بمشاركة باحثين من 20 دول..
فيينا تستضيف ورشة العمل الدولية السابعة لتفاعلات البلازما والمواد في مفاعلات الاندماج


في حدث علمي دولي رفيع المستوى، افتتحت اليوم فعاليات ورشة العمل الدولية السابعة حول نماذج وبيانات تفاعلات البلازما والمواد في مفاعلات الاندماج النووي (Mod-PMI)، والتي تنظمها الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) بمقرها الرئيسي في العاصمة النمساوية فيينا، وذلك خلال الفترة من 26 إلى 28 مايو 2025.
وتُعد هذه الورشة، التي تنعقد للمرة السابعة على التوالي، من أبرز الفعاليات العالمية المتخصصة في أبحاث الاندماج النووي وتفاعلات البلازما، حيث تشكّل منصة فريدة لالتقاء نخبة من كبار العلماء والمختصين في فيزياء البلازما وعلوم المواد وهندسة المفاعلات، يمثلون أكثر من 20 دولة حول العالم.
تركز الورشة هذا العام على استعراض أحدث التطورات في نمذجة تفاعلات البلازما مع الجدران الداخلية للمفاعلات النووية، وما يترتب على هذه التفاعلات من تغييرات في البنية المجهرية للمواد، واحتجاز وقود الاندماج داخل الجدران، فضلاً عن التآكل والنقل الحراري والإشعاعي.
ويهدف الحدث إلى سد الفجوة بين الحسابات النظرية والتجارب العملية، وتوفير أرضية مشتركة لتفسير بيانات تفاعلات البلازما والمواد (PMIs) بدقة وفاعلية.
وشارك في الورشة العالم المصري الدكتور محمود عبد العظيم بكر عربي، الأستاذ المساعد في قسم الفيزياء بكلية العلوم – جامعة أسيوط، والذي يعمل حاليًا كأستاذ زائر بجامعة بريستول البريطانية، وكبير العلماء بشركة Astral Systems، الرائدة في تطوير مفاعلات الاندماج متعددة الاستخدامات.
وفي حديثه خلال الورشة، قدم الدكتور بكر ورقة بحثية محورية تناولت تحسين أداء مفاعلات الاندماج النووي من خلال تطوير وتعديل المواد المواجهة للبلازما (Plasma-Facing Materials)، وهي المواد التي تتحمل أقسى ظروف التشغيل وتلعب دورًا حاسمًا في كفاءة إنتاج النيوترونات.
وقال الدكتور بكر تمكّنا من خلال دراساتنا من رفع إنتاج النيوترونات داخل المفاعل إلى نحو 10¹² نيوترون/ثانية، ما يفتح آفاقًا لاستخدام مفاعلات الاندماج في تطبيقات غير تقليدية، مثل علاج الأورام السرطانية باستخدام النيوترونات الحرارية، إضافة إلى دعم أنظمة الأمن النووي.
وأوضح أن الأنظمة الجديدة التي يجري تطويرها في المختبرات البريطانية يمكن أن تساهم في الكشف المبكر عن المواد النووية الانشطارية مثل اليورانيوم-235، وهو ما يمثل إضافة استراتيجية لمنظومات المراقبة النووية العالمية، ومكافحة التهريب النووي.
وسلط الدكتور بكر الضوء على مجموعة من التطبيقات المدنية والإنسانية للتكنولوجيا التي يجري تطويرها، منها:
• علاج السرطان بتقنية BNCT عبر استهداف الخلايا المصابة بدقة باستخدام النيوترونات الحرارية وعقاقير البورون.
• إنتاج نظائر مشعة طبية للتشخيص والعلاج، بما يفتح آفاقًا جديدة للطب النووي.
• التصوير الشعاعي بالنيوترونات لفحص الهياكل المعدنية والمركبات الصناعية واكتشاف العيوب الدقيقة غير المرئية بالوسائل التقليدية.
• الكشف عن الألغام الأرضية المدنية والتعامل معها بأمان، في إطار الجهود الإنسانية بعد النزاعات.
• استكشاف المعادن في الصحارى باستخدام التحليل النيوتروني لتحديد المعادن النفيسة.
وأشار الدكتور بكر إلى أنه سيشارك في المؤتمر الدولي المقبل للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالرياض خلال الفترة من 1 إلى 4 ديسمبر، لمناقشة موضوعات الأمن الإشعاعي وتحديات تسرب المواد المشعة في البيئات البحرية، خاصة في منطقة البحر المتوسط.
كما سيشارك أيضا في مؤتمر التطبيقات الطبية للنيوترونات في يوليو المقبل، حيث سيعرض آخر ما توصلت إليه أبحاثه في مجال BNCT، في خطوة نحو توسيع نطاق التطبيقات العلاجية لتقنيات الاندماج النووي.
وتجري هذه الأبحاث بدعم مشترك من الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهيئة الطاقة الذرية البريطانية، في إطار مشاريع بحثية تعكس الالتزام الدولي بتطوير حلول مستدامة للتحديات الصحية والبيئية والأمنية من خلال التكنولوجيا النووية النظيفة.
ختامًا.. تشكل ورشة Mod-PMI في فيينا هذا العام تجسيدًا لرؤية علمية متقدمة في كيفية تحويل قوى الطبيعة الهائلة إلى أدوات سلام وتقدم. ومع تزايد التحديات العالمية، تبرز مثل هذه المبادرات العلمية باعتبارها مساحات لصياغة المستقبل، فيما يحمل العلماء العرب، كالدكتور محمود بكر، راية الأمل العلمي العربي في ساحات البحث العالمية، إيمانًا بأن المعرفة هي الحصن الأول في مواجهة التحديات، والطاقة النظيفة هي السبيل نحو كوكب أكثر استدامة وأمانًا.