خط أحمر
الأحد، 12 أكتوبر 2025 08:15 مـ
رئيس الوزراء يستقبل الدكتور خالد العناني المدير العام المنتخب لمنظمة...الدكتور سويلم ومبعوثة المياه الهولندية يشهدان توقيع بروتوكول تعاون بين...رئيس الوزراء يتابع موقف مشروع تطوير المنظومة المتكاملة لمعلومات مصلحة...رئيس الوزراء يتلقى اتصالا من نظيره الجزائري لبحث سبل تعزيز...رئيس الوزراء يتابع مشروع تطوير المنظومة المتكاملة لمعلومات مصلحة الجوازات...التمثيل التجاري المصري: استثمارات بريطانية بقيمة ٢٠.٦ مليار جنيه إسترليني...التمثيل التجاري المصري يبحث مع المستشار التجاري البريطاني بالقاهرة سبل...رئيس الوزراء يلتقي وزير الطيران المدني لمُتابعة الموقف التنفيذي لمشروع...وزير الاتصالات: تنفيذ عدد من المشروعات لتوظيف تكنولوجيا المعلومات وتقنيات...السفير محمد العرابي: تعييني في مجلس الشيوخ ثقة كبيرةحزب العدل: قمة شرم الشيخ تشكل منعطفا استراتيجيا نحو الاستقرار...لواء دكتور أحمد زغلول مهران يكتب: محطات في حياتي.. مدرسة...
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدارةهشام موسي

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدارةهشام موسي

مقالات

لواء دكتور أحمد زغلول مهران يكتب: محطات في حياتي.. مدرسة العائلة المقدسة حيث بدأت الحكاية

خط أحمر

في رحلة الحياة هناك محطات تبقى محفورة في الوجدان لا لأنها الأطول زمنياً بل لأنها الأعمق أثراً أماكن وشخصيات عبرت حياتي ولم تكن مجرد عابر سبيل بل كانوا جسراً بنيت عليه شخصيتي ولبنة أساس في تكويني العقلي والنفسي والاجتماعي ومن بين هذه المحطات الخالدة تبقى مدرسة العائلة المقدسة للغات بحلوان إحدى المدارس الكاثوليكية العريقة نقطة البداية وحجر الأساس في رحلة التعلُّم والتربية والنضج .

مدرسة لا تشبه سواها

حين أنتمي لتلك المدرسة فإنني أنتمي لتاريخ ومنظومة ورسالة مدرسة العائلة المقدسة لم تكن مجرد مكان لتلقي العلم بل كانت مدرسة للحياة بكل ما تحمل الكلمة من معنى
تميّزت المدرسة بالانضباط التربوي الشديد والحرص على تكوين الطالب من جميع الجوانب (الأكاديمية والأخلاقية والثقافية والاجتماعية) في تلك الجدران تعلّمت ألا أفصل بين التفوق الدراسي والانضباط الأخلاقي وألا أرى في المدرسة مكاناً لحفظ المعلومات فقط بل محراباً يُشكّل وجداننا ويهذب سلوكنا ويصقل عقولنا .

المعلم •• قائد وملهم

في ذاكرتي لا يمكن أن تمر مدرسة العائلة المقدسة دون أن أُفرِد مساحة مضيئة لاسم خالد في وجداني وهو ناظر المدرسة “مسيو إلياس صادق معوض” رحمه الله رحمةً واسعة

لقد كان نموذجاً فريداً في القيادة التربوية ليس فقط لأنه كان يحفظ أسماء الطلبة رباعياً وهي نادرة في زماننا ولكن لأنه كان يُعامل كل طالب كأبنه وكان يُتابع مستوانا العلمي بدقة يوبّخ من يُقصّر ويُشجّع من يتقدم ويُطبطب على أكتافنا وقت الإحباط .

كنت قريباً منه للغاية أستشيره في مواقفي الشخصية وكان دائم الحضور في لحظات مفصلية من حياتي أذكر عندما لم أوفَّق في الترشح لمنصب تنفيذي مهم ظن أنني حزنت وأُحبطت فأقام لي احتفالية دعا إليها أحبتي وأصدقائي كي يخرجني من دائرة الزعل والإحباط رغم أنني لم أكن حزيناً لأنني تعلمت القناعة والرضا من والديّ ومن المدرسة ذاتها ولكن شعور الأب كان يتملكه تجاهي كان قدوة في كل شيء التواضع والصرامة والحب والانتماء الحقيقي للتربية هو من علّمني أن المعلم الحقيقي لا يشرح الدروس فحسب بل يُشكّل النفوس والشخصيه بأداؤه وحبه للرساله التى يملكها .

أساتذة تركوا أثراً لا يُمحى

لم يكن “مسيو إلياس” وحده من أثر فيّ لقد حظيت بأفضل كوكبة من المعلمين كلٌ منهم كان صاحب بصمة :
• فريدي ألدّو، مدير المدرسة الإيطالي الجنسية رحمة الله عليه كان حريصاً على علاقتنا اليومية يحاورنا ويوجهنا لا يترك طالباً متراجعاً إلا ويتحدث إليه بلطف ومحبة .
• مدام تريزا معلمة الفرنسية كانت تربطها بنا علاقة إنسانية راقية .
• الأستاذ عبد المنعم عكاشة أيقونة اللغة العربية والأدب رحمة الله عليه زرع فيّ حب اللغة وكان محاوراً ومثقفاً يشرح لنا الفرق بين الأديب والمفكر وكان يربط بين الشعر العربي والإنجليزي بطريقة ممتعة كان أول من رسّخ لدي أهمية الذوق والمظهر العام .
• الأستاذ عبد الرحمن الصادق رحمة الله عليه معلم الكيمياء كان مثالاً للأدب الجم والروح الطيب وقدرة مبهرة على توصيل المعلومة .
• مدام أولجا ومدام فاكيهه رحمهما الله رحمه واسعه هما أول من علّمانى القراءة والكتابة لا تُنسى تلك اليد التي أمسكت بيدي لأكتب أولى حروفي .

هؤلاء المعلمون وغيرهم لم يكونوا يُدرّسون فقط بل كانوا يُربّون ويزرعون فينا الثقة والطموح والإيمان بأنفسنا.

المدرسة •• مصنع القيم والهوية

في مدرستنا لم تكن القيم محاضرات نظرية بل كانت تُمارَس يومياً من طريقة دخول الفصل إلى احترام الطابور إلى نظافة الزي إلى الكلمة المهذبة .
تعلمت كيف أكون لبقاً وكيف أُصغي وكيف أناقش وايضاً كيف أختلف باحترام .

في كل صباح كان الطابور المدرسي مساحة لبناء الشخصية نستمع لكلمات تحفيزيه أو قصة ملهمة أو عرض من زملائنا كانت المدرسة تصنع فينا قادة المستقبل بصمت ودون ضجيج .

الأصدقاء •• إخوة الطفولة الصافية

من أجمل ما تركته لي المدرسة صداقات لا تزال تنبض في حياتي حتى اليوم أصدقاء كنا نظن أننا نلهو معاً لكننا في الحقيقة كنا نبني أجمل العلاقات وأكثرها صدقاً .
منهم اللواء هاني رزق، الدكتور يحيى الرزاز، المهندس محمد الدالي، الدكتور خالد ثابت، المهندس عبد الواحد سيد، المهندس عبد الوهاب حسن – رحمه الله – والمحاسب ماجد سامي سعد، الدكتور شهاب سعد زغلول، المهندس شنودة ميخائيل، المهندس حازم عبد الرحمن، المهندس سعيد بخيت ،اللواء محمد وجيه، اللواء خالد خيرى ، المهندس ايمن مغاورى ، المستشار علاء فهمى ، المستشار أسامه عيسى ، المخرج وائل الشيخ ، الدكتور خالد الملاح ، المهندس أشرف سمير ، الدكتور حسين على حسين وأخي في الرضاعة الدكتور أحمد شفيق وغيرهم كثير لا تسعني السطور لذكرهم لكن تسعني المحبة أن أحتفظ لهم بمكان في القلب لا يزول .

حين تضيق الدنيا •• أعود إلى المدرسة

أحياناًحين تضيق عليّ الحياة أو يثقلني الحنين أعود إلى المدرسة أتمشّى في ممراتها أُطلّ على فصولها أسترجع الأصوات والروائح والذكريات هناك فقط أشعر أنني أتنفس نقاءً لا أجده في زحام الدنيا .

من المدرسة تبدأ الحكاية •• وإليها يعود الأمل

في نهاية هذه المحطة الأولى من محطات حياتي أقولها بصدق وفخر
أنا ابن مدرسة لم تعلّمني المنهج فقط بل علّمتني كيف أكون إنساناً وكيف أضع قدميّ على أول طريق الحياة بثبات ووعي وأخلاق .

لقد آمنت دايماً أن المدرسة ليست جدراناً ولا مناهج محفوظة بل منظومة متكاملة تبدأ من المعلم وتصل إلى قلب التلميذ يشارك فيها الأب والأم ويتنفسها المجتمع كله إنها الموطن الأول للحلم والمختبر الحقيقي للوعي والحاضنة الأولى للقيم .

إلى المعلم أقول :

ما زالت كلماتك تردد في أذني ونصائحك تسري في مواقفي كن صادقاً في رسالتك فربما تقود تلميذاً ليكون قائداً وربما تنقذ آخر بكلمة طيبة أو نظرة تشجيع .

إلى المسؤول التربوي وصانع القرار أقول :

إن كنتم تبحثون عن نهضة أمة فابدأوا من المدرسة طوّروا من قدرات المعلم وامنحوه المكانة التي يستحقها اجعلوا من كل مدرسة بيئة للحلم والإنجاز لا مجرد محطة للنجاح الورقي .

إلى الطالب أقول :

مدرستك هي مستقبلك لا تستهين بمرحلة تعيشها اليوم فربما تكون هي ما يُبنى عليه كل غدك اسعَ لتكون متفوقاً ولكن لا تنسَ أن تكون مهذباً كريم الخلق واسع الاطلاع متزن الفكر .

إلى الأب والأم أقول :

كونوا السند الأول والمدرسة الموازية إغرِسوا في أولادكم احترام المعلم وفضيلة العلم وحُبّ النظام ولا تجعلوا التعليم عبئاً بل شرفاً وسعياً نبيلاً .

إلى أصدقائي ورفاق الدراسة أقول :

أنتم جزء من تكويني وبعض من ملامحى وذكرياتي وأحلامي الأولى حافظوا على روابط الطفولة فهي من أنقى أشكال الصداقة وأصدقها لقد كنّا تلاميذ وأصبحنا رجالًا ولكن الوفاء لتلك المرحلة يبقى هو أجمل ما فينا .

ما زلت أعتز بكل لحظة قضيناها معاً بكل ضحكة في الفسحة وكل تحدٍّ في الامتحانات وكل حلم شاركناه على مقاعد الدرس أنتم مرآتي الصافية وذاكرتي التي لا تشيخ وأجمل ما بقي من العمر الجميل .

رسالة من القلب

رسالتي في هذه السطور ليست مجرد حنين إلى ماضٍ جميل بل دعوة صادقة :
• للمعلمين: كونوا قدوة، فأنتم تصنعون رجال المستقبل .
• للمسؤولين: استثمروا في التعليم فهو الاستثمار الحقيقي الذي لا يخسر .
• للطلاب: لا تستهينوا بمدارسكم فهي تصنعكم .
• للآباء والأمهات: تابعوا أبناءكم علموهم أن المدرسة بيتهم الثاني .
• ولكل من يقرأ: لا تنسَ مدرستك، ولا معلمك ولا أصدقاء الطفولة فمن هناك بدأت الحكايه وهناك يُصنع الأمل .

إن بناء الإنسان هو أعظم ما يمكن أن تقوم به أي مؤسسة ومدرسة العائلة المقدسة بحلوان كانت بحق مصنعاً للرجال ومدرسة للحياة ومهداً لكل ما أنا عليه اليوم .

وإذ أبدأ بهذه المقالة أولى “محطات في حياتي” فإنني أؤكد أن هذه الرحلة لن تنتهي هنا بل ستتواصل ما دمت حيّاً أدوّن وأحكي للأجيال كيف تكون البدايات عظيمة حين تكون في مدرسة عظيمة .

من هناك بدأت الرحلة، وعلى الدرب نمضي… بكل فخر وامتنان

- بقلم لواء د. أحمد زغلول مهران: رئيس الهيئة الاستشارية العليا لمركز رع للدراسات الاستراتيجية، رئيس مركز دعم الابداع والابتكار والوعي المجتمعي.

مقالات خط أحمر أحمد زغلول مهران خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة