الدكتور ظريف حسين يكتب: لماذا يتساءل الأطفال؟!


هل الأطفال عباقرة وفلاسفة بالفطرة، حتي إذا ما كبروا صاروا أغبياء، فقط لأننا قدمنا إليهم إجابات جاهزة عما هم عنه يتساءلون، فإذا هم مطمئنون، فيصوموا عن المراجعات والنقد ؟!
إن ذلك الادعاء يعد مغلوطا، ولو جزئياًّ:
ذلك أن مخاخ الأطفال هي مجرد صفحات بيضاء، في مواجهة عالم مليء بالغموض والضوضاء، ومن الطبيعي أن لا يستطيع الإنسان، ولا أي كائن حي آخر، أن يحيا في حالة دائمة من "عدم الاتزان النفسي"، في مواجهة المجهول، لذلك فإن الطفل يتساءل فقط ليفهم ويطمئن، وهو، إذن، لا يسأل لمجرد طرح الأسئلة للاستعراض والجدل، كما يفعل أكثر الكبار.
وحتي إذا ما شعر الطفل بأنه" مقبول" ممن حوله اطمأن نفسيا، وظن أن لا يُخشي عليه من هذا العالم، بدرجة قبول المحيطين به له، وتأكد من أنه يستحق أن يعيش في هذا العالم.
لكنه كلما تقدم في العمر عكَس السؤال السابق؛ عساه أن يجد جوابا يطمئنه بأن "العالم" من حوله يستحق أن يُعاش! وكلما كبرت سنُّه نقص عدد تساؤلاته بدرجة عمق معارفه، ومالت تساؤلاته إلي الجدية وأضحَي عمليا أكثر من ذي قبل، ويأنف من كل ادعاء، أو أضحي، علي العكس، أكثر ميلا للاستعراض والاستهواء بطرح الأسئلة لاتهام غيره بالغباء!