جيش الاحتلال يبدأ استهداف أبراج سكنية في غزة


دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي برجًا في مدينة غزة، الجمعة، بعد إعلانه أنه سيستهدف مباني شاهقة اتهم حركة حماس باستخدامها، في وقت يكثف هجومه للسيطرة على كبرى مدن القطاع الفلسطيني والتي يتكدس فيها نحو مليون شخص.
ورغم الضغوط المتزايدة في الداخل ومن الخارج لوقف هجومها المستمر منذ نحو عامين في غزة، تعزز إسرائيل قواتها وتكثف قصفها وعملياتها على مشارف المدينة منذ إعلانها عزمها السيطرة عليها.
وقال الجيش في بيان الجمعة إنه "رصد نشاطا مكثفا لحماس داخل أبراج متعددة الطوابق، حيث جرى دمج كاميرات مراقبة، مواقع قنص، منصات لإطلاق صواريخ مضادة للدروع، إضافة إلى غرف قيادة وسيطرة"، مضيفا أنه سيستهدف تلك المواقع "خلال الأيام المقبلة".
وبعد أقل من ساعة، أصدر بيانا آخر أعلن فيه ضرب مبنى شاهق متّهما حماس باستخدامه "للتقدم وتنفيذ هجمات ضد القوات (الإسرائيلية) في المنطقة".
وأظهرت مشاهد مصورة لوكالة فرانس برس برج مشتهى في حي الرمال بمدينة غزة وهو ينهار إثر انفجار هائل في قاعدته مطلقا سحابة كثيفة من الدخان والغبار.
وأظهرت صور لما بعد انهيار المبنى عددا من الفلسطينيين وهم يبحثون بين ركامه.
وأكد الجيش الإسرائيلي قبل الضربات الجمعة أن هجماته ستتم بشكل "دقيق للحد من إصابة المدنيين من خلال إصدار تحذيرات مسبقة".
وقالت أريج أحمد (50 عاما)، وهي نازحة فلسطينية تعيش في خيمة جنوب غرب مدينة غزة، لوكالة فرانس برس إن زوجها "شاهد سكان برج مشتهى يرمون أمتعتهم من الطوابق العليا لنقلها والفرار قبل الضربة".
وأضافت في اتصال هاتفي "بعد أقل من نصف ساعة من أوامر الإخلاء، قُصف البرج".
واتهم المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني محمود بصل إسرائيل بتنفيذ "سياسة ممنهجة للتهجير القسري بحق المدنيين" باستهدافها المباني المرتفعة.
وأعلن الدفاع المدني مقتل 19 شخصا في مدينة غزة ومحطيها، من بين 42 فلسطينيا قتلوا في أنحاء القطاع الجمعة.
ولدى اتصال من وكالة فرانس برس طلبا للتعليق، قال الجيش الإسرائيلي إنه يحتاج إلى معرفة المواقيت الدقيقة والإحداثيات قبل أن يعلّق على أحداث بالتحديد.
وتحول القيود المفروضة على وسائل الإعلام في غزة والصعوبات في الوصول إلى العديد من المناطق دون تمكن وكالة فرانس برس من التحقق بشكل مستقل من الأرقام والتفاصيل التي يعلنها الدفاع المدني في غزة أو الجيش الإسرائيلي.
وقال أحد الأهالي ويدعى أحمد أبو وطفة (45 عاما) ويسكن في شقة أقاربه شبه المدمرة في الطابق الخامس من مبنى في غرب مدينة غزة إن "الأنباء عن بدء إسرائيل قصف الأبراج والمباني السكنية مُرعبة. الجميع خائفون ولا يعرفون إلى أين يذهبون".
وأضاف لوكالة فرانس برس في اتصال هاتفي "أطفالي مرعوبون، وأنا أيضا. لا مكان آمنا - كل ما نتمناه أن يأتي الموت سريعا".
وقال العضو في المكتب السياسي لحماس عزت الرشق أن "محاولات إسرائيل تبرير استهداف الأبراج السكنية بادّعاءات كاذبة عن استخدامها من حماس، ليست سوى ذرائع واهية وأكاذيب مفضوحة".
وتقدر الأمم المتحدة أن نحو مليون نسمة يسكنون في مدينة غزة ومحيطها، وهي منطقة قالت إنها تشهد مجاعة.
وحذّر مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس الجمعة من استمرار المجاعة في غزة، داعيا إسرائيل الى وقف هذه "الكارثة"، ولافتا إلى أن 370 شخصا على الأقل قضوا بسبب الجوع في القطاع المحاصر والمدمر منذ بداية النزاع.
من جهته، قال وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفوت لوكالة فرانس برس إن الاتحاد الأوروبي "ليس على مستوى المسئولية في هذه الأزمة الإنسانية الهائلة".
وصرح وزير الدفاع يسرائيل كاتس في بيان الجمعة "فُتحت أبواب الجحيم في غزة" متوعدا بتكثيف العمليات حتى تقبل حماس بشروط إسرائيل لإنهاء الحرب.
وتتوقع إسرائيل نزوح نحو مليون شخص باتجاه الجنوب جراء هجومها الجديد.
وبعد 700 يوم على هجومها على إسرائيل والذي اندلعت على أثره الحرب، نشر الجناح العسكري لحركة حماس مقطع فيديو يظهر فيه رهينتان إسرائيليان اختطفا في الهجوم، على قيد الحياة في مدينة غزة أواخر الشهر الماضي.
ويظهر في الفيديو الرهينة جاي جلبوع دلال في سيارة تجول بين مبانٍ مدمرة، يطلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو باللغة العبرية عدم تنفيذ الهجوم العسكري المخطط له للسيطرة على مدينة غزة.
ثم يظهر وهو يلتقي رهينة آخر هو الون أوهيل. وهذا أول فيديو يُنشر لأوهيل منذ اختطافه.
وتحدث نتانياهو إلى عائلات الرهينتين، حسبما قال مكتبه.
ونقل بيان لمكتب رئيس الوزراء عن نتانياهو قوله "لن يُضعفنا أي مقطع فيديو دعاية شريرة أو يحيدنا عن تصميمنا" على سحق حماس وتحرير الرهائن.
وتظاهر أقارب الرهائن ومؤيدون لهم في القدس وتل أبيب الجمعة للمطالبة بالإفراج عنهم.
من جهته، أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة إلى احتمال أن يكون قد قضى عدد أكبر من الرهائن المحتجزين في غزة، وقال إن الولايات المتحدة منخرطة في "مفاوضات معمّقة" مع حماس في خضم هجوم إسرائيلي جديد.
وقال ترامب في تصريح لصحفيين في المكتب البيضوي "قد يكون بعضهم قضى أخيرا، هذا ما أسمعه. آمل بأن يكون ذلك خطأ، لكن في هذه المفاوضات هناك أكثر من 30 جثة".
وكان ترامب أشار إلى وجود "نحو 38 شخصا ميتا"، واصفا إياهما بأنهم "شبان جميلون"، ليشير لاحقا إلى أن العدد 20 ومن ثم 30.
ومن بين 251 شخصا اختُطفوا في 7 أكتوبر، ما زال 47 محتجزين في غزة، 25 منهم توفوا وفقا للجيش الإسرائيلي.
وأسفر هجوم حماس عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
وأسفرت الهجمات والعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة عن مقتل 64300 شخص على الأقل، غالبيتهم من المدنيين، وفق آخر أرقام وزارة الصحة التي تديرها حركة حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.