الدكتور أحمد عبود يكتب: السيسي على القمة


في عالمٍ يموج بالأزمات، ويغرق في صراعاتٍ دولية وإقليمية متشابكة، برز اسم الرئيس عبد الفتاح السيسي كقائدٍ استطاع أن يُدير ملفاتٍ معقدةً بحكمةٍ وذكاءٍ فاق كل التوقعات. لم تكن خطواته العميقة والممنهجة وليدة الصدفة، بل جاءت من رؤيةٍ شاملةٍ لمستقبل المنطقة، ومن قراءةٍ واعيةٍ لخريطة العالم الجديدة التي تُرسم بالسياسة لا بالسلاح فقط.
التهجير الذي شهدته بعض المناطق لم يكن مجرد إجراء أمني أو تحرك داخلي، بل كان جزءًا من خطةٍ استراتيجية أكبر لحماية الأمن القومي المصري من خطرٍ محدقٍ كان يمكن أن يعصف بالمنطقة كلها. تعامل السيسي مع الملف بحنكةٍ سياسية نادرة، فلم يسمح بتحويل الأمر إلى مأساة إعلامية كما أراد خصوم الوطن، بل قاده بهدوءٍ وحسم، واضعًا نصب عينيه هدفًا واحدًا: حماية مصر، وتثبيت ركائز الدولة مهما كانت التضحيات.
وقد كان يدرك تمامًا أن وراء الأفق ترتيباتٍ دولية كبرى تتعلق بمستقبل الشرق الأوسط، وأن مصر لا يمكن أن تبقى على الهامش، بل يجب أن تكون في موقع القيادة لا التبعية. لذلك أعاد ترتيب البيت من الداخل، وأدار المشهد الخارجي بمهارة القائد الذي يعرف متى يتكلم ومتى يصمت، ومتى يرسل الرسائل عبر الأفعال لا الأقوال.
وها هو العالم اليوم يشهد أن مصر أصبحت رقماً صعباً في كل معادلة، وأن زيارات القادة العالميين – وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب – لم تأتِ عبثاً، بل كانت تتويجاً لمسارٍ سياسيٍّ ناجحٍ أداره السيسي بثقةٍ وصبرٍ ومهارةٍ دبلوماسيةٍ عالية. زيارة ترامب إلى القاهرة لم تكن مجرد حدثٍ بروتوكولي، بل كانت إعلانًا عن إدراكٍ أمريكيٍ بأن مصر السيسي عادت لتكون مركز القرار، وشريكًا أساسيًا في أي اتفاقٍ يُرسم لمستقبل المنطقة.
لقد أثبت السيسي أن الذكاء السياسي لا يقاس بالتصريحات الرنانة، بل بالنتائج الواقعية على الأرض. استطاع أن يحوّل التحديات إلى فرص، وأن يدير الملفات الحساسة بعقلية رجل الدولة لا بمنطق الانفعال. فحين كان البعض يظن أن مصر تُدار بردود الأفعال، كان هو يرسم الطريق في صمتٍ نحو لحظةٍ تاريخية تُعيد لمصر مكانتها ودورها.
إن من يتابع المشهد يدرك أن ما حدث لم يكن سوى فصلاً من فصول إعادة رسم الشرق الأوسط، وأن السيسي اختار أن تكون مصر في مقعد القيادة، لا في مقعد المراقبة. ومن هنا جاءت قمة القاهرة، وزيارة ترامب، والتوقيع المرتقب على الاتفاقية التي ستُعيد توزيع موازين القوى في المنطقة، لتؤكد أن السيسي كان – ولا يزال – على القمة.
لقد قاد السفينة وسط عواصفٍ متلاطمة، فلم تغرق، ولم تنحرف عن مسارها، بل وصلت إلى الميناء بأمان. وها هي مصر اليوم، تحت قيادته، تستعيد دورها التاريخي كحارسٍ للسلام، وركيزةٍ للاستقرار، ونموذجٍ لقائدٍ واجه المؤامرات بالصبر والذكاء، وارتقى بالوطن إلى القمة التي يستحقها.