مقالات

الدكتور إبراهيم المدني يكتب.. القاهرة التاريخية تقييم وتطوير

خط أحمر

يعد انتقال كثير من وزارات وهيئات الدولة وكذلك البنوك إلى العاصمة الإدارية الجديدة نقلة حضارية وإدارية لا شك فيها، وسوف تفرغ بالتالي الكثير من المباني التاريخية حالياً  في القاهرة القديمة من شاغليها، وهي مباني تتميز بالعراقة والشخصية المعمارية المتفردة مع القدرة على تطويرها وتعديل أنشطتها المعمارية لتكون عن حق قاطرة جديدة للاستثمار العقاري والسياحي في وسط المدينة.

القاهرة التاريخية هي الخديوية والمعزية وبينهما شارع الجمهورية (إبراهيم باشا سابقاً صاحب التمثال المشهور في ميدان الأوبرا أو ميدان التياترو سابقاً) تحتوي على كنوز معمارية لا تتكرر ضاع بهاؤها واندثر جمالها وأوشكت على الاندثار لولا صحوة حضارية تتم الآن من جهاز التنسيق الحضاري ومحافظة القاهرة من أجل إعادة رونقها وترميم ما فسد منها.

وفي هذا السياق نقترح الاسترشاد بتجربة سيليدار في بيروت التي نجحت سياحياً واقتصادياً نجاحاً باهراً ومبهراً  في تحويل أنقاض ما بعد الحرب إلى معلم متحضر عمراني ومعماري متميز .

أحد الحلول العملية التي نقترحها  لتعظيم الاستفادة من هذا التراث الحي المستمرهو إعادة تقييم هذه المباني تقييماً سوقياً عادلاُ بمعايير هيئة الرقابة المالية والمعايير الدولية للتقييم العقاري بما يرسخ الثقة لدى الهيئات الدولية في جدوى الاستثمار الأجنبي المباشر بحق الانتفاع لمدد طويلة  في هذه المنطقة التاريخية المتفردة.

يتم ذلك بتحويل المنطقة كلها الى منطقة جذب سياحي بإنشاء فنادق متعددة الدرجات ومشروعات تجارية جاذبة للسياح والمواطنين وإعادة تشغيل السينيمات والمسارح والمكتبات وإعادة سور الأزبكية للكتب القديمة وتفعيل المقاهي الثقافية القديمة المشهورة حتى لو كان قد هدم بعضها مثل مقهى ماتاتيا ومقهى الأوبرا والذي كان يعقد فيه الأديب نجيب محفوظ ندواته الأسبوعية وغيرها من الأماكن ذات العبق التاريخي الذي لا يتكرر ويمثل رافداً من روافد القوى الناعمة المصرية من فن وثقافة ومسرح وسينيما ونشركتب وأدب وتعليم.

يتم هذا بنظام  البناء والتشغيل ثم التسليم وهو نظام يكفل تقديم أفضل الخبرات العالمية في البناء والإدارة الحديثة المتطورة والتشغيل المعتمد على التسويق المحترف المهني المرتبط بالسوق العالمي سياحياً واقتصادياً. ويقتصر دور الدولة على وضع النظم والمعايير والقانون الحاكم للعلاقات التجارية بين الإدارة المصرية كجهة ممثلة للمالك والجهات الاستثمارية العربية والأجنبية ممثلةً للتطوير والإنشاء والتشغيل.

ثم تأتي مرحلة التطوير العمراني والمعماري باستخدام مواد البناء والإمكانيات الحديثة والمعاصرة، وأظن أن هناك جدل مهم يدور الآن في باريس حول إعادة تأهيل كنيسة نوتردام التي احترقت أخشابها وهناك رأيان أحدهما حول استعمال نفس مادة البناء بنفس أسلوب الإنشاء السابق التاريخي والآخر يدور استعمال مواد بناء معاصرة تحقق نفس الفورم أو الشكل مع تحقيق أقصى درجات الأمان والتكنولوجيا للحفاظ على الكنيسة بعد إنشائها. نستطيع الاستفادة من هذا الجدل العلمي الفني المتقدم ونستغل الخبرات العالمية في تطوير القاهرة التاريخية حفاظاً على الشخصية المعمارية المصرية في الحقبتين التاريخيتين المتميزيتين المعزية والخديوية ولدى مصر من المعماريين والعمرانيين والخبراء والمتخصصين والعلماء الكثيرون الذين يستطيعون تحقيق هذا الحلم لو صدقت النوايا واحتشدت العزائم وأرادت الدولة فعلاً الحفاظ على تاريخها المفرط في الخصوصية.

الدكتور إبراهيم المدني القاهرة التاريخية تقييم وتطوير خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك مصر