المراحل الصعبة التي قد نمرّ بها في حياتنا ليست نهاية المطاف بل هي بداية قوة، لأنّك في كل موقف ستصبح أكثر حدة، وستعتاد على كلّ وجع حتى يصبح سلاحك قويًا جدًا.
فتدريجيًا ستبتعد، وستنسحب، ولن تخوض معارك من أجل شيء قد يرهقك ويسلب منك طاقتك.
الحياة تعلمنا الكثير، ومع كلّ وجع نزداد قوة. شخصيًا، لو سألتني عن نفسي: ماذا كنت وماذا أصبحت؟
اليوم لم أعد تلك المرأة الحسّاسة التي تتأثر بكلّ شيء.
لم أعد أرغب في التفكير في أشياء لن تنفعني.
أصبحت متجاهلة لكلّ شيء.
أصبحت باردة لدرجة لا أستطيع تخيلها.
لم أعد أفكّر إلا في سلامي؛
سلامٌ أرقِيه مع نفسي، بعيدًا عن كل الألوان.
أصبحت لا أحبّ حتى العتاب.
فسألقي السلام بابتسامة سواء كنتُ عدُوًّا أو صديقًا، وأمرّ بسلام ولن ألتفت حتى ورائي.
يكفيني أن بابي مغلق أمام الجميع.
يكفيني أنني وجدت نفسي في عالمٍ بعيد؛
في عالم أصارع فيه نفسي لأكون النسخة الأفضل من نفسي.

أصبحت أتوقع الحسد من البعض، والغيرة من البعض الآخر.
ولم أعد بحاجة حتى لتنبيه من أشخاصٍ آخرين.
ولم أعد أنصدم أو أسأل «لماذا؟»
مع أنّني بداخلي أقول:
وما أدراكم بحياتي، إذ إنّها لم تكن يومًا مثالية وسعيدة مثل الأحلام كما يظنّها البعض.
لن يتخيّل البعض حجم التعب الذي تعبته في حياتي، وكم كافحت لأصل اليوم لبعض أحلامي، ولا زلت أتعب لأصل.
بتَعبي وجهدي.
لن يتخيّل البعض أنّني كنت وحيدة في كلّ محطات حياتي.
كنتُ أستمع لقصص الناس وأواسيهم، وأنا بداخلي ألف وجع.
لكن اليوم تعلّمت أن أتجاهل كلّ شيء، وأن أصمت، ولا أعلق على شيء.
وأن لا أعاتب، ولا ألوم، ولا حتى أقول لأحد «لماذا؟»
لم أعد أرغب حتى في سماع تبريرات وتفسيرات وحجج.
دائمًا كنت في نظرهم الفتاة المحظوظة التي يحبّها الجميع، الناجحة التي يمدحونها في كل مناسبة،
والتي يغارون منها بلا سبب، مع أنَّها كانت تحب الجميع وتساعد الجميع.
وبداخلها لم تكن محظوظة في كل شيء.
نعم، كانت ناجحة نوعًا ما، لأن النجاح لم يكن يومًا حظًّا بل تعبٌ وكفاحٌ وسهرٌ وبذل جهد.
لكن الحظ هو رزق يناله الصابرون.
لذلك، رسالتي للبعض: أوجاعكم هي مرحلة لصُنع نفوس قوية قادرة على الصمود في زحمة هذه الحياة.