مقالات

المهندس السيد طوبا يكتب: وتهاوت القلاع

خط أحمر

بدأت تتهاوى القلاع واحدة تلو الأخرى وفى صمت رهيب فبعد سقوط الشركة القومية للأسمنت  المدو بعدما مر بمراحل انعاش وتطوير انفق عليها مايزيد عن المليار جنيه من دم الشعب لجهات استشارية أفتت بصلاحية الاستشارات وإمكانية الإصلاح والتطوير إحداها على يد وزير سابق تبين فيما بعد عدم دقة تلك الاستشارات وصوتت الجمعية العامة بتصفية تلك القلعة الهامة من قلاع الصناعة المصرية.

العجيب أن كل من ساهم فى إفشال وسقوط تلك القلعة الهامة سواء من وزراء ومسئولين سابقين أو رؤساء مجالس إدارات فشلوا جميعا فى انقاذ الشركة العملاقة ينعمون الآن بالترف والحياة الرغيدة أما العمال الذين لا ذنب لهم فيما اقترفته القيادات من قرارات خاطئة وسياسات عقيمة فمصيرهم صندوق البطالة وأتمنى كمواطن مصرى أن أسمع عن محاسبة المقصرين ونيل جزاءهم العادل، ثم بدأ الآن التمهيد لسقوط أحد أهم القلاع الصناعية فى مصر والتى طالما تغنينا بها فى صغرنا وفخرنا بقيام تلك الصناعة العملاقة والتى كانت من أهم انجازات ثورة 52 وعهد عبد الناصر إنها مصنع الحديد والصلب والذى أشار تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات مؤخرا عن قرب تهاوى تلك الصناعة الجبارة لتضاعف الديون ما يفوق الخمسة مليارات جنيه.

بالتأكيد أن تلك الديون لم تكن وليدة الساعة ولكنها تراكمات أخطاء سنوات طوال من الجهل والمحسوبية والتستر على الأخطاء الفادحة والقرارات الثورية الخاطئة وتولية الجهلة والأهم تغافل الوزراء المتعاقبين عن ذكر الحقائق واتخاذ اصلاحات إدارية وفنية حاسمة ووضع خطط قصيرة وطويلة المدى للنهوض بتلك الصناعة العملاقة والتى أغنتنا فى أوقات حرجة وعصيبة عن الركوع والخضوع لمطالب الدول الأوروبية إبان حروبهم الضروس ضد عبد الناصر ومحاولة اخضاعه وبدأ التمهيد بتصريحات منسوبة للوزير الحالى أعقبها تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات وبالطبع النتيجة معروفة ألا وهى أسهل الحلول: التصفية، ومن المؤكد أنه ستتهاوى قلاع الصناعة المصرية مثلما تم إهمال النصر للسيارات وتصريحات وزير قطاع الاعمال الهمام السابق باستحالة إنتاج سيارة مصرية.

ولن أندهش إذا سمعت نفس النغمة عن صناعة الغزل والنسيج وسقوط المصانع الكبرى مثل غزل المحلة وكفر الدوار بعد أن تسيدت تلك الصناعات وغطت احتياجات السوق المحلية وتخطتها للتصدير لكافة دول العالم وأصبحت فخرا لكل مصرى ولكن الإهمال والغرور وضيق الأفق والعجز عن مواجهة الحقائق وايجاد حلول عبقرية للنهوض بقلاع الصناعة المصرية والمحافظة على تراث قومى يفتخر به كل مصرى سواء بتخصيص جزء من تلك الصناعات أو الاستعانة ببيوت خبرة عالمية أو الاندماج مع مصانع عالمية أو غيرها لم تثقل كاهل المسئولين فيكون الحل الأسهل هو التصفية وسقوط الصناعات العملاقة وانضمام الآلاف لصفوف العاطلين.

وأذكر أن صديقا لى مصرىا ويحمل الجنسية الالمانية ويعمل ممثلا للحكومة الألمانية والمصانع الألمانية وتركزت مهامه فى تطوير الصناعات الخاسرة ودعمها بالتكنولوجيا الألمانية لضمان نجاحها وأيضا شراء حصة كبيرة من الإنتاج لصالح أوروبا أن حاول مرارا وتكرارا مع المسئولين المصريين ولكنه استسلم وأعلن فشله وانسحب من السوق المصرية لضحالة تفكير المسئولين وعدم جديتهم فى الإصلاح والتطوير.

وسمعت قصصا أخرى يندى لها الجبين عن هروب مستثمرين أتوا بخبراتهم الدولية للاستثمار فى مصر ولكن انسحبوا بعد مواجهة العراقيل والعقول الخاوية والبيروقراطية العمياء وأملى أن تبحث اللجنة المشكلة من السيد الرئيس لإصلاح قطاع الأعمال تلك الحالات والاخفاقات وتدرجها فى التعديلات الجديدة لقانون قطاع الأعمال العام وبإذن الله لن تسقط تلك القلاع ولن تسقط مصر.

المهندس السيد طوبا وتهاوت القلاع خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة