خالد السيد يكتب: تحديات فيروس كورونا


أثار فيروس كورونا الرعب في جميع أنحاء العالم ، بما أثر على جميع الاصعدة وخاصة على المستوى الاقتصادي ، خاصة وأنه بات يحصد الكثير من المسؤلين البارزين والشخصيات السياسية والقيادية حول العالم وانتشاره بسرعة هائلة حول العالم مما أثار الشكوك لدى البعض بأن فوبيا الفيروس بمثابة أحدث آليات صناعة الخوف التي تؤدي لفوضى اقتصادية يتولد عنها واقع اقتصادي عالمي جديد ، خاصة وأن الاعلام يسلط الضوء على مدار الساعة بشأن تطورات الفيروس والتحذير من تداعياته وتطور الاصابة به ، وقد تنبأت الكتابات الادبية والسينمائية بسيناريو الفيروس الحاصل وكأنه مخطط ويطبق بحزافيره ، فهل ننتظر العلاج بنهاية السيناريو في المشهد الاخير من تحقيق مروجي الفيروس مبتغاهم ، فقد أصبحت معظم دول العالم في عزلة عن بعضها البعض ، مما عطل الكثير من المصالح المتبادلة بين الدول ، وعلى الرغم من ذلك فان نسبة الوفاة التي يُسببها أقل من 3,5% والنسبة آخذة في الانخفاض وتوقعات أن تقل إلى نحو 2%، والوفيات في الغالب لا تكون بسبب الفيروس بصورة مُباشرة، وإنما بسبب أمراض موجودة بالفعل عند المُصابين. وبالتالي مخاطر الفيروس الصحية أقل خطورة من الكثير من الأمراض الأخرى مثل الأنفلونزا الموسمية التي تُصيب ما بين 3 إلى 5 مليون شخص سنوياً وتسبب في وفاه ما بين 250000 إلى 300000 شخص سنوياً، والعالم يُعاني من أمراض أشد فتكاً حتى أن منظمة الصحة العالمية ترصد أن الأمراض غير المُعدية تتسبب في وفاة أكثر من 75% من حالات الوفاة المُسجلة عالمياً، ورغم ذلك لم يتم خلق حالة الفزع الحالية إلا لفيروس كورونا الجديد مقارنة بأمراض مثل انفلوانزا الطيور، وانفلوانزا الخنازير، وسارس، وغيرها من الأمراض التي انتهت، ولم تنتهي مُعاناة البشر من الأمراض الأكثر خطورة.ولا نعني التقليل من خطورة فيروس كورونا ولكن نعتقد أن حجم الفزع والخوف المُرتبط به والذي تسبب في سلسلة من الخسائر يُمكنها أن تُسبب أضرار للإنسانية أكثر من ضرر الفيروس ذاته، فقد بدأت الخسائر الاقتصادية تنذر بقرب أزمة اقتصادية جديدة تعيد للاذهان ازمة 2008 بسبب كساد قطاع الطيران وحركة السياحة العالمية ومجال الشحن والنقل الدولي مما تسبب في عمليات تراجع للاستهلاك على جميع المجالات ، وانخفاض للطلب على الوقود لينخفض الطلب على البترول بنحو ٢٦٠ ألف برميل بترول يوميا مما تسبب في انخفاض متتالي في أسعار البترول قلص مكاسب الدول البترولية الأكثر استهلاكا مما يتسبب في انخفاض في الطلب على السلع والمنتجات والترفيه بينما يشهد قطاع منتجات الوقاية الطبية والأدوية المرتبطة بالفيروس حركة رواج. ولكن ذلك لن يمنع من تراجع معدلات النمو العالمية خاصة مع الاستحوازات الجارية على كبريات الشركات العالمية، واعادة هيكلتها في محاولة لتوطين الصناعة واعادة التنظيم الاقتصادي والاجتماعي العالمي الحالي الذي لم يعد عادلاً وغير صالحا للاستمرار. ولابد من استعداد الحكومات بخطط واسعة بعيدة المدى لاحتواء أزمة فيروس كورونا ، سواء كان مرضا حقيقيا ام حربا باردة تدار بين قطبي العالم تطحن بين رحاها بقية دول العالم ، لكن حتما سينكشف حقيقة الامر ، وعلى الحكومات والشعوب تعلم الدرس والاستعداد لمواجهة ما سيحاك لاحقا كي لانقع في الفخ ثانية.