مقالات

نيفين منصور تكتب.. مفيش نمبر وان!

خط أحمر

كلمات اخترعها أحد الفنانين للتباهي والشهرة كان لها الأثر السيء علي جيل من النشء يحيا في عالم افتراضي، كلمات أثرت علي العقول حتي توهم كل صغير أنه من الممكن أن يكون نمبر وان بين معارفه وأصدقائه.

شعار لا محل له من الإعراب فلا يوجد معني حقيقي لتلك الكلمات فكل إنسان لديه ما يميزه عن غيره، وخُلِقْنا جميعاً لنُكَّمِل بَعضُنَا البعض وليس ليسيطر بعض منا علي عقول الآخرين ويحتل مراكز وهمية لا أساس لها من الصحة، وشعار نمبر وان المطلق شعار واهي فلا يوجد نمبر وان علي الإطلاق إنما يمكن أن نحدد الأولوية للأشخاص والمراكز وفقاً للعمل الجاد الهادف والذي يؤتي ثماره كل حين.

بالإضافة إلى اختلاف ميول البشر فمن المستحيل أن نجتمع جميعاً علي شخص واحد أو عمل واحد أو ذوق واحد في كل مستلزمات الحياة من مأكل ومشرب وملبس وسكن ، ولا نجتمع أيضاً علي قدرات واحدة في الآداء أو التعليم، فقد خلقنا الله ، ووهب كل منا مواهب مختلفة لتعمير الأرض مجتمعين معاً يساند كل منا الآخر.

تلك الظاهرة المسيئة أفسدت عقول الصغار، وخصوصاً بين أجيال متتالية من الشباب والمراهقين، وبالذات في مرحلة السن الخطر الذي يحدد مصير وشخصية صاحبه مع مرور الوقت والزمان، وماذا كانت النتيجة؟ حوادث من السفك والقتل بين الصغار ومتلاحقة وأصبحت شبه يومية وفِي أماكن مختلفة ومحافظات متعددة، نفقد فيها أطهر شبابنا علي أيدي شباب فسد نتيجة تصدير الوهم الزائف بالقوة المفرطة والكلمات المحرضة علي عدم احترام النظام والقانون.

من المؤكد أن اللوم لا يقع عليه وحده، إنما نتشارك جميعاً في المسئولية واللوم، فنحن من نمنح الشهرة الزائفة، ونحن من نشاهد في صمت حتي تتفاقم الكارثة، ثم نبكي الدهر بعد فوات الأوان.

الفكر الفردي يدمر المجتمعات ويدعو إلي الفساد ويجب أن نقضي علي هذه الظواهر المسيئة، يجب أن نعلم أبناءنا فكرة التكامل والنجاح بالمشاركة، فإذا رسخت عقيدة التميز الفردي في عقولهم ستتحول الحياة إلي غابة يريد كل منا أن يقضي علي الآخرين حتي يصبح السلطان أو نمبر وان.

في زمن الفن الجميل تعودنا أن نحترم الجميع، فكل فنان يبدع في تخصصه، حتي الفنان الشامل لكل منهم ما يميزه من حضور وإبداع، تعلمنا أن نحترم كل عالم جليل وأن ننشر الفكر البناء من خلال الأعمال الفنية المختلفة المسموعة والمرئية والمقروءة، واختلف الزمان ولَم نعد نشعر بدور الرقابة علي المصنفات الفنية، وانتشر الفكر العشوائي في جميع المجالات الفنية تحت مسمي الحريات، حتي تغير الذوق العام للمجتمع وتلوثت أعيننا وآذاننا كما تلوثت عقولنا بأفكار سامة، أدت إلي انتشار العنف بين الشباب وعدم الرغبة في الكفاح والعمل، والبحث عن المكسب السريع دون عناء حتي ولو بتلويث العقول، كل ما يهم البعض منهم تقليد نمبر وان والتحول إلي سلطان حتي ولو كان علي حساب الآخرين، قيل في أحد الأمثال الكلمة نور وبعض الكلمات قبور، فهل من الممكن إعادة النظر في هذا الاتجاه الذي يضر بالمجتمع وتحويل هذا الفكر الهدام إلي فكر آخر يعمر الأرض؟

نيفين منصور مفيش نمبر وان خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة