يبدو أن المملكة العربية السعودية ، باتت تسير نحو الانفتاح بوتيرة تفاجئ الكثيرين فبعد السماح للمرأة بقيادة السيارات، ورفع حظر دخول النساء إلى الملاعب الرياضية، أتي الدور الآن على وسائل الترفيه والأنشطة والفعاليات الفنية والجديد في هذ السياق هو إفتتاح " كافيه " أطلق عليه رواد التواصل الإجتماعي " ديسكو حلال " وهذا كما وصفه البعض ولنا في ذلك حديث ..

ولكن دعونا نتوقف عند الهجمة الشرسة التي واجهتها المملكة العربية السعودية عند تسرب هذا الخبر لوسائل الإعلام ، فنجد أن قوي الشر والمتربصين بالمملكة فتحوا منصات الهجوم عليها بعد إنتشار هذا الخبر ونجد أن من تصدروا المشهد ليسوا بعيدين عن مخطط التخريب الذي يقوده كل من جماعة " الإخوان الإرهابية " و " تنظيم الحمدين الفاسد " ، بالإضافة لبعض الأشخاص الذين أطلقوا علي أنفسهم محللين وناشطين سياسيين وما هم بمحللين ولا ناشطين بل أنهم يسعوا بكل قوة لتخريب المملكة كما حدث ببلاد عربية أخري بنفس الطريقة ونفس الأسلوب .

هناك بعض الأسماء التي تصدرت المشهد ونجد أن معظمهم ليسوا من المقيمين بالمملكة كـ " هاني نقشبندي وخلود بارعيدة التي تسمي نفسها ناشطة حقوقية وهي سعودية الجنسية ولكنها مقيمة في برلين ، وعبد المجيد الجلال " وغيرهم من الأسماء الأخري من الذين عرف عنهم إنتقاد كل شئ يحدث علي أرض الواقع بالمملكة لدرجة أنهم يحولون كل شئ إيجابي إلي سلبية والهدف معلوم للجميع ولا يحتاج إلي شرح أو تأويل .. فكلنا نعلم مخططات أهل الشر لكل دول المقاطعه الأربع " مصر والسعودية والإمارات والبحرين " .

وإذا تحدثنا عن مشروع الديسكو الذي تسربت أخباره ومن واقع ما تسرب من معلومات فسنجد أن المعلومات المسربة توضح نفسها ولا تحتاج إلي تفسير حيث أن هذا المشروع لا يخرج عن كونه " كافيه " يعزف به كل نواع الموسيقي ولا يقدم المشروبات الكحولية إلى الزبائن، على غرار بقية فروع الشركة صاحبة المشروع ، وذلك لكونها ممنوعة في السعودية بالإضافة إلي أن هذا المشروع السياحي لن يفتح أبوابه طيلة أيام السنة، حيث سيكون مفتوحاً بشكل مؤقت وذلك ضمن مهرجان جدة السنوي أي لعدة أيام ولكي يشجع الأجانب علي السياحة بالمملكة العربية السعودية أي أنه نوع من أنواع الخدمات التي تقدم علي هامش المهرجان .

دعونا لا نغفل أن الناس في المملكة العربية السعودية منفتحة على الدنيا وتحب الرفاهية والجديد في الأمر الآن هو أن بعض الأماكن مثل مايسمونه بـ " الديسكو" وما هو بـ " ديسكو" صارت في متناول العامة .

وإذا ناقشنا الموضوع بتعقل فإننا سنجد أن مثل هذه المشروعات لا تخالف الشرع ولا حتي العرف بالمملكة فهي على الجانب الاقتصادي، تعود بالنفع على المملكة ، وقد يكون لها تأثيرات ملموسة على السياحة الداخلية للسعوديين، والشباب السعودي سيجد فيها فرص للترفيه داخلياً، وهذا ما سيعود بالنفع على الاقتصاد السعودي ...

وعلي حد علمي من خلال تصريحات المسؤولين السعوديين فإن قطاع الترفيه خلق 17 ألف وظيفة عام 2017، ويمكن أن يخلق 220 ألفاً مستقبلا ، كما أعلن في وسائل الإعلام عن قرب بناء دارٍ للأوبرا، وعن نية هيئة الترفيه تنظيم أكثر من 5 آلاف عرض ترفيهي ، وهذه الاستتثمارات ستسهم في الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 4.8 مليار دولار، وهذا يتماشي مع حلم السعودية ورغبتها في أن تصير مستقبلاً ضمن أفضل 10 دول في العالم في مجال الترفيه والسياحة ، والسؤال هنا فما الغضاضة في ذلك إن كانت هذه المشروعات التي تأخرت لعشرات السنين موجودة علي أرض الحرمين وخاصة أنها لاتخالف الضوابط الشرعية ولا العرف ولاتمس التقاليد المحافظة للسعودية ؟ .

طموحات الأمير محمد بن سالمان ولي عهد المملكة كما نشهد لا تقف عند الإصلاح الاقتصادي فقط ، إذ أنه يسعى أيضاً إلى تحقيق إصلاح اجتماعي ويسعي وبكل قوة إلي محاربة الفكر الديني المتطرف والمتشدد ، ولذلك تم إنشاء هيئة " لمراقبة تفسير الأحاديث " مؤخراً، وفي جلسة حوارية كانت ضمن منتدى " مبادرة مستقبل الاستثمار" في الرياض وعد ولي العهد السعودي بإسلام وسطي معتدل بقوله " نحن فقط نعود إلى ما كنا عليه، الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم وعلى جميع الأديان ، ولن نضيع 30 سنة من حياتنا بالتعامل مع أفكار مدمرة، سوف ندمرها اليوم وفوراً ، وسوف نقضي على التطرف في القريب العاجل" .

حديث ولي العهد عن العودة إلى الوسطية والاعتدال والقضاء على التطرف، يثير التساؤل لدي بعض أصحاب المصالح رغم أنه واضح المقصد فأنه كان يعني بذلك الفكر المتطرف والمتشدد الذي أدخل المجتمع السعودي والمملكة في إشكالات ثقافية شديدة .. والذي بات واضحاً هو أن هناك اتجاه من المملكة للخروج من هذا الفكر المتشدد، رغم أنها عملية صعبة تحتاج جهوداً مشتركة من الدولة والمجتمع وليس أمامهما إلا أن يضعا يدهما بيد بعض للقضاء علي هذا الوحش الذي يسعي لتخيب أوطننا .

لست بصدد الدفاع عن موقف ما فأهل مكه أعلم بشعابها ولكني كأي مسلم يغار علي دينه وعلي وطنه أري أن هذا لا يضر بالدين ولا بالعرف ولا التقاليد ودوري العروبي يحتم علي أن أتصدي لكل الدعوات الهدامة التي لا تريد لأمتنا العربية الخير فقوي الشر تتربص بنا وهناك أمثلة كثيرة وعديدة ففي الوقت الذي نجد الإعلام " القطرائيلي " يوجه سهامه المسمومة تجاه المملكة ويصدر معلومات مغلوطة في هذا الشآن نسترجع صور أميرها المخلوع حمد بن خليفة وزوجته وهما يحتسون الخمور علي ترابيزة رئيس الوزراء الإسرائيلي ولكنهم من خلال بعض الأقلام المسمومة والمحسوبة علي الجنسية السعودية تستأجرهم قطر المخربة لتخريب بلادهم نظير حفنة من الدولارات وللأسف البعض يصدق ما يأتي علي لسان هذه الأقلام المسمومة .

أثناء الحديث وما قيل في وسائل الإعلام عن " ديسكو جدة الحلال " تعمدت السكوت والمتابعه وقررت أن لا أكتب في هذا الموضوع حتي يأتي " مهرجان جدة التاريخية " وأري هل هذا " ديسكو " كما قالوا وروجوا أم أنه " كافيه " تعزف به جميع أنواع الموسيقي وكانت الحقيقة كما توقعت أنه ليس إلا " كافيه " .. والحقيقة هي أن مهرجان جدة التاريخية (أتاريك) هو أول مهرجان من نوعه في مدينة جدة حيث يستحضر الماضي إنساناً ومكاناً ويضع الزوار في حقبة زمنية مرت بها عروس البحر الأحمر قبل عقود من الزمن فما الغضاضة من إقامة مشروعات خدمية علي هامش هذه المهرجانات .

فهذه المشروعات في الحقيقة متأخرة جداً جداً وتجعلنا نفكر فيما ينفقه الأخوة السعوديين في البلاد التي يزورونها كسياح من مئات المليارات من الريالات وهذا يجعلنا نطرح السؤال الأهم أليست المملكة أولي بكل هذه الريالات ؟ .

ورسالتي الأخيرة لكل إخواننا بالمملكة العربية السعودية حافظوا علي بلادكم ولا تجعلوا الطريق ممهداً لقوي الشر ولا تتركوا لهم مساحة يعبثون من خلالها بأمنكم فالتحديات كثيرة وعديدة وتحتاج منكم الإلتفاف خلف قياداتكم والإيمان بها .

أما رسالتي لقوي الشر والتخريب هي لن تنالوا من أمن أمتنا العربية وسيبقي مصر والسعودية درعا الأمة العربية .