إمام بالأوقاف: الذكاء الاصطناعي ثورة معرفية لا بد أن تُضبط بميزان الشرع وقيم الإنسانية


أكد الشيخ أحمد ربيع الأزهري، الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف، أن موضوع الذكاء الاصطناعي من القضايا بالغة الأهمية، مشددًا على ضرورة اشتباك العقل الفقهي والعقل الدعوي والعقل الإفتائي مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، في ظل ما يشهده العالم من ثورات معرفية وتكنولوجية متسارعة تؤثر بشكل مباشر على سلوكيات الناس وأخلاقياتهم ومنظومة القيم، بل وعلى الحياة نفسها من حيث ديمومتها ورفاهيتها.
وأوضح الشيخ أحمد ربيع الأزهري، خلال مداخلة عبر الزووم، بحلقة برنامج "مع الناس" المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء، أن هذا التقدم العلمي والتقني الهائل يفرز فرصًا كبيرة إلى جانب تحديات جسيمة، لافتًا إلى أن جامعة القاهرة أولت هذا الملف اهتمامًا ملحوظًا خلال الفترة الماضية من خلال عقد عدد من الندوات وورش العمل حول الذكاء الاصطناعي، قبل أن يأتي التوجه بعقد ندوة مختلفة من حيث المعالجة، تنطلق من المدخل الشرعي والديني، انطلاقًا من دور الإسلام بمقاصده العليا وشريعته الغراء في ضبط التعامل مع كل منجز معرفي جديد.
وأشار إلى أن الرؤية الإسلامية تؤكد أن الإنسان سيد في الكون لا سيد على الكون، وهو ما يبرز أهمية ضبط استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بميزان الشرع، بحيث تُستخدم فيما ينفع الناس ويحقق مقاصد الشريعة، وعلى رأسها حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والنسل، بل ويمتد الأمر إلى حفظ الوطن وديمومة الحياة بما يحقق كرامة الإنسان، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي ثروة معرفية وعلمية كبرى إذا أُحسن توظيفها في خدمة الإنسان والإنسانية وعمارة الأرض.
ولفت الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف إلى أن الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقًا واسعة أمام الشباب، ويوفر آليات مساعدة قوية للباحثين في مجالات الترجمة والوصول إلى المصادر والصياغة العلمية، بل وحتى في المجالات الطبية، وهو ما يرتبط إيجابًا بمقصد حفظ النفس، محذرًا في الوقت ذاته من الاستخدامات السيئة لهذه التقنيات، مثل نشر الشائعات والتزييف العميق والتشهير وانتهاك الأعراض، وهو ما يستوجب تعظيم الضوابط الأخلاقية والقيمية في التعامل معها.
وشدد الشيخ أحمد ربيع الأزهري على أن العالم يقف اليوم مبهورًا بسرعة المنجز المعرفي الناتج عن الذكاء الاصطناعي، لكن الخطر الحقيقي يكمن في غياب المنظومة القيمية الحاكمة، مؤكدًا أن الأمة مطالبة بالخروج من دائرة الاستهلاك إلى دائرة الإنتاج المعرفي، حتى لا يتحول العالم إلى شكل جديد من الإقطاع التقني، يسيطر فيه من يملك التكنولوجيا والمعرفة، بينما يصبح الآخرون أسرى لها، داعيًا الشباب إلى الوعي بالتحدي الوجودي والقيمي، والعمل على توظيف هذه الثورة التكنولوجية بما يعزز كرامة الإنسان وقيمه.

.jpg)


































