون، وشعارها الدائم "البقاء للأقوى" ، كما ينبغي ألا يكون "القانون" بمثابة المادة الصماء أو النص الجامد الجاحد ، فإذا كان الإنسان يعاني ويشكو من الفقر أو الحاجة فهذه ليست بجريمة تستحق العقوبة، وإنما الأسوء ومن وجهة نظري والذي ينبغي التحذير منه مراراً وتكراراً، هو أنهما في بعض الأحيان قد يدفعان الفرد إلى التنازل عن كرامته "الوطنية"، وبخاصة إذا ما انهارت أو سُلبت أمامها كرامته "الشخصية"، وهنا يجب تطبيق "روح القانون" والتي يفصلها عن "القانون" شعرة بسيطة، قد تكون نتيجتها عدم سريان "الأمراض"، والهيمنة علي "الأعراض" في الكثير من المجتمعات .

وظهر هذا جلياً حينما تم تطبيق "القانون" بالقوة وبلا هوادة على ــ مخالفي البناء ــ دون الرجوع لــ "روح القانون" في بعض الحالات الإنسانية التي تناقلتها وسائل التواصل الإجتماعي، والتي لا تملك من حطام هذه الدنيا سوى أربعة جدران تحميهم من حرارة الصيف وبرد الشتاء وبين أيدييهم أولادهم الذين يشبهون أولاد الست "صفية" التي أشارت إليهم في حديثها مع العسكري.

نعم عزيزي من حق السيدة "صفية" أن يتم تكريمها في كثير من المحافل، وإنما ما يدهشني هو المبالغة كعادتنا في الأمور، والتي قد تصل في أحيان كثيرة لحد غير معقول أو مقبول، فالكل يغني عن ليلاه، والجميع يريد أن يضحك ويرتدي الكرافته " المزرقشة" ويظهر في "الصورة"، الأمر الذي جعلني أطرح عدة أسئله تجوب في أم رأسي، ولعلك عزيزي تبحث معي لها عن إجابه؛ هل تعدد تكريمات "سيدة القطار" في العديد من المؤسسات سببه ندرة مثل هذه المواقف المشرفة؟! أم هي حالة يتم استثمارها من قبل البعض كحالات الإلهاء التي تستخدم في بعض الأوقات؟!

والسؤال الأهم الآن وهو هل كان سيحاسب هذا "الكمسري" على فعلته "الحمقاء" لو لم يتم تصوير الواقعه وتداولها على السوشيال ميديا ؟! أم كان مصير هذا التصرف "السخيف" كغيره من التصرفات التي لا يعلم الرأي العام عنها شيئاً وتصبح طي النسيان والكتمان؟! وهل يمكن أن يسن "قانون" جديد يستثني الفقراء من حولنا ـــ وهم الآن كثر ـــ من آليات ومصارف الدفع المستمرة والمتنوعة، في مرحلة بات شعارها (هتدفع يعني هتدفع) ؟!!.

وأخيرا دعني أقول لك يا عزيزي وبملئ فمي أن من حولنا عشرات الآف مثل "الكمسري" مستترين عن أعين "الوزير"، ولو فتشنا حولنا سنجد الملايين من بيبنا مثل "العسكري" الذي يحسبه "المسئول" غني من التعفف، وإن تحسسنا واقعنا سنجد من بيننا الكثير مثل "الحاجة صفية" ولكن لم يكرمها أحد أو يكافئها فرد عن إنسانيتها؛ وختاماً أقول ينبغي علينا جميعاً مراجعة أنفسنا، ليتعرف كل فرد منا علي حقيقته، ويكشف خبايا نفسه، ويحدد هويته هل هو هذا "الكمسري" أم ذاك "العسكري" ؟!

محمد محفوظ الكمسري والعسكري خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك مصر