خط أحمر
الأربعاء، 17 أبريل 2024 12:20 صـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

المهندس السيد طوبا يكتب: حوار الأجيال

خط أحمر

مشى الحفيد بصحبة جدة يسبقه فى خطوات ويتأخر عنه بعضها ثم وقف فجأة موجها سؤالا هاما لجده: كيف أمكنكم العيش سنوات طويلة بدون الانترنت؟ وفوجئ الجد بسؤال حفيده وتحين الفرصة ليستريح على مقعد خشبى بحديقة النادى ليستجمع شتات أفكاره ويجيب حفيده لقد نشأت فى بيت شعبى فى أحد احياء القاهرة القديمة وكان بيتنا مملوكا للأسرة ويعيش فيه الجد الأكبر وأبناؤه وأحفاده وكان المتزوجون منا يحتل كل منهم غرفة بالبيت أما العزاب فكان هناك غرفة للأولاد وأخرى للبنات وكنا نجتمع جميعا فى الافطار والغذاء والعشاء على طاولة واحدة وكانت الزوجات يقمن بالأعمال المنزلية لمساعدة والدتى أما الذكور الكبار فيساعد بعضنا الوالد فى تجارة العطور من بيع وتخزين وتوزيع فى الأقاليم وتحصيل النقود أما شراء البضائع فكانت مسئولية الوالد وحده وبعضنا وأنا منهم التحقنا بالتعليم وكنا نعيش فى محبة ووئام لأن والدى رحمه الله لم يكن يفرق بين أبنائه أو بناته وكانت له هيبة ووقار وكلمته مسموعة من الجميع لعلمنا بحنانه وحكمته فلم نعرف أنا وأخوتى لفظ الطلاق أو التذمر لتفضيل أحدنا على الآخرين وبعد وفاته رحمه الله تولى زمام قيادة الأسرة أخى الأكبر والذى استمر على نهج الوالد الى أن تضاعف أفراد الأسرة فبدأت بالتشتت فى مساكن وأحياء أخرى ومدن مختلفة ولكن كان هناك التزام وقدسية لتجمع كامل أفراد الأسرة المتواجدون بالقاهرة لتناول الغذاء يوم الجمعة وفى الأعياد والمناسبات خاصة شهر رمضان وكنا نعرف جيراننا ويعرفوننا ونتبادل المودة والمحبة ونلعب ونسهر سويا للاستماع لحفلات الست أم كلثوم وسهرة الربيع لفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ وكنا نجاملهم فى الأفراح ونواسيهم فى الملمات.. نصلى جميعا فى الجامع ويقف الجميع أخوة وجيران وأهل الحارة كأسرة واحدة نعرف بعضنا البعض بالاسم والأسرة والسكن فنسير مطمئنين نحى الناس ويبادلوننا السلام ويساعد منا الغنى الفقير ويشرح المتخرج منا الدروس لطلبة الحى بدون مقابل وكنا جميعا ندرك ونعرف معنى العيب والحرام والحلال لكن وللأسف الشديد كلما ازدادت أعداد أفراد الأسرة زاد التباعد ولكن ظل الحنين للبيت الكبير ولمة الأسرة ولا أتذكر أن عانى أحدنا من الوحدة أو شعر بالعزلة أو تأخر عن تلبية طلبات الأسرة..ثم اعتدل الجد فى جلسته وسأل الحفيد فماذا فعلت بكم الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعى؟ ألم تجعلكم كأسرة واحدة منعزلين حتى لو اجتمعتم على العشاء أو خرجتم سويا فكل منكم مشغول بهاتفه وألعابه الألكترونية..الم يجعلكم الانترنت غرباء عن باقى أفراد أسرتكم ولا تعلمون جيرانكم ولا أهل شارعكم..ألم يجعلكم الأنترنت حبيسى المكاتب والصالات بعيدا عن ممارسة الرياضة والحياة الاجتماعية..ألم تسهم الانترنت والأفلام الأجنبية فى فقدان احترام الوالدين وتصايحكم عليهم وعصيانكم لأوامرهم..وهل تذكر متى طلبت من والدك أو والدتك زيارة أعمامك وأخوالك وأبنائهم أم أن المدرسة وشلة النادى قد أغنتك عن أقاربك ومعرفتهم..وهل تذكر اسم آخر كتاب قرأته.. وباختصار يا حفيدى الغالى فان الاجابة على سؤالك هى لا لم نفتقد الانترنت فى شبابنا بل عشنا أجمل فترات طفولتنا وشبابنا ووجدنا أشياء كثيرة والعابا عديدة وبرغم بساطتها الا أنها أمتعتنا ولم تفقدنا الحنين للأخوة وأصدقاء الطفولة والحى والبيت الكبير..فكرت وكتبت هذا المقال بعد سماعى أغنية محمد فؤاد ساعات بأشتاق.

المهندس السيد طوبا حوار الأجيال خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك مصر