أكدت أسماء يوسف، الباحثة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن من أخطر سمات الخطاب المتطرف أنه لا يخاطب العقول بقدر ما يلهب العواطف، حيث يعتمد على التأجيج لا على الإقناع، وعلى تحريك المشاعر اللحظية لا على ترسيخ القناعات الواعية.

وأوضحت خلال حلقة برنامج "فكر"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن هذا يفسر سرعة انجراف بعض الشباب وراء هذا الخطاب، مقابل هشاشة التزامهم به عند أول مواجهة مع الواقع.

وأضافت يوسف أن أبرز مظاهر توظيف التنظيمات المتطرفة للخطاب العاطفي تتمثل في المبالغة في تصوير معاناة المسلمين في مناطق النزاع ونقل صور الدماء والدمار لإثارة الغضب والرغبة في الانتقام، حيث تُعرض هذه الصور خارج سياقها مع عبارات مثل "أين غيرتكم؟" أو "إلى متى السكوت؟".

كما أشارت إلى استخدام الشعارات والصرخات المدوية والأناشيد العاطفية وتكرار مفردات مثل "الجهاد" و"البطولة" و"الثأر"، ما يغذي العاطفة ويجمد العقل حتى لا يسأل المتلقي عن حقيقة ما يقال أو نتائجه.

وأشارت الباحثة إلى أن هذا الخطاب يقدم العمل الإرهابي على أنه بطاقة لدخول الجنة أو طريق سريع للشهادة، في حين يتم تغييب النصوص القرآنية الواضحة التي تحذر من قتل النفس البريئة مثل قوله تعالى: "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا"، مؤكدة أن هذه الآية تكاد تكون غائبة تمامًا عن خطاب الجماعات المتطرفة.

كما لفتت إلى خطورة الوعود العاطفية الساذجة التي تقدمها تلك الجماعات، مثل وعد الفقراء بالغنائم والشباب بالمجد والبطولة، والنساء بدور المجاهدات، وهي وعود تستغل لحشد الأنصار وإشعال الانفعالات.

وأوضحت يوسف أن الخطاب العاطفي المتطرف يقوم على ثنائيات حادة، مثل "المؤمنين مقابل الكفار" و"الأوفياء مقابل الخونة"، حتى يتم اختزال الحياة كلها في معركة عاطفية تلغي مساحات التعايش والرحمة التي أكدها الإسلام الحنيف.

وقالت الباحثة إن العقل في الإسلام ليس زينة فكرية، بل مناط تكليف، ومن خلاله يعرف الإنسان الحق من الباطل، ولذلك اختارت التنظيمات المتطرفة تعطيل العقل وتغذية العاطفة بخطاب مفعم بالمشاعر لكنه فارغ من المنطق والدليل.