مقالات

محمد عبد اللطيف يكتب .. خدوا ”الكراتين” .. بس سيبولى الوطن

خط أحمر

أتعجب كثيرا من أحوالنا كمصريين ، صار غالبيتنا خبراء فى شتى أمور الحياة، يمكن للبعض منا أن يفتى فى كل شئ من الطب الى الهندسة ، ومن الفضاء الى النانوتكنولوجى ، ومن فقه العلوم الشرعية الى الفقه الدستورى ... ليس مهماً أن يكون صاحب الفتوى متخصصا فى أى من تلك العلوم ، لكن المهم أن يدلو بدلوه فيما يعرف وفيما لا يعرف ،فاختلطت الأمور وتحول الجهلاء مثل الببغاوات، يرددون ما يسمعون بلا وعى ،كما أصبحت "البلاوى" التى ارتكبوها نوعا من الايجابية من دون النظر للعواقب ، منها أن تصبح الـ "بلاوى" حقوقا مكتسبة ، يرعاها الجهلاء وعديمى الخبرة ، ممن أساءوا للجميع ، الدولة والشعب على حد سواء .

تابعت مثل غيرى مناقشات صاخبة على المقاهي وفى التجمعات ، حول الاستفتاء على التعديلات الدستورية، بعضها يجافى السجال الموضوعى، ومعظمها يرقى لمستوى المسئولية الوطنية، وما بين هذا وذاك، لا أنكر، أننى كنت أسمع فى بعض المناقشات صدى صوت اعلام الدوحة واسطنبول ، القائم على التدرج فى التشكيك بهدف الاقناع، وجدته فى أسئلة وأجوبة لا يربط بينها رابط ،حيث اختلطت الأحاديث عن التعديلات بالغلاء ، والتنمية بصفقة الوهم ، والسياسة بالفقر و....و... إلخ .

يكمن سر دهشتى وتعجبى، فى أن الذين يرددون"هرتلات" الاعلام المشبوه، يرفضون الجماعة المارقة، ويقفون خلف الدولة ومؤسساتها ويؤيدون الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذى أنقذ الدولة من قبضة الاخوان، ويؤكدون فى نفس الوقت على مشاركتهم فى الاستفتاء، ليس مهما أن يؤيدوا أو يرفضوا، المهم أنهم شاركوا، خرجوا بكثافة، لأنهم شهدوا تغييراً ملمموسا، فى ادارة شئون الدولة ...خرجوا قناعة بالاستقرار والأمن والقضاء على الارهاب والفوضى، ولى فيما أوردته ألف دليل ودليل ، على رأس الأدلة نتيجة الاستفتاء ، لكن هناك ملاحظة . لماذا هذا اللغط اذاً ؟ ربما يكون بسسب الاعلام الذى فشل فى توجيه خطاب يليق بالمرحلة ، ويتوافق مع تطلعات القيادة السياسية ، وربما لأن الحضور الطاغى كان للهواة دون غيرهم ، ممن استغلوا حاجة البعض، دون ادراك منهم ، لتشويه الصورة ... نعم هناك فقراء يحتاجون " الكرتونة " .. لكن هناك كثيرون يتعففون ، هؤلاء "يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف" وهؤلاء هم ذخيرة الوطن يدعمون مؤسساته ويدفعون أرواحه من أجل رفعته .

إن التأييد والمعارضة ،بالرغم من أنهما يمثلان اختلافا علي آراء سياسية ،غير أنهما، وهذا هو المهم فى تقديرى ،يعنى الاتفاق بين عقلاء على وجود دولة قوية ، نختلف لها لا عليها ، وهذه هى المسئولية الوطنية والممارسة الديمقراطية ، والايجابية التى ستنقل الخلاف فى الرأى من حالة الصراع الى المنافسة فى اطار الدستور، وبحماية من المؤسسات القوية للدولة" الجيش ـ الشرطة ـ المخابرات ـ القضاء" ، خاصة اذا علمنا أن التعديلات الأخيرة ،كانت بمثابة اقراراً للواقع، ففيما يتعلق بمدة الرئاسة .. سنطرح أسئلة ، أرى أنها مشروعة .... هل من المعقول أن تكون دورة النائب فى البرلمان خمس سنوات غير مشروطة بفترات محددة ، ورئيس الجمهورية أربع سنوات ؟ .. وما الضرر من كونها أربع سنوات أو ست سنوات ، اذا كان الدستور يمنح الحق لأى مواطن مصرى تتوافر فيه الشروط الترشح على المنصب ؟ ... أما بالنسبة لحماية القوات المسلحة لمدنية الدولة ، فهذا واقع يتم "دسترته".... ألم يخرج المصريون فى 30 يونية ، يطالبون الجيش بالنزول لاستعادة الدولة التى جرى اختطافها من الجماعة المارقة .

نتيجة الاستفتاء، تجعلنى أؤكد على جوانب أرى أنها مهمة ،على الأقل بالنسبة لى ، مفادها أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يتمتع بشعبية طاغية ، وأن هذه الشعبية لم تتأثر بأساليب المراهقين السياسيين،كما لا يخصم من رصيده، لدى الغالبية، ممارسات المشتاقين لتبوأ مواقع نيابية،أو الدفع ببعض أصحاب الثروات المشبوهة للمشاركة،فهؤلاء استجابوا ـ سواء رضاءاً أو جبراًـ للظهور على المسرح السياسي ، لأنهم وجدوا الفرصة لغسيل سمعتهم ، وللتواصل ومد جسور العلاقات فأساء تواجدهم للمشهد ، لأن الطحالب وحدها هى التى تطفو على السطح .

أيضاً،لا يخصم من رصيد الرئيس حماقة أفراد فشلوا ـ بامتيازـ فى ترجمة استراتيجية المؤسسات، لانجاح الأحداث المهمة ، ومنها الاستفتاء على التعديلات الدستورية، خاصة فى ظل وجود تربص المعارضين للرئيس والساعين لهدم مؤسسات الدولة ، هؤلاء هدفهم افشال هذا الحدث الذى يرسخ لاستقرار مصر، خاصة اذا قرأنا بدقة ما يجرى حولنا من خراب نتيجة غياب الدولة الدستورية ،فالمشاهد حاضرة أمامنا فى ليبيا والسودان والجزائر .

التعديلات ، فى ظنى، دعوة لمزيد من الاستقرار، واعطاء فرصة ملائمة للرئيس لتنفيذ برنامجه واتمام ما بدأه من مشروعات تنموية .

نسبة كبيرة من الرافضين للتعديلات هم من مؤيدى الرئيس ، واعتراضهم لم يكن على المادة الانتقالية التى تتيح ترشحه مرة أخرى ـ كما يزعم البعض ـ انما لاستيائهم من الطريقة التى أدير بها المشهد ، الذى وصف فى بعض التعليقات بأنه يشبه " فرح بنت العمدة"، فهذا المشهد العبثى ،جعل الكثيرون فى بر مصر ينضمون اليهم ،خشية أن تطالهم شبهة الحصول على "كوبون " كرتونة العار، ولسان حالهم يقول للعابثين " خدوا الكراتين بس سيبولى الوطن "، فهذه الفضيحة التى يسعى كل المتورطين فيها للتبرؤ منها ، جعلت من صنعوها قبل ذلك "يطنطنون" بالردح والشماتة فى قنوات اسطنبول ، وفى النهاية ...لا يجرؤ أى أحد من الذين يريدون غسل أيديهم ،الآن، الاعلان عن الحقيقة المعلومة للكافة فى الشارع ... الكل رأى وسمع وعرف الطريقة التى أفرزت الحالة العبثية ، لذا فان محاولات انكارها عبر سيل التصريحات ، سترمى لفقدان الثقة ، وهذه جريمة .!

محمد عبد اللطيف خدوا الكراتين بس سيبولى الوطن
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة